بأي حالٍ جئت يا عيد، ودموع الأطفال لم تجف شوقًا على أحبة فقدوهم ،ففي مثل هذا اليوم عادت إلى سجى ذكريات كثيرة كصورة أمها وهي واقفة تصفف شعرها، تمسك بيدها أكوابًا من الحليب لصغارها، وعلى قسمات وجهها الألم، وجسد إخوتها الذين مزقت أجسادهم قذائف الاحتلال.
سجى زعرب (10 أعوام) من الحي السعودي في رفح جنوب قطاع غزة، أخت لأربعة أطفال شهداء وليد(6 سنوات)، ومعتصم (3 سنوات)، وأحمد (16 سنة)، ومحمد (14سنة)، وأمها التي لم تبلغ من العمر سوى (38 عامًا)، فقدتهم جميعهم في المجازر الصهيونية الهمجية التي طالت قطاع غزة خلال عيد الفطر الماضي.
يلازم سجى التعب والحزن وهي تتحدث عن ذكريات حياتها مع أسرتها: "لم اطيق الجلوس في بيتنا، الذي دومًا اتخيل فيه أمي وأخوتي، هذا الأمر يستمر معي طيلة مكوثي في البيت، لذلك أفضل أن أكون في بيت جدي فأجد الجميع حريص على أن يخفف عني ".
وتضيف سجى وهي تعرض لنا بقايا ملابس وألعاب أخوتها، وآثار الدم ما تزال عليها قائلة:" لي أخت في مصر، حرموني من اللقاء بها، وأنا أشتاق لها، وطلبت من المسؤولين مراراً أن يسهلوا سفري عندما فتح المعبر، لكن للأسف لم يسمحوا لي بذلك".
وإصطحبتنا سجى الى قبر أمها الذي لم يبعد كثيرًا عن بيتها حاملةً في يدها ألعابها الصغيرة ووردة لتعايد بها على أمها، وهناك حدث الألم الأكبر، فصرخت بأعلى صوتها "أريدك يا أمي"، لم يكن وقع هذه الكلمات عادية على الحضور فبدأ الجميع بالبكاء.
وتصف سجى شوقها لأمها بطفولتها البريئة " كأن أحد يشد شعري ببطئ، فأشعر بألم كبير.
مصطفى زعرب (42 عامًا) والد سجى يتحدث بنبرة الألم:" استقبلت خبر الإستشهاد بصدمة كبيرة، فلم استطيع استيعاب ذلك، والحزن الأكبر هو أنني لم أودع أطفالي وزوجتي، ما يترك بداخلي شوق أكبر لهم".
ويتابع "لقد مر عام على الحادثة، ولكن الحياة لم تمر علينا إلا بالقسوة، فكان أطفالي ولايزالوا رغم الغياب مهجة قلبي".
وأضاف"طوال رمضان لا اجلس في البيت حتى لا أستحضر شريط الذكريات المؤلمة وأتواجد في بيت عمي أو بيت أخي أو عملي ".
ويرسل مصطفى رسالة إلى المقاومة الفلسطينية قائلاً:" إننا معكم أرواحنا ترخص لكم، صامدين لصمودكم وقوتكم، انتم من تعيدون شرف هذه الأمة لا المفاوضات والاتفاقيات كلها لا تغني شيئًا".
وتعد حالة سجى قصة من عشرات القصص المؤلمة لأطفال حرموا من الحياة ليس سبب سوى لأنهم فلسطينيون.