في العام 2015 تصدرت الصالونات السياسية وجلسات السمر لعدد من القيادات والكتاب والمهتمين ما تسرب حول نية الرئيس تقديم استقالته وانتابت الوسط الطامح حمى البحث عن بدائل ممكنة تضمن انتقال سلطات الرئيس للخليفة المنتظر وكيفية تمرير تعيين نائب للرئيس يتمكن من مقعد الرئاسة في حالة شغوره وتخطي معضلة القانون الفلسطيني ونصوصه الواضحة في هذا الموضع وكان لنا رأي طرحناه حينها من رام الله في مقال بعنوان " نائب الرئيس بدعة ستقسم المقسم والمنقسمين ،، والاستقالة تقدم للتشريعي في القانون " نشر في 15/8/2015 ... مازال هو ذاته الموقف ثابت لم يتغير .
وما اشبه اليوم بالأمس حيث تصاعدت الآراء والتحليلات وثارت الرغبات والغرائز الطامحة مع دخول الرئيس عباس للمشفى واختلطت الشائعات بالحقائق وتركزت الأنظار على مقعد سيادته في تجاهل كامل للوقائع على الأرض ومعها المصلحة العليا للشعب الفلسطيني التي ذابت امام الرغبات الشخصية فقد استمعنا وقرأنا لفيض من السيناريوهات و التصورات لما بعد مرحلة الرئيس عباس جميعها تجاهلت ما يريده الشعب الفلسطيني ومعظمها افترضت انه يمكن تمرير خلافة الرئيس عباس عبر بعض المؤسسات التي هي بحد ذاتها تفتقر للإجماع الوطني ويشكك في شرعيتها بعد فرض الإرادة الشخصية عليها وعلى راسها مجلس المقاطعة الأخير وكلها تجاهلت حالة الانقسام الوطني والفتحاوي فما كان يمكن ان يحتج به سابقا عندما برزت جدلية نائب الرئيس اصبح غير متاح الان بالمطلق بسبب الجدل على المؤسسات الفلسطينية والفتحاوية ذاتها .
والى أولئك الذين يرفعون فزاعة حماس إذا ما تم الالتزام بالقانون الفلسطيني وللتذكير فقط عندما كان غالبية نواب المجلس التشريعي السابق من أبناء فتح يصيغون القانون الفلسطيني (القانون الأساسي - النظام الداخلي -قانون الانتخابات...الخ من القوانين) وحسب ما سمعناه من اعترافاتهم فيما بعد أن بعضهم كان مقصه يفصل حسب مقاس المصلحة الوطنية، وبعضهم الآخر كان يحمل مقصه ويفصل حسب مقاسه الشخصي، والبعض الأخير كانت مقصاتهم تفصل حسب مقاس تحجيم وتقليص دور ونفوذ مؤسسة الرئاسة.
ولكن بالنتيجة أنجزوا ما لم ننجز ربعه في المجلس الحالي وجاءوا لنا بمولود أسموه القانون الفلسطيني وصادق عليه الشهيد الخالد أبو عمار وحتى لو كان هذا المولود مشوها ،أو كان في الماضي على مقاسنا واليوم لم يعد كذلك وبغض النظر عن رأيي فيه وتحفظاتي عليه فان الالتزام به يحمي الوطن من تقسيم المقسم ويقي المنقسمين داخل فتح وخارجها شر المزيد من الشتات ويصون ما تبقى من أسس الوحدة الوطنية عبر وأد فتنة جديدة سيلعن الله والتاريخ من أيقظها خاصة وأن الوطن والشعب يكفيه ما لديه من نتائج الفتن السابقة التي تحتاج الى سنوات لعلاجها ، وقد يزاود البعض فيقول وهل نسلم رقابنا لحماس ؟ أقول له "بل نحن نسلم رقابنا لشعبنا وهو من سينصفنا إذا كنا نستحق الأنصاف " ولا تنسوا أن من فصل القانون ليست حماس، وقد يقول البعض أنها فرصة أن يصدر الرئيس قرار بقانون (على الموضة) يقضي بتقليص دور التشريعي وتوسيع صلاحيات الرئاسة ويتناسوا أن أخوتنا في المجلس التشريعي السابق عندما وضعوا القانون لم يحلموا في أسوأ أحلامهم بأن تحصد حماس غالبية مقاعد التشريعي أيضا، فلماذا تستبعدوا أن تحصد حماس مقعد الرئاسة ؟؟ .
لو افترضنا أن هناك قدرة على إحلال خليفة للرئيس فمن أين سيستمد شرعيته ؟؟ القانون الفلسطيني لا يسمح والشعب لن يعطيه الشرعية إلا بالانتخابات وتعيينه لن يجمع عليه أحد وسيكون سببا للاشتباك الفلسطيني الداخلي وصب زيت الفتنة على نار الانقسام ولن يؤد للانتخابات وتجديد الشرعيات ،ولو افترضنا أنه تجاوز الخلافات وأصبح جامعا مانعا داخل فتح والمنظمة و حصل على الشرعية من المؤسسات الفلسطينية مثل اللجنة المركزية والمجلس الثوري لحركة فتح واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير والمجلس الوطني والمركزي المختلف عليهن وطنيا وفتحاويا , وربما يحصل على مبايعة بعض الفصائل الصغيرة فهل هذا كاف للشرعية بأن يقود البلد .
ثم لو افترضنا أنه حصل على الشرعية العربية والدولية رغم استبعادي لذلك وحتى إذا حصل على الموافقة الأمريكية والإسرائيلية فلن يستطيع ممارسة الحكم دون موافقة شعبنا لذلك فأنني أدعو للالتزام بالقانون وتجنيب شعبنا مزيد من الفتن في حال شغور منصب رئيس السلطة و الأجهزة الأمنية ومؤسساتنا الوطنية وجماهير شعبنا في المحافظات الشمالية يمكنها أن تشكل ضمانة لتنفيذ القانون وسيادته, وبما ان خروج الرئيس من المشفى قد بدد الشائعات التي رافقت مرضه فإنني ادعوه ان يعتبر مما حصل وانصحه ان يرى السيناريوهات التي طفت خلال هذه الفترة بعين مجردة وان يصنع شيء اخير يحسبه له شعبنا بتجنيبه الصراع الذي سينشأ في اليوم التالي لرحيله فهو لديه من الخبرة والسن ما يجعله على يقين بان الاعمار بيد الله , وحتى اذا رغب بتجديد شرعيته وترشح لفترة رئاسية جديدة فليضع الجميع أمام مسؤولياته خاصة بعد أن التزمت حماس أمام الأشقاء المصريين وأعلنت عن موافقتها أمام شعبنا على اجراء الانتخابات فالممر الوحيد الامن هو الشروع الفوري بإصدار مرسوم رئاسي لأجراء انتخابات حرة وعامة للمجلس التشريعي والرئاسة والمجلس الوطني يقرر فيها شعبنا ما يريد ورغم أنني شخصيا لن أنتخب الرئيس عباس وسأدعو لعدم انتخابها ولكن أذا أنتخبه الشعب الفلسطيني سأكون أول الملتزمين به .