دعت شبكة المنظمات الأهلية إلى وضع حلول جذرية لأزمة الطاقة في قطاع غزة، وتحمل كافة الأطراف مسؤولياتها تجاه أزمة نفاذ الوقود المخصص لتشغيل المولدات الكهربائية الخاصة بمحطات تحلية المياه ومعالجة الصرف الصحي.
كما حذرت الشبكة من التداعيات الخطيرة لأزمة الطاقة في قطاع غزة على واقع الحياة الصحية والبيئية، وبخاصة مع اقتراب فصل الشتاء واحتمالات حصول فيضانات في بعض المناطق حال استمر الوضع كما هو عليه.
جاء ذلك اليوم الأربعاء، خلال الجولة الميدانية التي نظمها القطاع الزراعي في شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية إلى محطة معالجة الصرف الصحي في منطقة وادي غزة ومحطة تحلية مياه البحر في دير البلح بمشاركة ممثلين عن منظمات أهلية ودولية وخبراء وإعلاميين للاطلاع على التداعيات الخطيرة لنقص الوقود على قطاع المياه، وبخاصة ضخ كميات كبيرة من مياه الصرف الصحي الغير معالجة إلى البحر، ناهيك عن انقطاع المياه لعدة أيام عن السكان.
بدوره، أكد مدير شبكة المنظمات الأهلية أمجد الشوا، على أن هذه الجولة جاءت لتسليط الضوء على التأثير الخطر لأزمة نقص الوقود على مختلف القطاعات لاسيما قطاع المياه كعنصر أساسي لاستمرار الحياة، موضحاً أّن الوضع الحالي لقطاع المياه كارثة حقيقية واستمراره ينذر بمخاطر أكبر على حياة الإنسان، وبخاصة مع حلول فصل الشتاء حيث يتعرض السكان لتهديد فياضانات مياه الأمطار المختلطة بمياه الصرف الصحي.
وأشار الشوا، الى أن منطقة وادي غزة كانت محمية طبيعية، إلا أنها باتت مكرهة صحية نتيجة تدفق مياه الصرف الصحي إليه، ناهيك عن شاطئ بحر غزة الذي أصبح مصدراً للأمراض والأوبئة بسبب ضخ مياه الصرف الصحي الغير معالجة، مطالباً بضرورة اتخاذ التدابير الفورية اللازمة لحل مشكلة مياه الصرف الصحي من خلال توفير الوقود اللازم لتشغيل محطات المعالجة لتفادي هذه الأزمات والمكاره الصحية، بالإضافة إلى ضرورة العمل على حلول استراتيجية لهذا المشاكل الحيوية بمنأى عن الأزمات السياسة.
من جانبه، قال مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل المهندس منذر شبلاق: إن "توقف عمل محطات معالجة الصرف الصحي نتيجة انقطاع الكهرباء وعدم توفر وقود لتشغيل مولدات الكهرباء له تداعيات صحية وبيئية خطرة على حياة السكان في غزة، حيث إن قطع التيار الكهربائي لساعات طويلة تسبب في حدوث شلل شبه تام في معظم الخدمات الأساسية الحيوية الهامة لسكان القطاع، ولعل أبرزها تلوّث مياه البحر بشكل غير مسبوق بما يهدد الحق في الصحة والامن الغذائي للسكان".
وشدّد شبلاق، على ضرورة دعم المشاريع التطويرية في قطاع غزة خاصة مشاريع تحلية المياه ومعالجة الصرف الصحي، بما يسهم في حل المشكلات التي يعاني منها سكان قطاع غزة والتي تؤثر بشكل مباشر على صحة السكان وعلى الوضع البيئي للقطاع.
وأشار إلى حرص المصلحة على تعزيز التعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية بما يخدم المشاريع الاستراتيجية، ويحسن من أوضاع خدمات المياه والصرف الصحي في قطاع غزة، مطالباً المؤسسات بالضغط على كافة الجهات من أجل حل مشكلة الكهرباء لمعالجة مياه الصرف الصحي التي أثرت على الثروة السمكية والسياحية وحياة السكان الصحية على كافة النواحي.
من جهته، أكد منسق لجان الصيادين في اتحاد لجان العمل الزراعي، زكريا بكر، على أن تخوف المواطنين من زيادة نسبة تلوث مياه البحر بمياه الصرف الصحي التي تتدفق فيه يومياً بكميات كبيرة جداً دون معالجة، إلى عزوف الكثير منهم عن شراء الأسماك الطازجة، ولجوئهم إلى شراء الأسماك المجمدة المستوردة.
وأشار بكر، إلى أن تلوث مياه البحر على الثروة السمكية له تأثير مباشر خاصة أنها تقتل بذور الاسماك التي تتدفق على الشاطئ وهي المناطق الدافئة نسبيا وبالتالي هناك خطر حقيقي يهدد الامن الغذائي الفلسطيني.
من ناحيته، أوضح ممثل مركز الميزان لحقوق الإنسان باسم أبو جري، أن قطاع غزة يعاني أزمات كبيرة بخاصة في قطاع البيئة والذي لم يحظى بالاهتمام الكافي، مشيراً إلى أن الأزمات الإنسانية في قطاع غزة تتفاقم مع تواصل أزمة التيار الكهربائي الناجمة عن الحصار الخانق والمستمر الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
وقال أبو جرّي: إن "هذه الازمة لها تداعيات سلبية خطيرة على الحق في الصحة خاصة لدى الاطفال، لذا يجب أن تحظى قضايا البيئة بالاهتمام الكافي في ظل سوء الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية".
وطالب بتحرك عاجل لوقف تدهور الأوضاع الإنسانية وضمان إمداد قطاع غزة وبشكل فوري بكميات مضاعفة من التيار الكهربائي واتخاذ خطوات عاجلة لضمان تشغيل وتطوير أداء كافة محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
إلى ذلك، لفت مدير محطة تحلية مياه الساحل في دير البلح كمال معمر، إلى أن المعيق الاساسي للمحطة هو انقطاع التيار الكهربائي والذي أدي إلي عجز كبير في عمل المحطة حيث يتم الاعتماد لتشغيلها جزئياً على مولدات الكهرباء التي تحتاج إلى كميات كبيرة من الوقود.
وأوضح أن الإنتاج اليومي لمحطة التحلية تقلّص من 6000 كوب إلى 1500 كوب فقط بسبب انقطاع الكهرباء ونفاذ الوقود، وعدم القدرة على تشغيل وحدات الطاقة الشمسية لعدم توفر بعض الكوابل اللازمه لتشغيلها والتي يماطل الاحتلال في إدخالها، داعياً المجتمع الدولي إلى تحرك عاجل من أجل توفير الكهرباء والوقود اللازم لمحطة التحلية من أجل ضمان تحلية المياه ووصولها إلى الأهالي.
فيما، أكد المشاركون بالزيارة الميدانية على ضرورة تكثيف الجهود من أجل رفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة، والذي يمثل الخطوة الأولى في اتجاه إيجاد حلول جذرية للأزمات التي تعصف بالقطاع، وضرورة العمل على حلول استراتيجية مستدامة لهذا المشاكل الحيوية بمنأى عن الأزمات السياسة، ومطالبة كافة الجهات المحلية والدولية بتحمل مسئولياتها اتجاه سكان القطاع لضمان حصولهم على كافة الحقوق لاسيما الحصول على المياه الصحية وضمان حقهم في بيئة صحية نظيفة وكذلك الكهرباء.