شكلت الذكرى السنوية لعملية "الجرف الصامد" فرصة للتهجم على حكومة اسرائيل بسبب اخفاقاتها في العملية. هناك من بكى على فقدان الردع وألقى على الحكومة مسؤولية التساهل. وهناك من استمر في مطالبته القضاء على "حماس".
سأورد هنا ثلاث حقائق بارزة في الذكرى السنوية للعملية، تستند الى بحث قام به مركز المعلومات للاستخبارات والارهاب التابع للمركز الاستخباري.
الاولى: في السنة التي تلت العملية أطلقت نحو اسرائيل من قطاع غزة وسيناء 12 قذيفة، مقابل 140 قذيفة في السنة التي تلت عملية "الرصاص المصبوب" (2009)، و39 قذيفة في السنة التي تلت عملية "عمود السحاب" (2013). بكلمات بسيطة: السنة التي تلت عملية "الجرف الصامد" هي السنة الاكثر هدوءاً التي أعقبت عمليات الجيش الاسرائيلي الكبيرة في القطاع، وهي السنة الاكثر هدوءاً منذ تولت "حماس" السلطة في القطاع في العام 2007. اضافة الى ذلك فان حوادث الاطلاق الـ 12 لم تكن من "حماس" بل من تنظيمات تعتبر أن اطلاق القذائف على اسرائيل هو أداة تحريض ضد "حماس". ما هي اسباب الهدوء النسبي وسياسة ضبط النفس لـ "حماس"؟ أولا، يبدو أنه الردع الذي حققته اسرائيل في عملية "الجرف الصامد". ثانيا، تريد "حماس" كسب الوقت من اجل اعادة بناء قوتها العسكرية، وهي تقوم بحفر الانفاق الدفاعية والهجومية وتصنيع الصواريخ المحلية.
الثانية تتعلق باعادة الاعمار التي يتحدثون عنها طول الوقت. في 12 تشرين الاول 2014 عقدت في القاهرة لجنة دولية لاعادة اعمار غزة. اسرائيل لم تكن هناك.
وخلال اللجنة نجح الفلسطينيون في تجنيد تعهد بمبلغ 4.9 مليارات دولار لاعمار غزة (قطر تعهدت بمليار واحد من المبلغ).
وبعد تسعة اشهر من ذلك تبين أن هذه التعهدات لم تنفذ، وحسب تقديرات مختلفة فقط 27 بالمئة من التعهدات وصلت للقطاع.
وقد استخدمت هذه الاموال لاعادة اعمار قدرة "حماس" العسكرية وليس الاعمار المدني.
لذلك لم يتم الاعمار في مناطق الحرب، وكثير من العائلات ما زالت دون مأوى. النتيجة: خيبة أمل الجمهور الذي لم يتسبب لـ "حماس" بعد بالمشكلات.
الثالثة تتعلق بالخلافات التي تعاني منها "حماس"، وفي أساسها الخلافات الداخلية. في السنة الماضية زادت الخلافات الداخلية: القيادة السياسية ضد الذراع العسكرية التي تتصرف باستقلالية. وسبب الخلافات هو التعاون مع ذراع "داعش" في سيناء والسعي الى التقرب من إيران كمصدر للمال والسلاح. وفي المقابل يزداد الشرخ بين "حماس" والسلطة الفلسطينية، حيث لا يوجد موطئ قدم للسلطة في غزة، وقدم أبو مازن لم تطأها بعد.
وأخيرا، بالنسبة لـ "حماس": علاقتها مع مصر في تدهور، وهي توجد على قائمة الأعداء في مصر.
كيف تستطيع اسرائيل التأثير في هذه الصورة المركبة: الاستمرار في سياسة الرد المحسوب والمتروي، وألا تستمع لدعوات القضاء على "حماس" بعد سقوط كل صاروخ. وكما هو معروف فان عدد هذه الصواريخ قليل نسبيا.
عن "معاريف"
بالاسماء : استشهاد 4 شبان في عملية اغتيال بمدينة نابلس
09 أكتوبر 2024