عن التجاوب والقبول، وعن الثمن

صادق الشافعي.jpg
حجم الخط

* الكابينت ( الحكومة المصغرة) في دولة الاحتلال ترفض أفكاراً طرحها رئيس الوزراء نتنياهو بتقديم بعض التنازلات في مسألة المستوطنات العشوائية، وربما في بعض ضواحي (بلدات) القدس، من أجل الظهور بمظهر من تقدم تنازلات وتسهل على الرئيس الأميركي تمرير مشروعه.
* الكنيست يقر بشكل نهائي خصم رواتب الأسرى من أموال الضرائب التي تجنيها دولة الاحتلال لصالح السلطة الوطنية الفلسطينية.
* المحكمة العليا لدولة الاحتلال تكافئ القلة من الفلسطينيين الذين سقطوا وتعاملوا مع العدو وتم سجنهم، تكافئهم بقرارها ان يدفع لكل واحد منه مبلغ 422 شيكلاً كتعويض عن كل يوم قضاه في السجن ( العملاء في دعواهم طالبوا بـ 1500 شيكل عن كل يوم) على ان يخصم التعويض من أموال الضرائب أيضاً.
هذه أواخر كرامات دول الاحتلال، وهي تأتي فوق هرم من المواقف "الأسفل" من ذلك في الاستيطان وتغوّله وفي القدس وديمومة الاحتلال ورفض الدولة الفلسطينية كمبدأ وحق العودة..و..و..
أما عن راعيتها دولة الرئيس الأميركي ترامب، فهي لا تختلف بأي قدر يذكر.
يشهد على ذلك اعترافها بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل سفارتها اليها.
ويشهد عليه موافقتها على الاستيطان وإعلان سفيرها لدى دولة الاحتلال ان الاستيطان يقام على اراض ملك لدولة الاحتلال.
كما يشهد عليه انكارها لحق العودة، وكل مواقفها وقرارتها لمحاصرة القيادة السياسية  الفلسطينية.
كيف يمكن لدولة الاحتلال هذه ولراعيتها الأميركية، ان يكونا في وارد تبني وإطلاق صفقة حل عادلة و"إنسانية" حقيقية؟
ألم تقم دولة الاحتلال بكل تاريخها على الاغتصاب والاستيلاء والاحتلال، بدعم اميركي ثابت وبلا اي ثمن؟
واذا حصل وأعلنتا عن صفقة او مبادرة فما هي الشروط التي يضعونها؟
والاهم ما هو الثمن الذي تطلبانه؟
هل يمكن ان يأتي شيء من هذين الطرفين "بلا ثمن"؟ وهل هما في وضع المهزوم الضعيف المضطر لتقديم تنازلات و"عطايا" بلا ثمن؟
واذا كان الجواب بـ "لا" قاطعة، فبأي فهم ومنطق، وبأي هدف، يتكرر تعبير" بلا ثمن"،  بنصه الحرفي او بمعناه الدقيق، يتكرر كلازمة تختم كلام معظم من يتجاوبوا مع  مبادرة/فكرة "الحل الإنساني" مباشرة وصراحة، او من يتجاوبوا، وربما بحماس، مع مبادرات ومشاريع وخطط، هي في جوهرها تفاصيل ومقدمات لمبادرة /فكرة الحل السياسي.
هل يمكن وضع كل ذلك في باب التذاكي والتشاطر او في باب السذاجة؟ حتى لا نقول في باب التورية والخداع لتمرير دفع الثمن، وثمن كبير، أو في باب المسهلات لتبليع الخازوق.
 حين يكون طرح صفقة القرن، او مقدماتها كما هي عليه او كما تنبئ به، وحين يأتي الطرح مباشراً وعبر الباب، فإنها تواجه، ووجهت فعلاً، برفض صارم ومتصدٍ من القيادة والتنظيمات السياسية والمجتمعية الفلسطينية. وحينها لم يجرؤ اي طرف على المجاهرة بالتجاوب معها، على اي درجة ومستوى.
 وقد دفع الفلسطينيون، ويدفعون، ثمن هذا الرفض على اكثر من مستوى وشكل.
اما حين يكون طرح "الصفقة" من ابواب مواربة وطرق التفافية، ومنها - وربما اخطرها- مناورة " الحل الإنساني" والمشاريع والمبادرات والخطط الممهدة لها. وحين يصبح التعاطي معها من خلال الأبواب المواربة والالتفافية، مقبولاً من قبل البعض، فإننا نكون بدأنا بدفع الثمن، وندفعه مقدماً كما هو حاصل.
ويتم دفع الثمن مقدماً تحت اكثر من عنوان، أخطرها على الإطلاق:
- زيادة سعار الانقسام وتعميقه واندفاعه باتجاه الانفصال الجغرافي والكياني، وبمنطق وهدف مركزي هو الحفاظ على السلطة والسيطرة.
- تراجع الحقوق السياسية الوطنية والتاريخية وما تستوجبه من ثبات وتمسك ومن أشكال نضالية تتناسب، معها لصالح "حقوق إنسانية" بما تعنيه وتفرضه، من تنازلات وتسويات وصفقات وتعايش، واستجداء للتعاطف والمساعدات.
لم يعد الحديث عن مشاريع ومقترحات تحت عنوان "الحل الإنساني" وما يستدرجه من حقوق إنسانية، وبكل ما يرافقه من وعود ومغريات، لم يعد في باب الادعاء.
ولم يعد الحديث عن وجود تجاوب معها في باب التجني او الاتهام.
هناك أكثر من مؤشر على حصول ذلك عبر تصريحات او تغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، وبعضها جريء في المدى الذي يذهب اليه، وتأتي من رموز قيادية ثانية او ناطقين رسميين او باسم أجهزة.
لكن الأهم ان هناك أقوالاً علنية وصريحة لاثنين لا ينطقان عن الهوى بحكم علاقاتهما المميزة مع أهل الحكم في غزة.
الأول هو احمد يوسف المستشار السياسي لقيادة "حماس" حيث قال لوكالة "معا" في اول الشهر الحالي "ان كل ما يعرض على حركة حماس من مشاريع ومقترحات يرمي الى تخفيف الحصار على غزة عبر ميناء ومحطات توليد للكهرباء ومشاريع اقتصادية وبنية تحتية". ويضيف "ان الأمور باتت قريبة لحدوث انفراجة قد تؤدي لقبول الحركة بإحدى المبادرتين". ومؤكداً "ان اي مبادرة يشترط فيها تقديم التنازلات السياسية لن تُقبل مهما كانت" (بما يعني أنها بلا ثمن).
اما السفير القطري، العمادي، فكشف حسب وكالة "معا" في 1/7 الجاري عن مباحثات غير مباشرة بين حركة حماس وإسرائيل للتوصل الى صفقة بشأن الأوضاع الإنسانية في القطاع، مشيراً الى ان ذلك يجري بعلم الإدارة الأميركية". كما قال لوكالة الأنباء الصينية ( شينخوا) "لا يوجد حتى الآن صفقة بين "حماس" واسرائيل، وهناك مباحثات بين الطرفين للوصول لهذه الصفقة بوجود الأميركان".