كشف حذيفة، نجل الشيخ الراحل عبد الله عزام، الذي يقاتل حالياً في سوريا، عن المهمتين اللتين كلف بهما أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم "الدولة" أبا محمد الجولاني عام 2011.
وأظهرت شهادة الدكتور حذيفة عزام، التي أكدها قياديان بارزان ومطلعان في جبهة النصرة، أن البغدادي، زعيم تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق" حينها؛ أوفد الجولاني إلى سوريا من أجل اغتيال قيادي جهادي منافس له، ثم الدخول إلى تركيا وإشعالها بالتفجيرات، قبل أن يأبى الجولاني تنفيذ المهمتين.
ويكشف عزام عن هذه الأسرار لأول مرة، تزامناً مع التفجير الذي استهدف، أمس الاثنين، تجمعاً في قضاء "سوروج" بولاية شانلي أورفا جنوب تركيا، وأسفر عن سقوط 30 قتيلاً و104 جرحى، حسبما أعلن رئيس الوزراء التركي، أحمد داود أوغلو، الذي اتهم تنظيم "الدولة" بالضلوع به.
- المهمة الأولى
وكتب حذيفة عزام في صفحته الرسمية على فيسبوك، قائلاً: "سر سأكشفه للمرة الأولى، وهو أن البغدادي حين انتدب الشيخ الفاتح أبا محمد الجوﻻني إلى سوريا كلفه بمهمتين، وطالبه بوضعهما على رأس أولوياته، المهمة اﻷولى: هي قتل الشيخ الدكتور العالم الرباني المجاهد أبي السعيد العراقي، أمير جيش المجاهدين في العراق الذي كان يقيم في دمشق قبيل الثورة (السورية)".
وحول سبب رغبة البغدادي بقتل "أبي السعيد العراقي"؛ أوضح حذيفة - الذي أكد أنه أخذ هذه الشهادة من الأخير "فماً لأذن ووجهاً لوجه"- أن "أبا السعيد العراقي كان شيخ البغدادي وأستاذه الذي درسه في الجامعة، وفي الحلقات الخاصة، وعرفه عن قرب، وعرف شخصيته وصفاته وأطباعه وإمكانياته، فهو من أقدر الناس على الشهادة بحق الرجل إيجاباً أو سلباً، أضف إلى ذلك أن أبا السعيد سبق تلميذه البغدادي إلى العمل الجهادي إبان الغزو اﻷمريكي، وما زال جيش المجاهدين بالنسبة للبغدادي ودولته المزعومة العدو اﻷول الذي ﻻ يتهاونون مع أي عنصر من عناصره يقع بين أيديهم، وما أحداث الكرمة عنكم ببعيد، ذلكم هو سر حقد البغدادي على أستاذه وشيخه".
وذكر حذيفة في منشوره على صفحته في فيسبوك، الذي اطلع عليه "الخليج أونلاين"، أن الجولاني أبى تنفيذ المهمة الأولى التي أوكلها له البغدادي، ويرجع ذلك إلى أن الجولاني، وكان يسمي نفسه حينها في السجن باسم "أوس الموصلي" (وهي معلومة أخرى يكشفها حذيفة) التقى في سجون القوات الأمريكية بأبي السعيد العراقي، حيث سجنا في نفس الزنزانة، دون أن يفصح كل واحد منهما عن هويته للآخر لدواع أمنية.
ويتابع حذيفة: "وكان لحقبة السجن تلك فائدة وهي أن الجوﻻني عرف أبا السعيد العراقي عن قرب، ورأى منه داخل السجن علامات وأمارات تنم عن علم وفهم ووعي وتربية وتقوى ومخافة الله تبارك وتعالى، والخلاصة رأى الجوﻻني من أبي السعيد كل خير في سجنه ولعل حقبة السجن وما رآه الجوﻻني من أبي السعيد هي التي جعلت الشيخ الجوﻻني يحجم عن قتل أبي السعيد في دمشق عقب الثورة ولم يطع فيه أميره".
- المهمة الثانية
وأما المهمة الثانية، يضيف حذيفة عزام: "فهي إرسال السيارات المفخخة إلى اﻷراضي التركية، والضرب في قلب تركيا، وإرسال انتحاريين إليها بسياراتهم وأحزمتهم الناسفة للتفجير فيها، وكما لم يطع الجوﻻني البغدادي في اﻷولى لم يطعه في الثانية"، على حد قوله.
واعتبر حذيفة أنّ "عدم طاعة الجوﻻني للبغدادي في هاتين المهمتين اللتين طلب إليه أن يجعلهما على رأس أولوياته؛ كانت من أسباب النزاع بين الرجلين، ولم يصبر البغدادي طويلاً، فمكث غير بعيد وحضر بنفسه إلى الشام ليحل النصرة ويعزل أميرها وليتفرغ بنفسه للمهام التي أوكلها للجولاني، فما إن استقر له اﻷمر حتى استحل القتل واﻻغتيال واﻻختطاف في المجاهدين، جنداً وأمراء، وها هو اليوم يبدأ بتنفيذ المهمة الثانية بإرسال مفخخاته وانتحارييه إلى بلد "اﻷنصار" لينقل الفوضى والخراب والدمار التي ما حل وأتباعه بأرض إﻻ وحلت معهم ورافقتهم، تلك الفوضى الخلاقة التي تسبق مشروع الشرق الأوسط الجديد".
وتساءل عزام: "ما الفائدة التي تجتنى والمصلحة التي ترتجى من وراء إرسال المفخخات واﻻنتحاريين إلى تركيا، ومن يا ترى المستفيد اﻷول واﻷخير من هذه اﻷفعال؟! وفي مصلحة من تصب في هذه المرحلة الحرجة والحساسة من تاريخ تركيا ومن عمر الثورة السورية؟".
- تأكيدات لشهادة عزام
وعقب نشر الدكتور حذيفة عزام لشهادته، سارع اثنان من القيادات في النصرة هما "صالح حماة" أحد مؤسسي الجبهة، والقيادي "أبو ماريا القحطاني"، لتأكيد شهادة عزام.
وغرد صالح حماة (ويعرف أيضاً باسم "أس الصراع") على حسابه على تويتر، قائلاً: "أما بالنسبة لمهمة اغتيال أبو سعيد العراقي "الدكتور محمد حردان"، فأنا أشهد أمام الله بذلك، فقد طلب ذلك من الجولاني أول ما أتى الشام، وطلب منه أيضاً اغتيال أبو بكر الخاتوني أحد قادة المجاهدين في الموصل، والذي (الأخير) عاد لتنظيم داعش"، بحسب التغريدات التي اطلع عليها "الخليج أونلاين".
وأوضح صالح: "طبعاً البغدادي كان قد طلب تنفيذ المهمة من أبو ماريا القحطاني عام 2010 لما أتى لسوريا للعلاج، كما طلب منه اغتيال محمد حسين الجبوري وسعدون القاضي، ورفض أبو ماريا رفضاً قاطعاً ذلك، ولما أتى الجولاني لسوريا عام 2011 طلب منه نفس الطلبات، وكما ذكر الدكتور فالجولاني كان قد سجن مع الدكتور أبي سعيد وكذلك رفض الجولاني الأمر ديناً".
وتابع القيادي في النصرة قائلاً: "وكلما أعاد (البغدادي) الطلب كان الجولاني يتعذر ويقول للبغدادي عبر البريد لم أجدهم ولا أعرف أين هم، ولما دخل أرسل العدناني لسوريا أواخر عام 2012".
وتابع قائلاً: "أواخر عام 2012 بدأ العدناني يرتب لعمل في تركيا لتفجير قاعة الائتلاف في أحد الفنادق، وكان هناك قائد لأحد الفصائل في الشرقية يدخل لتركيا وله علاقات جيدة هناك، فطلب العدناني منه ذلك، فقال له ذلك القائد أنا لا أعمل شيئاً إلا بفتوى من أبي ماريا، فذهب القائد لأبي ماريا في الدير، وأخبره بطلب العدناني، فغضب أبو ماريا وقال له أعوذ بالله، لا يجوز لا شرعاً ولا عقلاً ولا عرفاً ولا تنظيماً، فالتنظيم بأمر من الدكتور أيمن مانع أي عمل في تركيا، فتركيا هي حاضنة لأهلنا السوريين، وكل دعم الثورة عن طريق الأراضي التركية، فلا يجوز شرعاً ذلك، وهنا كان قد دخل البغدادي لسوريا وكرر الطلب في أحد الاجتماعات، ورفض الشيخ الجولاني ذلك قطعاً".
بدوره، أكد الشيخ أبو ماريا القحطاني هذا الكلام على حسابه الرسمي، والذي اطلع عليه "الخليج أونلاين"، بقوله: "أشهد الله تعالى أن كل ما ذكره الأخ "أس الصراع" (صالح حماة) بتعقيبه على تغريدات الشيخ حذيفة عزام، كلام دقيق".