إذا كان الله عز وجل قد شرع الزواج ليكون حماية وحصن للشباب والفتيات كي يعيشون حياه زوجية مستقرة سعيدة يسودها المودة والرحمة والوئام ويشعرون فيها بالسكينة والاطمئنان وينجبون من الابناء من يسعد قلوبهم ويزين حياتهم ويتولى رعايتهم عند عند الكبر ثم تتناسل الابناء وتتعاقب الاجيال وتلك هي الحكمة من الزواج فأن تعاليم الاديان تحض علي ضرورة وجود التفاهم والوفاق بين الزوجين حتي يستقر الزواج ويكون محفزا ودافعا لتحقيق الآمال والأحلام والطموحات لا مؤديا للفشل والشعور باليأس والاحباط وعدم الرضا مما يتطلب من كلا الزوجين التضحية مع نكران الذات والتخلص من روح الأنانية ومواجهه المشكلات وتخطي العقبات بصبر وشجاعة وحكمه
وتلك تعتبر من أهم مقومات السعادة الزوجية إلا هناك مشكلات قد تنشأ بين الزوجين بسبب الاختلاف الكبير في العادات والتقاليد بين كل منهما مما قد يؤثر بدوره علي الطباع والميول والثقافة وطريقه التفكير وذلك ما قد يظهر بوضوح عندما يتزوج الشاب من فتاه أجنبية مختلف الجنسية عنه أو أن تكون الفتاة من نفس جنسيته وليست أجنبية ولكن الاختلاف في العادات بينهما مرجعه وجود فارق في المستوي الاجتماعي والطبقي والتنشئة الاجتماعية وفي حاله الاصرار علي عدم تفهم هذا الاختلاف او عدم الرغبة في التغيير أو التكيف فإنه سرعان ما يحدث الصدام وتتفاقم الخلافات التي تعكر صفو الحياه الزوجية وهذا النوع من المشكلات غالبا ما يحدث نتيجة الخلط بين مفهومي الاختلاف والخلاف. هذا ما أكده د. سيد حسن السيد الخبير الدولي للإتيكيت وآداب السلوك بوسائل الإعلام والمحاضر بالمراكز التدريبية المتخصصة.
ولعلاج المشكلات التي قد تنشأ بين الزوجين بسبب اختلاف عادات وتقاليد كل منهما عن الآخر يقدم لنا هذا الإسبوع د. سيد حسن السيد النصائح والارشادات التالية:-
1 - أكدت الدراسات العلمية أن السلوك الانساني الاجتماعي يتغير بتغير المكان والزمان كما أن السلوكيات الخاطئة يمكن تعديلها بشرط الاعتراف بالأخطاء ثم ممارسة السلوكيات السليمة بالتعود ثم الاستمرار في ممارستها بحب واقتناع دون أي ضغط أو إجبار علي ذلك أن المقصود بالاختلاف هو التنوع وحيث أن اختلاف العادات والتقاليد تعتبر لمن الأمور العادية لأن طبيعة الحياة التي يعبشها كل من الزوجين في وطنه أو البيئة التي نشأ فيها قد تكون مختلفة وأحيانا يكون هذا الاختلاف هو سر انجذاب أحدهما إلى الآخر وسببا في الميل إليه والارتباط به والزواج منه فضلا عن أن العادات والتقاليد سواءا كانت شرقية أو غربية فتلك التي نشأ عليها وتأثر بها كل منهما منذ طفولته وعلي مدار سنوات طويلة وتم اكتسابها من الآباء الذين توارثوها عن الأجداد أيا كان هذا المجتمع لذلك يجب علي كل من الطرفين احترام تلك العادات دون تهكم أو سخرية واستهجان.
أما المقصود بالخلاف فهو عدم الإتفاق وقد يحدث نتيجة التعصب للرأي مع عدم قبول الرأي الاخر أو عدم احترام العادات والتقاليد . إذا كانت الزوجة أجنبية ومن جنسية أخرى والاختلاف في عاداتها وتقاليدها عن الزوج لا تتعارض مع التعاليم الدينية والقيم والمبادئ الأخلاقية وكان الخلاف بينهما نتيجة لاختلاف وجهات النظر بسبب عدم وضوح الرؤية عند الحكم علي الأشياء فأن ذلك لمن الأمور التي لا يجب للتعصب للرأي فيها بل يجب أن تكون هناك مساحه من التفاهم بين الزوجين مع ضرورة استخدام لغة الحوار الودي للإقناع بالحجة القوية والبرهان الساطع للوصول إلى الحق أو الصواب دون تعنيف أو جرح للمشاعر والاحاسيس حتي يستمر الوفاق بينهما.
2 - في حاله الرغبة في تغيير بعض العادات والتقاليد التي قد تبدو غير مألوفة لاحد الطرفين فأن التغيير يحتاج إلى وقت وعلي أن يتم بطريقه تدريجيه وبمساعده الطرف الآخر علي أن يقوم باستحسان ما تم تغييره إلى الأفضل وذلك للتشجيع علي الاستمرار في التغيير كم من أشخاص تزوجوا من أجنبيات غادرن أوطانهن وعاشتن معهم علي الحلوة والمرة وتأقلمن وتعايشن في مجتمعات أزواجهن المختلفة تماما عن مجتمعاتهن في العادات والتقاليد من حيث الطباع والعلاقات الأسرية والمجاملات المعيشية وحتي اختلاف اصناف الطعام وطرق طهيه وذلك نظرا لشده تعلقهن بأزواجهن وحرصهن علي أرضائهن ورغبه في المحافظة علي عش الزوجية واستقرار الكيان الأسرى فضلا عن أن هؤلاء الزوجات استطعن أن تثبتن أن وراء كل عظيم امرأة ومن أمثلة هؤلاء العظماء عميد الأدب العربي د. طه حسين الذي تزوج من فرنسية وقفت بجانبه وأقامت معه في وطنه وساندته وشاركته في مسيرة كفاحه وشاهدت جميع نجاحاته ودفعته ليكون من المبدعين ولم تتخلي عنه حتي وفاته والأمثلة كثيرة لغيره من الأدباء والمفكرين والعلماء وكبار الفنانين الذين قد تزوجوا من أجنبيات وكانت زيجاتهم موفقه وناجحة إلا إن هناك بعض الزيجات الأخرى التي تمت من اجنبيات ولكنها قد فشلت لأنها كانت مجرد زواج مصلحة أو منفعة من كلا الطرفين دون النظر إلى الزواج علي أنه ميثاق غليظ ورباط مقدس بل اعتباره وسيلة ثم ينتهي بانتفاء الغرض منه فضلا عن أن المشاعر العاطفية التي كانت بينهم لم تكن حقيقة وصادقة.
3 - أكد علماء النفس أن الزواج من أجنبيات يمكن أن يكون ناجحا إذا كان هناك تكافؤ وتفاهم وحب حقيقي كما حذروا أصحاب المصالح والمنافع التي تتعلق بمثل هذه الزيجات لأن المستقبل يرتبط بأبناء سيعيشون بين أبوين منفصلين في كل شيء بعد انتفاء الغرض الذي يتم من أجله الزواج وذلك يمكن أن يؤدي إلى ضياع هوية الابناء فضلا عن غيرها من المشكلات التي يواجهونها ومن أمثلة هذا الزواج زواج المصلحة أما رغبة في الحصول علي الجنسية أو ايجاد فرصه عمل بالخارج بالنسبة للشاب أما الفتاه الأجنبية فقد تكون مطلقة وتجد صعوبة في الزواج من شاب في وطنها فتلجأ للزواج من جنسية أخرى أو أنها ترغب في الزواج من أي جنسية لمجرد الانجاب والاحساس بالأمومة فقط أو أنها تهوي الترحال والمغامرة وتتخذ من الزواج وسيله لإشباع تلك الهواية ثم سرعان ما تعود إلى وطنها بعد أن تنهي علاقتها الزوجية من الأمثال الشعبية التي يتم ترديدها ( مرايه الحب عميه ) حقا أن الحب لا يعترف بالفوارق الاجتماعية والطبقية والعادات والتقاليد واختلاف الجنسيات.
والزواج المبني علي الحب الحقيقي المتبادل بين الطرفين كفيل بأن يتخطى الحواجز ويزيل العقبات حتي تستقر الحياه الأسرية وتتحقق السعادة الزوجية إلا أن هناك أمر هام لا يجب اغفاله أو تجاهله وهو إلا يخضع اختيار شريك الحياه علي العاطفة فقط بل يجب أن تكون العاطفة واقعة تحت سيطرة العقل ولاسيما في حاله الرغبة في الزواج من أجنبية أو من فتاة ليست أجنبية ولكنها من مستوي اجتماعي وطبقه اجتماعية مختلفة لذا يجب دراسة الموضوع من كافه جوانبه من حيث العادات والتقاليد والموروث الثقافي ومستقبل الابناء حتي يكون هناك توافق عقلي وفكري وعاطفي وضعا في الاعتبار أن المرأة سواءا كانت شرقية أو غربية أو مختلفة الجنسية وأيا كان انتمائها لأي طبقة اجتماعية فهي في الأصل امرأه كسائر النساء وزوجه لمن ارتضت أن تتزوجه من الرجال ووافقت أن تكون اما لأولاده وكما أن لها حقوق قد كفلها الشرع يجب أن تحصل عليها فأن عليها واجبات ايضا يجب أن تؤديها وفي حاله استحاله المعاشرة بالمعروف بين الزوجين لا يحق للزوجة أن تمنع الابناء من رؤيه ابيهم مثلما لا يحق للزوج حرمان الزوجة من أولادها ولاسيما أن غريزتي الأمومة والأبوة من الغرائز التي وضعها الله تعالي في جميع الآباء والأمهات رغم اختلاف جنسياتهم وطبقاتهم الاجتماعية ولا يحق لمخلوق أن ينتزعها منهم
4 - ما أحوج الكثيرين من الأزواج والزوجات إلى التمسك بتعاليم الدين التي تحض علي تقوي الله في المعاملة الزوجية و في الابناء الذين ليس لهم ذنب فيما يحدث بينهم من خلافات أو منازعات حقا أن اختلاف العادات والتقاليد والطباع والآراء بين الزوجين لا يجب أن يفسد للود قضية من أجل الحفاظ علي الأسرة والابناء.