أكد نشطاء وكُتّاب فلسطينيون على أن مسيرات العودة الكبرى التي ستنطلق نهاية مارس الحالي بمشاركة الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني هي إحدى الأدوات المهمة لمواجهة صفقة القرن الأمريكية والتي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، كما طالب النشطاء والكُتّاب بضرورة الحفاظ على سلمية الحراك الشعبي والحرص على عدم تصدّر الفصائل الفلسطينية للمشهد، خاصة مع استعدادات جيش الاحتلال الإسرائيلي لمواجهة هذا الحراك الشعبي على طول الجدار السلكي العازل الذي يقيمه حول قطاع غزة.
جاء ذلك خلال ورشة عمل عقدها معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية في مدينة غزة بمشاركة العشرات من النشطاء والكُتّاب والمحللين السياسيين الفلسطينيين تحت عنوان "مسيرات العودة، التحديات والآفاق"، حيث ناقش المجتمعون أهمية هذا الحراك الشعبي السلمي، ودوره في إحياء حق العودة الفلسطيني، مستعرضين التحديات والمخاطر التي تواجه الحراك، وسبل إنجاحه بُغية تحقيق أهدافه الوطنية.
من ناحيته فقد أشار عصام عدوان المختص في شئون اللاجئين الفلسطينيين بأن الحراك الشعبي هو حالة نضالية سلمية مبتكرة، أجمعت على إسنادها مختلف الشخصيات والفصائل والنقابات والمؤسسات الفلسطينية، على اختلاف توجهاتها ومشاربها السياسية، كما أشار إلى تشكيل العديد من اللجان المختصة لمتابعة تنفيذ الحراك على طول الجدار السلكي العازل المحيط بقطاع غزة بما يحافظ على سلمية الحراك الشعبي، وسعي الهيئة العليا للحراك للتنسيق مع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" كونها المؤسسة الأممية الراعية لحقوق اللاجئ الفلسطيني، مؤكداً على مشاركة فئات عمرية متنوعة ومن كلا الجنسين في هذا الحراك السلمي، مما سيُحدث حالة إرباك لجيش الاحتلال في مواجهة الإرادة الشعبية الفلسطينية.
أما ابراهيم حبيب المختص في الأمن القومي فقد نوّه إلى التحديات والمخاطر التي تهدد نجاح هذا الحراك الجماهيري، مؤكدا على ضرورة تصدّر اللاجئين الفلسطينيين من المخاتير والوجهاء إضافة إلى الفئات المهمشة من النساء والأطفال لهذا الحراك السلمي مع إسناد وتحشيد فصائلي شعبي لإنجاح الأهداف الوطنية للحراك، محذراً من إقدام جيش الاحتلال على افتعال مواجهات مع الحشود لإحداث حالة إرباك والعمل على تشتيت الألوف المحتشدة من خلال استخدام القوة ضد المتظاهرين الفلسطينيين السلميين، وهذا ما أكده الكاتب الفلسطيني جمال أبو عامر منوّهاً إلى أن دولة الاحتلال لا تكترث للقانون الدولي مما يستوجب الأخذ بعين الاعتبار تخطيط جيش الاحتلال إلى إصابة وقتل المئات من أبناء شعبنا دون وجود تحرك دولي فاعل لردع الاحتلال.
التحشيد الإعلامي قبيل وأثناء الحراك ومخاطبة الرأي العام العالمي هو تحدي يواجه الجهات المنظمة للحراك من وجهة نظر العديد من المشاركين بالورشة، حيث أكد أستاذ العلوم السياسية أسعد أبو شرخ على ضرورة استخدام مصطلحات حقوقية وإعلامية متوائمة مع القانون الدولي علاوة على إيجاد ناطقين إعلاميين بمختلف اللغات العالمية لتغطية الحراك الشعبي على مدار الساعة، وهذا ما أشار إليه أيضاً أستاذ القانون الدولي عبد الكريم شبير مقترحاً رفع لافتات بأسماء البلدات والمدن الفلسطينية المحتلة في تأكيد فلسطيني رمزي على التمسك بتطبيق قرار الأمم المتحدة 194 القاضي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى البلدات والمدن التي هجروا منها قسراً عام ثمانية وأربعين.
الكاتب الفلسطيني أكرم عطا الله أشار إلى قيام جيش الاحتلال بشراء معدات عسكرية خاصة بمواجهة آلاف المتظاهرين الفلسطينيين، في استعداد مسبق إلى مواجهة الحراك السلمي، مؤكداً على أن تنوع الفئات العمرية للمشاركين ستُحدث إرباكاً لدى الاحتلال في كيفية التعامل مع الموقف.
وفي ذات السياق أكد المختص في الشأن الفلسطيني عمر شلح على أهمية نجاح واستمرار الحراك السلمي مشيراً إلى أن التحدي الأبرز الذي يواجه الحراك هو إقدام الاحتلال على اعتقال آلاف اللاجئين الفلسطينيين بعد اجتيازهم الجدار السلكي العازل المحيط بغزة، كما أكد على أن إرادة الشعب الفلسطيني باتت اليوم أقوى من الآلة العسكرية لجيش الاحتلال.
بدوره فقد أشار المحلل السياسي إياد الشوربجي إلى أن نجاح هذا الحراك الشعبي الفلسطيني الذي يضم مختلف الفصائل والأطر الفلسطينية سيؤدي إلى تعزيز الوحدة الفلسطينية وإفشال المخططات الدولية لتصفية القضية الفلسطينية وفي مقدمتها "صفقة القرن" الأمريكية الإسرائيلية.
يجدر الذكر أن معهد فلسطين للدراسات الاستراتيجية يعقد بشكل دوري ورشات عمل وحلقات حوارية ذات طابع سياسي واقتصادي واجتماعي بمشاركة كتّاب ومختصين بهدف صياغة الاستراتيجيات المتعلقة بالشأن الفلسطيني ومواكبة الأحداث المحلية والدولية ودراسة مدى تأثيرها على القضية الفلسطينية.