خيارات (إسرائيل) في مواجهة مسيرات العودة...؟

التقاط.PNG
حجم الخط

 

 

مسيرات العودة فكرة انطلقت من رحم الحصار والمعاناة على يد شباب فلسطيني غير مؤطر سياسياً، تؤلمه صورة الحياة القادمة من مدننا الفلسطينية المحتلة عام 1948م، لا بطالة ولا فقر ولا انقطاع للتيار الكهربائي، ولا انتظار على المعابر وفي الموانئ، حتى بات الفلسطيني يسأل نفسه: أليس من حقنا العودة لأراضينا ومدننا التي هجرنا منها بشكلٍ قسري...؟ من وسط ذلك لقيت فكرة مسيرة العودة قبولاً واسعاً من قبل الفلسطينيين، وعكس المنظمون فلسفة جديدة في التعامل مع الاحتلال عندما تبنوا السلمية، وقرارات الشرعية الدولية (قرار 194 فقرة 11)، وأعلنوا أنهم لن يقتربوا من الحدود. اختاروا لمرحلتهم الأولى في الزحف الهادر يوم الثلاثين من مارس وهي ذكرى يوم الأرض، والمؤشرات تدلل أن حجم المشاركة ستكون مقبولة وستزداد مع ازدياد قناعة الفلسطينيون في جدوى تلك المسيرات، فلم يعد الفلسطيني يبكي على شيء يخسره.

يبقى السؤال الأهم، ما هي خيارات دولة إسرائيل للتعاطي مع مسيرات العودة...؟

خمسة خيارات أمام دولة الاحتلال لمواجهة مسيرات العودة:

1. خيار المتابعة والمراقبة عن بعد وتقدير الموقف بشكل يومي:

من المؤكد أن إسرائيل ستعمل على مراقبة المشهد عن بعد من خلال أدواتها الأمنية، ومراقبة حجم الحشود، فكلما زادت الحشود تزداد حالة الارباك لدولة الاحتلال، وعليه ستحدد إسرائيل خياراتها وفقاً لتقديرات الموقف التي تقدمها أجهزة الاستخبارات المختلفة في إسرائيل.

2. خيار الفض الناعم للجماهير: من المحتمل أن تعمل إسرائيل على استخدام أدوات الفض الناعم مثل: المياه العادمة والغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين وعدم السماح باقترابهم من منطقة الحدود مع تحديد منطقة أمنية عازلة.

3. خيار السماح للجماهير باقتحام الحدود: قد يكون هذا الخيار مستبعداً، ولكنه ممكن بحيث تسمح إسرائيل باجتياز المتظاهرين للسياج الفاصل، وسيكون المشهد على النحو التالي:

الصورة الأولى: اعتقال بعض الشبان وترحيل بعضهم الآخر لغزة بعد انتهاء التحقيق معهم.

الصورة الثانية: تعلن إسرائيل أمام العالم أجمع أنها سمحت بتطبيق قرار 194 وسمحت بعودة بضع مئات أو آلاف، وتوظف تلك الصورة أمام المجتمع الدولي بأنها لم تصد زحوف المهاجرين غير الشرعيين من وجهة نظرها، وقد تطالب بمساعدات مالية من الأمم المتحدة.

4. خيار الإفشال قبل الوصول للسياج:

يندرج تحت هذا الخيار عنوانين هما:

· الأول: الإفشال من خلال الطابور الخامس عبر صناعة أزمات، ونشر إشاعات، وإرباك المشهد بما يضمن تقليل نسبة الحضور والمشاركة في تلك المسيرات.

· الثاني: أن تعمل إسرائيل فوراً وبالتعاون مع المجتمع الدولي ودون أدنى اعتبارات لموقف السلطة الفلسطينية خطة إغاثة لقطاع غزة، تضمن فتح باب العمالة في إسرائيل، وفتح المعابر بشكل دائم وبما يضمن تدفق البضائع من وإلى غزة، وتسهيل الحركة من وإلى قطاع غزة، وزيادة مساحة الصيد، ودعم إقامة مشاريع مستدامة في قطاع غزة، وقد تذهب إسرائيل لتحويل أموال المقاصة الضريبة وقيمتها مليار وثلاث مائة مليون دولار سنوياً. وبعنوان عريض: رفع الحصار بشكل كامل عن قطاع غزة، وتجاوز معضلة من يحكم قطاع غزة.

5. خيار الفض الخشن: خيار محتمل بأن تعمل إسرائيل على إطلاق النار أو القذائف المدفعية على كل من يقترب من الحدود غير مكترثة من حجم الخسائر، وستوظف حجم العنف السائد بالمنطقة العربية لتبرير عنفها ضد شعبنا. ولكن قد يتدحرج هذا الخيار لمعركة عسكرية مع المقاومة الفلسطينية وهو ما لا تريده إسرائيل في الوقت الراهن التي تطمح تل أبيب بالاستفادة من المناخ السائد والداعم لعملية تطبيع بينها وبين بعض الدول العربية التي تعادي إيران.

الخلاصة: إن مسيرة العودة الكبرى بمراحلها المختلفة هي أحد أهم ابداعات الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده، وهي الخيار الأمثل الذي بدأ يحرك العالم أجمع للعمل على انقاذ غزة من خلال رفع الحصار الظالم عليها، لذا فإن المشاركة الواسعة تساهم بشكل كبير في النهوض بالمشروع الوطني الفلسطيني (العودة والتحرير)، وتعزيز الوحدة الوطنية، وتساهم أيضاً في دفع العالم للتحرك باتجاه رفع الحصار وانقاذ غزة.