المتوكل طه " حنّون على أسلاك غزّة "

0db65130d52c2d65c04ecc2edc88f5f5.jpg
حجم الخط

ماذا تنظرُ !

 

لمزيدٍ من جُثثٍ

 

يحملها الناسُ على الأكتاف ؟

 

ماذا تنظرُ !

 

لشهيدٍ آخرَ مجهولَ الأوصاف ؟

 

ماذا تنظرُ !

 

لجريحٍ إثْرَ جريحٍ

 

يسكبُ خلفَ عجاجِ الرّملِ شرايينَ الأعطاف !

 

وماذا ستُحقّقُ من هذا المَشهدِ ؟

 

ستحرّرُ غزّةَ من طوْقِ العُزلةِ ،

 

أو تفتحُ كلَّ شبابيكِ الكونِ عليها !

 

هل كانَ الموتُ المجّانيُّ سبيلَ المشتاقين إليها ؟

 

وكيف تلوّث أشجارَ الغيمِ على كفّيها ؟

 

***

 

لم ألْقَ سوى النارِ

 

لأُحرقَ هذا الغولَ الباعثَ ألف جحيمٍ

 

في عينيها !

 

هل أطفأ أحدٌ منكم لهباً يمشي في ثدييها ؟

 

فماتَ الرُّضَّعُ بين يديها !

 

هل أوقفَ أحدٌ قصْفَ ثلاثِ حروبٍ زلزلتِ الأرضَ

 

وحرَّقَتِ البحرَ وسوَّدَتِ الأرجاء ؟

 

هل حطّمَ أحدٌ قفلَ السجنِ وشَرَّعَ بابَ القبوِ ؟

 

أجيبوا يا كلَّ الشرفاء ؟

 

لا نبغي غيرَ فضاءِ الطيرِ

 

وخبزٍ أو ماءٍ ودواء !

 

وأُقَبِّل رأسَكِ يا أُمَّ الشهداء !

 

***

 

هذي الأرضَ يُحرّرها أبناءُ مناضلْ

 

ومُقاتلْ .. ونعلن ؛

 

لا بُدَّ من الميزانِ العادِلْ

 

الطَلقةُ بالطلقةِ

 

والثاكلُ بالثاكلِ

 

والعاقلُ بالعاقلِ ..

 

والصّاعِدُ فينا ليس قتيلاً، لكنّ الآخَرَ قاتِلْ ؛

 

مَن حاصرَها ،

 

مَن أغرقها في العتمةِ ،

 

مَن أحرقها بالصمتِ ،

 

ومَن يأخذها للقِسْمَةِ

 

والسائلُ إنْ أنْكَرَ ذاهِلْ

 

وثَمَّ عَزاءٌ رغم جِراحاتِ الآلافِ

 

وأعراسِ المحمولين على الأكتاف ..

 

فالموتَ تساوى فيكِ مع الموتِ

 

وظلَّ السيّدَ والسائد !

 

فلماذا لا نذهبُ بالكاوتشوكِ

 

وبالأحجارِ

 

وبالمقلاعِ

 

وباللحمِ المدبوغِ ببيتِ النار.. إلى الأسلاك ؟!

 

وذاكَ هلاك !

 

لكنّ المقتولَ، وإن ماتَ ، فقد دقَّ التابوتَ !

 

ولم ينتظر الذلّ مع الجوعِ وإغلاقِ البوّابات ..

 

وكيف يموت .. مَنْ ظلّ على الأرض يعانِد ؟

 

يكفي أنْ قامَ شهيداً..

 

وعلى الأسلاكِ صُراخُ الحَنّونِ الشاهد .

 

***

 

يا شَعبي الصامدُ والخالد ..

 

اخرُجْ في وجهِ القِسْمةِ ،

 

وَحِّد روحَكَ !

 

دمُكَ القدسيُّ سيكشفُ عُريَ النَخَّاسِ

 

ووجهَ الفاسِدْ ..

 

واخرُجْ كالطوفانِ المارِدْ

 

في دربِ البائعِ والظالمِ والغاشِمْ

 

يا شعبي في غزّةَ هاشمْ !

 

يا مَن علّمتَ الدنيا كيف تُقاوِمْ ..

 

لا ترحَمْ مَن قتلوكَ ومَن ذبحوكَ .. وإنّي

 

إنّي أنتظرُ القادِم

 

إنّي أنتظرُ القادِم ..