عدم كفاءة القوانين واستمرار دوامة الأغذية الفاسدة!!

التقاط.PNG
حجم الخط

 

بين الفترة والأخرى تقوم الجهات المختصة بإحالة تجار وموردين وبائعين، الى النيابة العامة، او الى المحاكم، وذلك بسبب الاتجار أو الترويج للأغذية الفاسدة، بأنواعها المختلفة، وفي العادة لا يتم الاعلان عن أسماء التجار، أو حتى عن تفاصيل التهم، وعن نوعية وكمية الاغذية الفاسدة التي تمت بصلة الى التهم، وبالإضافة الى الغموض والى عدم الوضوح في مثل هذه الاعلانات، فإن القضية وإن وصلت الى المحاكم، فإنها تأخذ وقتا طويلا، وحتى وإن تم الحكم فيها، فإنه في العادة يكون على شكل غرامات أو سجن لفترة قصيرة، أو حتى البراءة لعدم توفر الأدلة، وبالتالي عدم ثبات التهم، ومن ثم تتواصل دوامة الاغذية الفاسدة أو غير الصالحة أو المهربة.

ما زلنا نقرأ أو نسمع وبشكل شبه يومي، عن ضبط مواد غذائية وغير غذائية، فاسدة أو غير صالحة أو منتهية الصلاحية، وبالطبع فإن وراء عملية إحضار هذه الاغذية الى السوق، ومن ثم الى المستهلك الفلسطيني، من المفترض أن يكون أشخاص أو مجموعات أو مهربين أو جشعين، وما الى ذلك، وبالتالي ما نقرأه في إعلانات الضبط هذه، هو عن المصادرة والاتلاف، وبدون أية معلومات أو توضيحات عمّن يقف وراء هذه الدوامة من المواد الفاسدة، والذي، وفي ظل غياب قوانين رادعة، أو في ظل عدم كفاءة القوانين الحالية، لا يبالي من يقوم بإيصال المواد الفاسدة الى السوق الفلسطيني، وبالتالي تستمر الدوامة والتخبط والقلق والخوف، عند المستهلك الفلسطيني.

ورغم الاعتراف أن هناك عوامل خارجية من الصعب علينا وضعها تحت السيطرة الكاملة، مثل عدم التحكم في المعابر والحدود، والتهريب، والتي من الممكن أن تؤدي الى التزايد في نوعية وكمية المواد الفاسدة وبالتالي تزايد في كمية المكتشف منها، الا ان هناك عوامل داخلية أو ذاتية نستطيع ان نركز عليها او نتعامل معها بموضوعية وبالتالي نقلل من وصول المواد غير الصالحة او الفاسدة الى أفواه المستهلك الفلسطيني، وان هناك اساليب أو طرق يمكن اتباعها من قبل الجهات المسؤولة للحد من تراكم المواد الفاسدة في الاسواق، ولفترة طويلة قبل اكتشافها، او حتى عدم اكتشافها.

ومن هذه الاساليب القيام بتوعية المستهلك بأسباب فساد الاغذية، أو عدم صلاحيتها، وللقيام بذلك فإنه مطلوب بناء جسور الاتصال وقنوات تبادل المعلومات مع المستهلك، ولا اعتقد ان غالبية المستهلكين الفلسطينيين في الوقت الحالي تعرف كيف والى اين تتجه في حال اكتشاف أغذية أو أدوية أو مواد سواء منتهية الصلاحية أو مشكوك في أمرها، أو حتى نتج عن استخدامها مضاعفات سلبية. وعدا عن ذلك ولو افترضنا أن المستهلك قد قام بايصال المعلومة الى جهة معينة، فهو لا يعرف كيف يتابع، أو لا يتوقع ان تقوم الجهات التي تم إعلامها بالتحرك والمتابعة والاهم التواصل معه لابلاغه ما حدث. وحتى يتم إصلاح هذا الخلل، سيبقى المستهلك الفلسطيني بعيداً عن التواصل والتعاون مع الجهات الرسمية، وستبقى مواد فاسدة أو جزء منها ينتشر ويتراكم في الأسواق وبالتالي يصل الى أفواه الناس.

وهذا يحتاج كذلك، الى العمل على أكثر من مسار، للحد من هذه الظاهرة، وهذا يتطلب زيادة في عدد الأفراد الذين يقومون بالتفتيش، وتطوير فعاليتهم، وإجراء المزيد من الفحوصات المخبرية وبشكل دوري ومنظم لعينات غذائية متعددة، وكذلك التعاون والتنسيق بين الجهات المتعددة العاملة في مجال حماية المستهلك، من وزارات وجهات رسمية وجمعيات مجتمع مدني وإتحادات الغرف التجارية والتجار والمستهلك نفسه.

ومع تراكم القلق والخوف من دوامة الأغذية الفاسدة، فإن الأهم في هذه الدوامة المتواصلة، هو العمل الجدي والفوري، لمراجعة وتعديل القوانين الحالية، لكي تكون رادعة، وحتى يتم إعداد قوانين تتناسب مع حجم المشكلة، التي يواجهها المستهلك الفلسطيني. فمن المفترض أن يتم إتخاذ الإجراءات المطلوبة ومنها الاجراءات القضائية بحق من يروج الى الأغذية الفاسدة، وأنه يجب تطبيق القوانين الحالية وبحزم وعلى الملأ وخاصة على الجهات التي تسوق الاغذية الفاسدة وبأنواعها، وإن لم يتم ذلك فإن المنتجات الفاسدة سوف تبقى في الأسواق، حيث من الممكن اكتشاف وإتلاف جزء منها، وبالتأكيد سوف يصل الجزء الآخر الذي لا يتم إكتشافه الى أفواه الناس وما لذلك من تداعيات، وبالأخص تداعيات بعيدة المدى!!!