كثيراً ما تراودنا أسئلة حول ظواهر يومية غريبة نلاحظها ولا نجد لها تفسيراً علمياً، أو لا نتخيل أصلاً أن يكون العلم حاول الوصول لتفسيرها، مثلاً، لماذا تنسكب القهوة بسهولة عندما نمشي؟ لماذا عندما نصب الشاي تقع قطرات منه خارج الكأس؟ لماذا تبدو أصواتنا مختلفة عندما نسمعها في شريط مسجل؟ هذه الأسئلة الغامضة وجدت لها تفسيرات علمية تعرضها مجلة "How it Works" بشكل دوري وبشرح مبسّط.
- هل هذا صوتي فعلاً؟
غالباً ما نستغرب عندما نسمع صوتنا في التسجيل، لكن لذلك تفسير علمي؛ فعندما نسمع شخصاً يتحدث ينتقل صوته في الهواء على شكل ذبذبات تضرب طبلة الأذن وتتسبب باهتزازها، وتنتقل بعدها للأذن الداخلية التي ترسل إشارات إلى المنطقة المسؤولة عن السمع في الدماغ.
لكن عندما نسمع صوتنا أثناء التحدث تسلك الذبذبات مسلكاً آخر؛ فنحن لا نلتقط الذبذبات من الهواء فقط، بل تكون الذبذبات داخل دماغنا أيضاً؛ لكون الصوت يصدر من داخل الحنجرة، فنحن نصدر الصوت عبر الأوتار الصوتية واللسان، وعليه تهتز الأنسجة الرخوة في رؤوسنا وتتحرك عضلات وجهنا أيضاً؛ ممّا يجعل صوتنا يبدو أبطأ لنا، لذا فعندما نسمع صوتنا في تسجيل يبدو غريباً لأن كل الاهتزازات الإضافية لا تحدث.
- لماذا تعلق الأغاني في رؤوسنا، وكيف نتخلص منها؟
كثير منا يعيش أسبوعياً هذه الحالة، فيصحو من نومه وصوته الداخلي يدندن ويغني أغنية معينة، وقد يستمر ذلك لعدة ساعات أو أيام.
هذه الظاهرة الغريبة أطلق عليها العلم عدة تسميات من بينها "الموسيقى المتخيلة"، "الأغاني المتطفلة" أو حتى "دودة الأذن".
وتشبه هذه الظاهرة في تفسيرها استدعاء الذهن للذكريات وتجوال الصور والأصوات والأفكار في العقل دون أن يتحكم فيها الإنسان بشكل واعٍ، من الصعب على العلماء إيجاد الأساس العلمي الأكيد لهذه الظاهرة، إلا أنهم تحدثوا عن عدة استراتيجيات تساعدنا على التخلص منها.
فمن الأساليب الأشهر أن نترك الأغنية وشأنها حتى تمضي بنفسها، وإذا فشل ذلك وظلت الأغنية عالقة فيأتي دور الاستراتيجية المعروفة التالية؛ وهي الاستماع إلى الأغنية في الواقع لإحضارها إلى الوعي والتخلص منها بعد ذلك، لكن المشكلة أنه إذا أدرك الإنسان أنه يحاول التخلص من الأغنية وأن ذلك كان ناجحاً، فهناك احتمال كبير أن يعيدها دماغه إليه مرة أخرى.
في جامعة واشنطن الغربية توصل الباحثون إلى أن الألعاب التركيبية، مثل البازل أو الألعاب التي تتطلب ترتيب كلمات وحروف أو السودوكو، تساعد في التخلص من الأغاني والأصوات العالقة في الدماغ، بشرط أن لا تكون اللعبة معقدة.
وأوصى باحثون آخرون في جامعة "ريدنغ" بمضغ العلكة، فحركة الفك تتدخل في الذاكرة قصيرة المدى وفي القدرة على تخيل الأصوات.
وفي دراسات أخرى قال الباحثون إن استبدال الأغنية بأخرى أو بموسيقى كلاسيكية أقل تأثيراً قد تكون طريقة فعالة.
- لماذا تنسكب القهوة بسهولة عندما نمشي؟
قام باحثون من جامعة كاليفورنيا وسانتا باربرا بتسجيل لقطات مصورة توثق عدداً من الطلاب المتطوعين أثناء مشيهم وحملهم كوباً من القهوة؛ وذلك لمعرفة السر وراء انسكاب القهوة بسهولة، وما وجدوه بعد تحليل المقاطع المصورة وإجراء التجارب أن انسكاب القهوة متعلق بعدة عوامل تدمج بين حجم الكوب، وديناميكية سائل القهوة، وطريقة المشي.
فالسائل داخل كأس القهوة يتحرك وفقاً للتردد الطبيعي بحسب إيقاع المشي، فكلما أسرعت بالمشي ازداد الاحتمال أن ينسكب السائل عليك؛ وعلى عكس المعهود والمتوقع، فإن تغطية الكأس بغطاء تجعل الوضع أسوأ، إذ يتحرك السائل داخل الكأس المغطى بجميع الاتجاهات فيبلل الغطاء أيضاً، وتنسكب القهوة بقوة أكبر من فتحة الشرب.
- لماذا ينقط إبريق الشاي عندما نسكب منه؟
قام باحثون في ديناميكية السوائل بجامعة ليون الفرنسية بعمل جاد لاكتشاف السبب الذي يجعل غالبية أباريق الشاي تنقط خارج الكوب المطلوب عند سكب السائل منها. ووجدوا أن ذلك متعلق بشكل فوهة الإبريق وبسرعة صب الشاي وبمدى مقاومة الإبريق، بحسب المادة المصنوعة منه، وعليه وجد الباحثون أن الأباريق المعدنية ذات الفوهة المستقيمة أفضل من نظيراتها ذات الفوهة المنحنية.