كشف الكاتب في صحيفة "إسرائيل اليوم" نداف شرغاي، عن نتائج بحث ميداني في أوساط سبعمائة منفذ عملية مسلحة فلسطينية لمعرفة دوافعهم في القيام بها، أكد 67% من منفذيها كانوا يعانون من مشاكل نفسية، وانطلقوا لتنفيذ هجماتهم من هذه الدوافع.
و قام على إنجاز البحث عدد من البروفيسورات والخبراء الإسرائيليين منهم أريئيل مرري وبوعاز غانور بالتعاون مع وزارة الأمن الداخلي.
البروفيسور مرري، من كبار الباحثين بالهجمات المسلحة حول العالم، عمل مديرا لمشروع أبحاث العمليات الاستشهادية بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي، ونشر عشرات الأبحاث حول الأبعاد النفسية للعمليات المسلحة، عمل بجانب غانور مؤسس ورئيس معهد السياسات ضد الإرهاب بمركز هرتسيليا متعدد المجالات، وطواقم وزارة الأمن الداخلي ضمت باحثين وعلماء نفس فحصوا الظاهرة عن قرب، ووصفوها بـ"الذئاب المنفردة".
وهؤلاء الباحثون قاموا بإجراء بحثهم الاستقصائي عن ظاهرة العمليات الفردية التي عاشتها إسرائيل بين أكتوبر 2015 وديسمبر 2017، وتركز عملهم في 700 منفذ شاركوا بتنفيذ 560 عملية، انفرادية أو مشتركة مع أصدقائهم أو أقارب لهم من نفس العائلة، دون تلقي مساعدة من تنظيمات مسلحة.
وأوضح البحث، أن "الباحثين قابلوا 45 من منفذي العمليات معتقلين في السجون الإسرائيلية، أجروا معهم مقابلات مطولة، وتبين أن ثلثيهم عانوا من مشاكل نفسية، أو شعور بالفقدان، و54% منهم فضلوا لو استشهدوا خلال العملية، مما دفع الوزارة للإعراب عن مفاجأتها من هذه النتائج غير المتوقعة بالنسبة لها، لأنها أضافت دوافع جديدة لتنفيذ العمليات لم تكن في الحسبان، بجانب العوامل الأيديولوجية والسياسية".
كما وأظهر أن "هناك رغبة من المنفذين بتقليد من سبقهم في هذه الطريق، وإن 60% من المنفذين وقعوا تحت تأثير التحريض الموجه والدوافع الوطنية والدينية، بينهم 28% من الرجال و11% من النساء".
وأكد الخبراء، على أن "أوساط الفلسطينيين تشهد دعما كبيرا للعمليات المسلحة ضد إسرائيل، لأن نتائج استطلاعات الرأي خلال الانتفاضة الثانية أظهرت أن نسبة تأييد العمليات داخل الخط الأخضر وصلت 70%، ونسبة المؤيدين للعمليات خارج الخط الأخضر وضد الجنود الإسرائيليين وصلت 90%".
وأوضحوا أن "نسبة تأييد هذه العمليات خلال فترة الدراسة بين أكتوبر 2015 وكانون الثاني/ديسمبر 2017 وصلت إلى 50%، وهي نسبة عالية جدا، لأننا نتحدث عن مئات الآلاف الداعمين، مع أن من منفذيها مئات فقط من الفلسطينيين المنفردين".
وتمحور سؤال البحث المركزي حول "لماذا هؤلاء بالذات ينفذون العمليات دون غيرهم من مئات آلاف الفلسطينيين من كارهي إسرائيل، وما السبب الذي يدفع فلسطينيا واحدا وليس ألفا مثلا، للقيام صباحا واتخاذ قرار بأن يطعن اليوم يهوديا بسكين، أو يدعسه بسيارة، أو يطلق عليه النار، وما هي مواصفات هذا المنفذ؟".
ويشرح الخبراء بالقول، إن "من يعانون من بعض المشاكل الشخصية والعائلية قد يفكرون بتنفيذ هجوم مسلح ضد إسرائيل، ثم تتضافر جهود أخرى كالتحريض ومحاولة المحاكاة لمنفذين سابقين، وفورا يخطر على بال أحدهم: كيف يمكن أن يقتل جنديا إسرائيليا كي يحظى بالدعم الشعبي والاجتماعي الفلسطيني؟".
وأوضحوا، أن "التعاطف الجماهيري يشكل دافعا لتنفيذ هذه العمليات والهجمات، من خلال النشر اليومي لها في وسائل الإعلام الفلسطينية، لأنها في هذه الحالة تصبح مكتسبة لحالة من الشرعية، وتجعل المنفذ فورا يضع نصب عينيه أن ينفذ مثلها، لأنه حصل على إسناد اجتماعي وديني كي يصبح شهيدا".
وبدورها قالت رئيسة قسم البحث الجنائي في جامعة أريئيل، البروفيسورة ميخال موراغ، إن "الأبحاث أثبتت أن منفذي العمليات ضد إسرائيل تغيروا كليا في شخصياتهم عما كانوا عليه قبل التنفيذ، وطرأت تغيرات إيجابية على حياتهم، وأصبحوا أكثر اقترابا من محيطهم العائلي، حتى وهم معتقلون داخل السجون الإسرائيلية".