يواصل جنرالات إسرائيل مقابلاتهم الصحفية في الذكرى السنوية الأولى للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة المعروفه إسرائيليا باسم "الجرف الصامد" ليأتي اليوم "السبت" الدور على "نوحي ماندل" نائب قائد ما يسمى بفرقة غزة العسكرية وهي الفرقة المسؤولة عن منطقة قطاع غزة.
والتي خططت وأدارت ونفذت الحرب على غزة ليتحد عبر موقع " nrg" العبري عما اسماه بتحقيق إسرائيل للنصر الناجز والقاطع في هذه الحرب، متفاخراً بما ادعاه بنجاح جنوده بالفصل بين "الأعداء والمدنيين الإسرائيليين " ووصول جنوده إلى كل الأماكن التي أرادوا الوصول إليها برياً في غزة تفاخراً جاء على وقع ما قرره مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي تبنى قراراً بالتحقيق في جرائم حرب إسرائيلية ارتكبت أثناء الحرب على غزة.
وتناول الجنرال الإسرائيلي الحرب من عدة زاويا أهمها قوة الردع واستمرار الهدوء والإجابة على سؤال يتعلق بتحقيق النصر أم الاكتفاء بالتعادل السلبي دون أن ينسى الحديث عن رغبة ومصلحة إسرائيلي فيمن يحكم غزة ويسيطر عليها .
وحول ردع حماس أجاب الجنرال ماندل :"يتعلق الأمر بكيف تصف الردع ، يعني هل تتحدث عن شخص ما ارتدع جسدياً ومادياً وسحبت من بين يديه قدراته أو بسبب شيئ رسخ في رأسه وعقله؟ لا شك بأننا دمرنا قدرات حماس التي بنتها على مدى سنوات طويلة وأحبطنا عمليات واقتحامات كانت تحلم بتنفيذها لكنني لا أستطيع القول بالضبط ماذا يمر الآن في رؤوس قادة حماس الكبار، لكننا نرى أمرين بارزين وظاهريين للعيان، الأول أن الحركة تبذل جهداً مكثفاً لإعادة بناء قدراتها وفي المقابل نرى وبصورة قاطعه بأن حماس تمتنع عن إطلاق الصواريخ وتفرض منع إطلاق الصواريخ على الآخرين أيضا، والثاني إن حماس تمنع الاقتراب من الحدود وتعتقل عشرات السلفيين لأنها لا ترغب ولا تريد منهم إطلاق الصواريخ ويتحدون سلطتها.
وحول ما إذا كانت حماس تريد الهدوء قال الجنرال :"إنهم يريدون الهدوء لماذا؟سؤال مركب ومعقد. لو كان ذلك مجرد لعبة لأعجبهم إطلاق الصواريخ أكثر ولحظنا ذلك وهذا لا يعني بان العدو قد رفع يديه مستسلماً أو أنه يعتقد بأن ما وقع هو الحرب الأخيرة التي لا حرب بعدها على غزة لكنه في هذه اللحظة لا يعمل ضدنا ويحاول أن يمنع الآخرين من العمل ضدنا أيضاً" .
وحول ما إذا كان العدوان حقق أهدافه قال :"بكل تأكيد نعم ، صحيح لم نهزم حماس ونقهرها بشكل مطلق وهذا لم يكن أصلاً هدف العملية، لقد وصل الجيش إلى كل الأماكن التي خطط وأراد أن يصل إليها أثناء العملية البرية، ولا يوجد مكان واحد توقف فيه الجيش بسبب تحدي ومقاومة حماس بل سرنا دائما إلى الأمام ولقد حققنا انجازاً كبيراً بمنع مقاتلي حماس من مواجهة "مدنيينا " وجهاً لوجه وهذا ما رغبت وسعت اليه حماس لكننا فصلنا بين العدو والمدنيين الإسرائيليين بدماء وأجساد جنودنا.
وتابع :"حين تدرس جميع الحروب الأخرى تجد بأنه لم يكن هناك ضربة قاضية حققت هدوءا لسنوات طويلة وحسب رأي يوجد هنا نصر ، لا يوجد هزيمة ساحقة وحاسمة، هذا لم يكن ابدا ضمن أهداف لحرب ".
وعن محمد الضيف الذي حاول الاحتلال اغتياله في العدوان الأخير وإذا ماكان قد عاد للعمل العسكري مجدداً قال الجنرال:" أنا لا اعرف إذا ما عاد فأنا لست موجوداً في الغرف المغلقة وأنا لا أعرف بالضبط ما هي ميزة وخاصية محمد ضيف.
وأكد الجنرال أنهم لم يفاجؤا من قوة حماس خلال العدوان بقوله: "في الحقيقة لا لم نشعر بالمفاجأة ولم نقابل هناك مقاتلين محترفين من نخبويين في كل مرة واجه المقاتلون الإسرائيليين رجال حماس لا يوجد مجال للسؤال عن المنتصر فقد كان الفارق بين مواجهة وأخرى الزمن، فبعضها احتاج عدة دقائق أخرى كما نقوم بدراسة المواجهات واستخلاص العبر للقيام بذلك بصورة أفضل في المرة القادمة، لا شكل بأن نفقاً يخرج من باطن الأرض دون ان تعلم عنه شيئا يعتبر أمراً مفاجئاً لكن السؤال هو كيف كانت القوات مجهزة ومستعدة والزمن الذي احتجنا اليه للاشتباك المباشر مع العدو وهل نجح العدو بضربنا وتحقيق ما أراد ؟ في كل المرات وصلنا للاشتباك المباشر خلال دقائق وكانت القوات مستعدة بطريقة جيدة وهذه بالضبط النقطة المهمة من وجهة نظري".
وعلى صعيد آخر وحول العدوان السابق على غزة قال الجنرال ماندل:" لقد فرضوا علينا عملية الجرف الصامد التي انجررنا لها وهذه لم تكن معركة مخططة مسبقاً لقد كان في أوج عملية " إعادة الإخوة " والمتمثلة بالتفتيش عن المستوطنين الثلاثة الذين اختطفوا وفي هذه الأثناء بدأ إطلاق الصواريخ من داخل غزة وهنا أقحمت حماس نفسها إلى قلب المواجهة وحين لم يكن لدينا خيار أخر دخلنا وقد نفذنا ما هو مطلوب وضروري.
وتابع : "نحن حقاً لم ننجر ، وإذا نظرت على ما قمنا به حول الأنفاق يتضح لكن بأن الأمر لم يكن عبارة عن تورط وركضاً خلف الأحداث بل كان هناك امتلاكاً لزمام المبادرة .
وحول الأنفاق قال الجنرال :"في كل حرب ووضع تنفيذي عملياتي هناك أشياء تعلمها مسبقا وتجهزت لها وأخرى تعلم عنها القليل ففي حرب أكتوبر تفاجأنا من صواريخ " ساغر" المضادة للدروع وتعلمنا خلال القتال كيف نواجهها ونتعامل معها وفي حرب لبنان الثانية واجهنا " المحميات الطبيعية" التي أقامها حزب الله وطورنا بعد الحرب أساليب وطرق لمواجهتها وأنا اعتقد أيضا بان قدرتنا على دخول الأنفاق خلال عملية الجرف الصامد لم تكن بالمستوى المطلوب وبكل تأكيد تعلمنا الدرس ولا شك لدينا بأنه كان من الضروري أن نصل إلى الأنفاق مجهزين بوسائل معينة ومستعدين بشكل أفضل لكن هناك استخلاص للعبر واليوم لا يوجد تدريبات لا يشكل فهيا البعد " التحت- ارضي" في غزة عنصراً جوهريا فيها".
وأضاف:" الهجوم الجوي أو احتلال مداخل الأنفاق بصورة ناجعة وبالتالي تحييد قدرة الأنفاق وحين نصل إلى مناطق عمرانية يصبح الأمر أكثر تعقيدا وهناك حالات نجحوا بضربنا من داخل الأنفاق وخلقوا الكثير من حالات غياب الخيارات الأخرى ففي جزء من هذه الحالات اضطررنا للدخول بريا كما حدث في قضية " هدار غولدن " الذي اختطفوه إلى داخل النفق وأدركنا نتيجة هذه الأحداث ضرورة أن نجهز أنفسها ونستعد بشكل أفضل وجزء من هذا الاستعداد و امتلاك القدرة للرد الهجومي الى داخل النفق ومطاردة من في داخله يجب علينا لتحقيق ذلك بناء قدرة تكنولوجية وإجراء الكثير من التدريبات حتى نعتاد القيام بذلك وهذا ما نقوم به الآن.
وتابع :" لا أعرف إذا ما كان هناك انفاق اجتازت الحدود فما يجري تحت العارض أمراً معقداً يمكنك أن ترى معسكرات التدريب التابعة لحماس لكنهم بكل تأكيد لا يضعون لنا شارة تؤشر إلى مكان وجود النفق ويقولون لنا "نحن نحفر هنا" لكنني أمل أن تؤدي قدراتنا إلى استكمالات منظومتنا الدفاعية ".
وأكد الجنرال أن إسرائيل تفضل أن تبقى حماس مسيطرة على غزة بقوله :"هذا مهم لأن الفوضى هي أسوأ الأشياء حينما يغيب الطرف الثاني الذي يمكننا أن نؤدي معه رقصة "التانغو " فأنت تواجه معركة مركبة ومعقدة لذلك تعتقد الجهات الأمنية الإسرائيلية بضرورة وجود طرف يمكننا دراسة وتشريح نواياه وأفكاره ورغباته، بشكل عام أما نحن نجيد التعامل مع منظمة ذات مؤسسات وبناء مؤسسي أكثر من منظمة كل شخص فيها يفعل ما يريد لذلك هذا الموقف لم يأت نتيجة حبنا لحماس أو اعتقاد بأن حماس هي صديق وحليف لنا فهي عدونا السيء وتضم أفراد متعطشين للدماء لكنهم معروفين وهي حركة معروفة لدينا لذلك نفضلها على غيرها ".
وحول ما إذا كان هناك مواجهة أخرى مع حماس قال :"بكل تأكيد يمكن أن يحدث ذلك ، لكنني لا أجيد التنبؤ، عدد المتغيرات في قطاع غزة كبير جداً لذلك لا يمكن توقع مسار المستقبل، يمكن ان يجر تدخل خارجي الأمور إلى المواجهة كما حدث قبل عملية الجرف الصامد فليس من الضروري أن تنفجر المعركة القادمة نتيجة قرار حاسم نتخذه نحن أو هم لكن محتمل جداً أن تتورط الإطراف في مواجهة بسبب السلفيين او المصريين أو الجمهور الداخلي أو نتيجة غياب الانتباه العالمي لما يجري في غزة كل هذه العوامل قد تؤدي إلى حالات تدهور مختلفة لذلك نعمل كل ما في وسعنا للحفاظ على حماس" مردوعه " وخائفة وبالتالي تأجيل المواجهة القادمة لكن احد لا يمكنه القول بان هذه المواجهة قد تقع بعد أشهر أو بعد سنوات" .