نظمت دائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، اليوم الثلاثاء، جولة ميدانية في البلدة القديمة من مدينة القدس المحتلة، بمناسبة عيد الفصح المجيد الذي يتزامن الاحتفال به هذا العام مع مرور 70 عاماً على النكبة، و51 عاماً على الاحتلال العسكري لفلسطين.
وشارك في الجولة شخصيات دينية وممثلين عن المجتمع المدني، رافقهم خلالها وفد صحافي دولي من أهم المؤسسات ووسائل الاعلام الدولية والمحلية، بهدف اطلاعهم عن كثب على أثر سياسات الاحتلال على الوجود المسيحي في القدس، وعلى زمرة المعيقات التي تحول دون وصول الفلسطينيين المسيحيين من كافة أنحاء فلسطين الى مدينتهم المقدسة، وخصوصاً خلال فترة عيد الفصح .
وبدأت الجولة من فندق الامبريال القريب من باب الخليل، المدخل الرئيسي للبلدة القديمة حيث تحدث السيد وليد الدجاني الذي يملك حقوق استئجار الفندق من البطريركية الأرثوذوكسية عن محاولات الجمعيات الاستيطانية الحثيثة، وعلى رأسها جمعية "عطيرت كوهانيم" لبسط سيطرتها على هذا العقار ضمن خطة ممنهجة للاستيلاء على كافة الممتلكات الكنسية وتسريبها للمستوطنين.
وشدد دجاني على ان شعبنا لن يرضخ للسياسيات الاسرائيلية التهويدية للقدس، وسيبقى يدافع مع أبناءه عن هذا العقار لكي لا يقع في قبضة المستوطنين.
من جهته، قدم مستشار السياسات في الدائرة فؤاد الحلاق، عرضاً مفصلاً حول سياسات الاحتلال بعد ضمها للقدس والاستيلاء عليها، والتي هدفت بمجملها الى الحفاظ على أغلبية يهودية، وتصفية الوجود الفلسطيني لصالح بناء وتوسيع المستوطنات فضلاً عن فصل القدس الشرقية عن باقي فلسطين المحتلة. وقال: "لم تكتف اسرائيل بمصادرة الأراضي في القدس وبناء المستوطنات والمشاريع الاستيطانية غير القانونية، بل ما تزال تقوم بتضييق الخناق على المقدسيين، وذلك باتخاذ عدة اجراءات تعسفية بحقهم، مثل سحب هوياتهم وهدم منازلهم، والتعدي على المقدسات الاسلامية والمسيحية ومحاولة تغيير الوضع القائم فيها بهدف تهجيرهم قسرياً".
كما شرح مدير مركز القدس للعلاقات الكنسية يوسف ضاهر، قيام إسرائيل بتصعيد عدوانها على القدس ومقدساتها عندما اتخذت قرارا بفرض الضرائب على الكنائس ومحاولتها إقرار قانون يتيح مصادرة املاكها. وقال "إن قرار ترمب الأخير بشأن القدس شجع سلطات الاحتلال الاسرائيلي على اتخاذ المزيد من الاجراءات المعادية للوجود المسيحي في القدس، مما اضطر رؤساء الكنائس الى إغلاق كنيسة القيامة لمدة ثلاثة أيام احتجاجاً على ذلك حتى أن تراجع الاسرائيليون عن سياساتهم" .
ومن جهته، شرح رئيس التجمع السياحي المقدسي رائد سعادة، المعيقات التي تواجه قطاع السياحة في القدس، وخاصة أصحاب الفنادق، مشيراً إلى أنه تم اغلاق ما لا يقل عن خمسين بالمئة من الفنادق في القدس منذ عام 2000، بينما أغلقت حوالي 30% من المحال التجارية في البلدة القديمة. وأضاف: "ان السياحة في فلسطين هي المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي، كما انها ترتبط بشكل وثيق بثقافتنا وهوتنا الوطنية، ومنذ الاحتلال الاسرائيلي للقدس وعزلها عن باقي الضفة المحتلة لا تستطيع الاسواق المحلية الوصول للمدينة والاستثمار فيها، وبالتالي اصبحت القدس الشرقية مهمشة مما دفع بالعديد من رجال الأعمال لنقل مشاريعهم التجارية الى خارج المدينة، أضف الى ذلك صعوبات التنقل بين القدس وباقي مدن الضفة بسبب انتشار الحواجز العسكرية".
ثم توجه الوفد إلى كنسية القيامة، وخلال الطريق عرجت المديرة السابقة لمؤسسة كايروس فلسطين والناشطة المجتمعية، السيدة نورا كارمي، على بعض مراحل طريق الآلام وارتباطها الوثيق بالنكبة وذكرى الاحتلال ومواصلة معاناة الشعب الفلسطيني بسبب استمرار الاحتلال. وقالت "إن طريق الآلام متواصل منذ النكبة الى ذكرى الاحتلال في 1967، فالاحتلال يواصل سلب حرية شعبنا وحقوقه المشروعة، فبينما تسمح اسرائيل لأي يهودي كان بالعودة الى فلسطين والمطالبة باستعادة الممتلكات التي يدعي حيازتها قبل عام 1948، ترفض إسرائيل عودة أي فلسطيني شرّد قسراً من وطنه والمطالبة باسترداد ما كان يملكه."
وفي ختام الجولة تطرق أمين سر البطريركية اللاتينية في القدس الأب ابراهيم شوملي، الى العراقيل التي يفرضها الاحتلال الاسرائيلي على وصول المصلين المسيحيين الى مدينتهم المقدسة، وخاصة خلال عيد الفصح المجيد، رافضاً التعاطي مع ما يسمى "بنظام التصاريح. وقال "القدس هي أم كل الديانات ويجب أن تكون مفتوحة للجميع دون تمييز أو تفرقة، ومن حق جميع ابناء شعبنا الصلاة في القدس، إلا أن إسرائيل ما تزال تنتهك هذا الحق. وللأسف لن يتمكن أبناؤنا في غزة من المشاركة هذا العام باحتفالات العيد كون سلطات الاحتلال رفضت اعطاء التصاريح لأيا منهم، وان سياسات الاحتلال تلك بلا أدنى شك تهدد الوجود المسيحي في المدينة".
يذكر أن دائرة شؤون المفاوضات قد وزعت ملخصاً إعلامياً للدبلوماسيين والصحافة الدولية بعنوان "سبعون عاماً على النكبة: أثر السياسات الاسرائيلية على احتفالات عيد الفصح المجيد".