في مشهد يعتبر هو الأول من نوعه طيلة فترة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، يجسد شعبنا العظيم أيقونة الانتماء للوطن، كيف لا وهو من ضحى على مر العصور ولا زال يضحي، لنيل مراده المقصود والمجسد بتحرير كل فلسطين وجعل القدس عاصمتها الأبدية.
فعاليات مسيرة العودة الكبرى، جسدت للعالم بأسره، بأن الفلسطيني يستحق الحياة وليست أية حياة، بل حياة كريمة مفعمة بالأمن والسلام، خالية من أنفاس من سلبوا حق فلسطين المعلوم ألا وهم من ينتمون للكيان الإسرائيلي الغاشم.
سلمية سلمية، هي الكلمة السائدة بين أوساط المشاركين في الفعاليات الرامية لإثبات حق العودة لأراضينا المحتلة والتي يسيطر عليها العدو الصهيوني، منذ مئات السنين بعد منحهم أرض فلسطين وطنًا بناء على قرار بريطاني منتهك لكافة القوانين الدولية أطلق عليه "وعد بلفور المشؤوم"
مسيرات العودة، نادت لها كل الفصائل الفلسطينية والأطر العاملة في الميدان بكافة أشكالها، إذ بدأت فعالياتها يوم الجمعة المنصرم بتاريخ 30/مارس من العام 2018، "ذكرى يوم الأرض"، وعلى مقربة من السياج الأمني الفاصل بين قطاع غزة وأراضينا المحتلة عام 48.
أكل شعبي وأهازيج وأغاني تراثية ووصلات رقص، أجواء سادت المناطق الشرقية لقطاع غزة، حيث خيام العودة المنصوبة، وعلى مقربة من بندقية محتل غاشم لا يفرق بين سلم أو حرب، كيف لا وبزته العسكرية موشحة بلون القتل والدم.
شهداء بالعشرات وجرحى بالآلاف، سقطوا إثر قمع الاحتلال لفعاليات المسيرة السلمية، وبرغم ذلك لم يجزع الشعب الفلسطيني عن تأدية واجبه الوطني والديني، بل عمّت أجواء الإصرار والمنافسة بين المتواجدين على الحدود الشرقية، شعارها "أنا من سيقدم أفضل وسأجسد روح الانتماء للوطن بصورة وبطريقة أفضل منك".
الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه وأجناسه وأعماره، لديه ما يكفي من الإصرار ليدلل على أحقيته بأرضه المغتصبة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، فسرعان ما يبتكر فكرة هي الأفضل من سابقتها ويطبقها على أرض الواقع، لينال من عزيمة العدو الغاشم إلى حين دحره.
علم فلسطين بألوانه الأربعة "الأحمر والأسود والأبيض والأخضر"، هو الذي رفرف ولا زال يرفرف على الحدود الشرقية، فحب الوطن والانتماء له أقوى من كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية والتي ضربت كل حقوق الشعب الفلسطيني بعرض الحائط ولم تأبه لذلك ولو للحظة.
"جمعة الكوشوك"، هي الجمعة الثانية، لاستمرار فعاليات مسيرة العودة، وسعى المشاركون بالمسيرة، لجمع مئات الآلاف من اطارات السيارات وزجّها على الحدود الشرقية ليتسنى لهم حرقها وينشب بذلك الدخان الأسود الذي يعمل على حجب الرؤية لدى قناصة الاحتلال المتمركزة شرق غزة.
أجواء مفعمة بالرهبة والارتباك، سادت أوساط المجتمع الصهيوني، نتيجة تصاعد وتيرة الأحداث على الحدود الشرقية لقطاع غزة، ما أدى لإجبار جيش الاحتلال، إعلان منطقة الحدود الشرقية، منطقة عسركية مغلقة ظانَا بذلك بانه سينال من عزيمة وإقدام شعب لا يكل ولا يستكين طالما حقه مسلوب.
جيش الاحتلال، حشد وسخر كل طاقاته ليقمع فعاليات مسيرة العودة لكن هيهات هيهات فهي باقية ودائمة إلى حين دحر الاحتلال من فلسطين كل فلسطين، حتى يتسنى لنا العودة إلى أراضينا المحتلة ويكون باستطاعتنا الأكل من حلويات نابلس وفواكه الخليل، والاستجمام ببحر يافا عروس البحر، والصلاة بالمسجد الأقصى المبارك "القبلة الأولى للمسلمين"، وزيارة كنيسة المهد والقيامة.