عندما انطلقت حركة فتح في منتصف الستينات بعد تأسيسها سراً في أواخر الخمسينات من القرن الماضي، عملت على احتضان الشعب الفلسطيني بكافة أشكاله في جميع المحاور وقادت ثوراته.
فمثلاً نستذكر عسكرياً ما قامت به حركة فتح ، في بداية مولدها كانت قوية، حيث قامت بعد حرب 1967م بعدد من العمليات الفدائية داخل إسرائيل، ومن أشهرها معركة الكرامة في 14 أبريل/ نيسان 1968م، وكان لهذه العملية وغيرها تأثير هام على مصداقية الحركة وتزايد شعبيتها فاستقطبت العديد من الشباب الثائر الذي انضم إلى قواعد الفدائيين.
ذلك النموذج الذي أصبح فريد من نوعه وصعب تكراره لتلك الحركة والمقصد هنا ليس بصعوبة تنفيذ العمليات من قبل المقاوم المسلح ولكن الفكره انتهت من عقلية القيادة الحاكمة بعد رحيل العقلية المقاومة باغتيال العدو لها، فالقيادة الحالية نسيت أنها مكمله لمشوار قادتها والسير على نهجها وأصبح شغلها الشاغل حرف بوصلة نضالها المجيد وتمجيدها بالغناء بتاريخها الحافل وكأنه تحررت فلسطين وانتهى النضال ونريد فقط الرقص على الأطلال.
وفي استعراض للحالة السياسية في الوقت الراهن حركة فتح حولت النظام السياسي إلى نظام سلطوي، وتوصف القيادة الفتحاوية في هذه المرحلة بتحولها من صفة حب الجماعة والانتماء إلى الصفة الشخصية والأنانية.
ومن ناحية أخرى نستعرض لأهم قرار من قرارات ومخرجات مجلس المركزي الذي عقد في منتصف الشهر الأول من بداية العام الجاري هو افشال مخطط الإعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة فيما يسمى بدولة إسرائيل، ولكن للأسف الشديد أمريكا منحت القدس للاحتلال الإسرائيلي في يوم ذكرى النكبة يوم المذبحة على حدود قطاع غزة الذي راح ضحيتها عشرات الشهداء في مسيرات العوده الكبرى وكسر الحصار.
عقد المجلس الوطني موخرا ولكن الفضيحة المدوية كانت بحذف بند إلغاء الإجراءات المتخذة بحق غزة من البيان الختامي قبل نشره على اعلام الرئيس الرسمي وعند المراجعة بعد احتجاج الديمقراطية صرح عريقات بأن البيان منشور على موقع وفا وفي الحقيقة المؤكدة لدي البيان منشور بالأساس مزيف، بالإضافة إلى امتناع بعض قيادات فتح من التوقيع على مسودة رفع العقوبات وعندما سخط الناس عليهم قالوا اننا نبذل جهودا سرية برفع العقوبات وإعادة الرواتب وهم في الأساس من درس وضع غزة واعطى الرئيس الرد النهائي بإمكانية فرض عقوبات على غزة وصدر ذلك بقرار من مركزية فتح.
فيما يتعلق بالورقة المصرية الأولى التى وافقت حركة حماس عليها بشكل مباشر ولكن حركة فتح قالت في البداية أنها ورقة حماس ومصر عرضتها عليهم على هذا الأساس جاء ذلك بناء على تصريحات الأحمد واشتيه والكثير، والرئيس قال:" انها فكره وافكار ومصر أرسلت لنا موضوعاً" كأن مصر هي من تحتاجنا بمواضيع لصالحها، وفي النهاية خرج عزام الأحمد قائلاً: "سنرد رداً ايجابي ولكن الأسبوع القادم ومن يخل بالورقة المصرية يجب عقابه" والمفاجأة كانت رفضها للورقة وتقديم ورقة جديدة ومصر عرضتها على حماس، ولكن الاستهتار هنا عندما يصرح ناطقي الحركة أن الكرة الآن بملعب حماس وكأنه سباق تسجيل أهداف أمام الجمهور المتفرج وتشهيده على أننا ابطال في تمزيق مرمى الشباك.
يعقد اليوم الرئيس المجلس المركزي من جديد فأظهر العداء للغالبية العظمى لحلفائه ممن شكل بهم المجلس الوطني والمركزي الذي لم ينفذ قرارته كما ذكرت سابقاً وخاصة إستمرار فرض العقوبات علي قطاع غزة واستمرار العلاقة التي رفضها المجلس المركزي مع الاحتلال. فكانت الضربة برفض الجبهة الديمقراطية والمبادرة الوطنية وبعض الشخصيات الوطنية المشاركه في الاجتماع الجاري وبهذا يصبح عدد الممتنعين خمس أحزاب سياسية حزبين خارج المنظمة وثلاثة داخلها وبهذا أصبحت فتح في عزلة سياسية كاملة. هذا المجلس الذي شرعيته العدديه موجوده ولكن تنقصها الشرعية السياسية.
المحزن في هذه الحالة أن الأزمة ستستمر لسنوات سيدخلها الشعب الفلسطيني مرغما التي قد تؤدي نتائجها لتصفية القضية الفلسطينية لعدم وجود قيادة شرعية معترف بها من الشعب رغم الثمن الكبير الذي سيدفعه الفلسطينيون، وذلك بسبب تحول فتح من حركة مناضلة إلى حزب حاكم والشعب من سيدفع الثمن.