أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في خطابه أمام الدورة الثالثة والسبعين في الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك، اليوم الخميس، على أن القدس ليست للبيع، وأن عاصمتنا هي القدس الشرقية وليست في القدس، وحقوق شعبنا ليست للمساومة.
وقال الرئيس: "السيد رئيس الجمعية العامة المحترم السيدات والسادة، جئتكم العام الماضي، وفي مثل هذه الأيام أطلب الحرية والاستقلال والعدل لشعبي المظلوم الذي يرزح تحت نير الاحتلال العسكري الاسرائيلي منذ 51 عاما، وأعود إليكم اليوم ولا يزال هذا الاحتلال العسكري الاسرائيلي جاثماً على صدورنا، يقوض جهودنا الحثيثة لبناء مؤسسات دولتنا العتيدة، ويتمادى في قتل حلمنا بالعيش في حرية وسلام، اسوة ببقية شعوب العالم".
وأضاف الرئيس: "في شهر مايو (أيار) من هذا العام، انعقد المجلس الوطني الفلسطيني (برلمان دولة فلسطين) حيث جرى تجديد شرعية مؤسسات م.ت.ف (الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني) بانتخاب قيادة جديدة لهذه المنظمة (اللجنة التنفيذية)، وتفعيل مؤسساتها المختلفة، وقبل مجيئي إليكم عقد المجلس المركزي لــ م.ت.ف (البرلمان المصغر لدولة فلسطين) جلسة أخذ فيها، شأنه في ذلك شأن المجلس الوطني، قرارات مهمة يلزمني فيها بإعادة النظر في الاتفاقات الموقعة مع الحكومة الإسرائيلية، وفي مستقبل السلطة الوطنية الفلسطينية التي أصبحت دون سلطة".
وتابع: "كما طالبني بتعليق الاعتراف الفلسطيني بإسرائيل، إلى حين اعتراف إسرائيل بدولة فلسطين، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وبوقف التنسيق الأمني وقفا تاما، واعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي، والتوجه للمحاكم الدولية للنظر في انتهاكات الحكومة الاسرائيلية للاتفاقات الموقعة، واعتداءات الجيش الاسرائيلي والمستوطنين الاسرائيليين على شعبنا وأراضينا، من بين أمور أخرى".
وأردف خلال كلمته: "أيتها السيدات والسادة، في شهر يوليو الماضي، أقدم الكنيست الإسرائيلي على إصدار قانون عنصري تجاوز كل الخطوط الحمراء، وكشف الوجه الحقيقي العنصري لدولة إسرائيلي، أسماه "قانون القومية للشعب اليهودي"، حيث ينفي هذا القانون علاقة الشعب الفلسطيني بوطنه التاريخي، كما يلغي حقوقه الوطنية المشروعة، وروايته التاريخية، ويلغي قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، ويلغي اتفاق أوسلو والاتفاقات الموقعة مع إسرائيلي، ويلغي حل الدولتين، ويقوض ما تبقى من فرص لإنقاذ عملية السلام، فهذا القانون يعتبر الضفة الغربية المحتلة جزءاً مما أسموه بأرض اسرائيل، ويعتبر القدس الشرقية المحتلة منذ عام 1967 جزءاً مما يسمونه القدس الموحدة، العاصمة لدولة اسرائيل، ويلغي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم حسب القرار 194".
وأكد الرئيس على أن القانون السابق، يميز ضد السكان العرب في إسرائيل عندما أعطى حق تقرير المصير في دولة إسرائيل حصريا لليهود"، مردفًأ: "وبالتالي فإن هذا القانون يشرع التمييز ضد المواطنين العرب الاسرائيليين الذي يمثلون 20% من سكان إسرائيل، وضد غير اليهود ممن هاجروا إلى اسرائيل، ويخرجهم من دائرة المواطنة".
وشدد على أن: "هذا القانون يشكل خطأً فادحا وخطرا محققا من الناحيتين السياسية والقانونية، ولذلك فنحن نرفضه وندينه بشدة، ونطالب المجتمع الدولي وجمعيتكم الموقرة برفضه وإدانته، وبإصدار قرار يعتبره قانونا عنصريا باطلاً وغير شرعي، علماً بأن الآلاف من اليهود والمواطنين الإسرائيليين رفضوه وتظاهروا ضده، وأن هذا القانون العنصري، يتحدث عن أرض إسرائيل".
وبين أنه: "رغم رفضنا لهذا الهراء، فهل لكم أن تسألوا الحكومة الإسرائيلية والكنيست الإسرائيلي، أين هي أرض إسرائيل، وما هي حدود دولة إسرائيل؟. منوهًا إلى أن هذا القانون العنصري يشكل وصمة عار أخرى في جبين دولة اسرائيل، وفي جبين كل من يسكت عليه من المجتمع الدولي، ويعيد إلى ذاكرة الجميع دولة التمييز العنصري الأبيض في جنوب أفريقيا، فلا يجوز أن يسكت العالم على هكذا قوانين عنصرية صارخة تتجاهل القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، وقرارات الشرعية الدولية المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وذكر: "أيتها السيدات والسادة، لم يعد بمقدورنا تحمل الوضع القائم المتمثل في الاحتلال والأبارتهايد، وإننا نسابق الزمن للحيلولة دون انهيار كل شيء، وإنني اليوم مطالب من شعبي بتنفيذ قرارات صعبة ومصيرية قبل نهاية هذا العام اتخذتها هيئاته القيادية، فإذا لم تتحركوا ويتحرك معكم المجتمع الدولي بأسره، فسوف تواجهون معنا كل التداعيات الخطيرة التي يمكن أن تؤول إليها الأمور".
ونوه إلى أن بعد عودته إلى فلسطين، سوف يقوم بدعوة المجلس المركزي الفلسطيني للانعقاد مرة أخرى، وسعر عليه نتيجة مداولات الجمعية بشأن القضية الفلسطينية، قائلًا :"فإما أن تنتصروا للحق الفلسطيني بقرارات واضحة وحاسمة تنهي الاحتلال عن دولتنا، وإلا فإن المجلس المركزي، بصفته الهيئة القيادية العليا للشعب الفلسطيني، سوف يكون مضطراً إلى اتخاذ ما يراه مناسباً من قرارات، وسوف يتوجب علينا تنفيذها لأنه لم يعد لدينا للأسف أي بدائل أخرى".
وقال الرئيس: "أيتها السيدات والسادة، لقد تعاملنا بإيجابية تامة مع مبادرات المجتمع الدولي المختلفة لتحقيق السلام بيننا وبين الإسرائيليين، وتعاملنا مع ادارة الرئيس دونالد ترامب منذ وصوله إلى سدة الحكم بذات الإيجابية، ورحبنا بوعده بإطلاق مبادرة لتحقيق السلام، والتقيت معه عدة مرات على مستوى القمة، وعقدنا العديد من اللقاءات مع فريقه المكلف بما أسماه (صفقة القرن)، وانتظرنا مبادرة الرئيس ترامب بفارغ الصبر، ولكننا فوجئنا بما أقدم عليه من قرارات واجراءات تتناقض بشكل كامل مع دور والتزامات إدارته تجاه عملية السلام، حيث قامت هذه الإدارة في شهر (نوفمبر 2017) بإصدار قرار يقضي بإغلاق مكتب م.ت.ف في العاصمة الأمريكية، واشنطن، وقام هو بالاعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل، وقرر نقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها، وأصبح يتفاخر بأنه أزاح قضية القدس واللاجئين والمستوطنات والأمن من على طاولة المفاوضات، وبذلك تكون إدارته قد تنكرت لالتزامات أمريكية سابقة، وقوضت حل الدولتين الذي رأته منظمة الأمم المتحدة بهيئاتها المختلفة".
وأكد على أن ما يثير السخرية أن الإدارة الأمريكية لا تزال تتحدث عن صفقة القرن، متسائلًا: "فماذا تبقى لدى الرئيس ترامب ليقدمه للشعب الفلسطيني: حلول إنسانية؟".
وتابع الرئيس: "كفى مخادعة. أما الكونغرس الأمريكي، فقد قطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني وعن دولة فلسطين، وقطع المساعدات الأمريكية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) التابعة للأمم المتحدة، وتبعته في ذلك الإدارة الأمريكية التي تنادي الآن بإلغاء وكالة الغوث، وطَرْحَ أرقام زائفة لأعداد اللاجئين الفلسطينيين في مسعى مكشوف لطمس قضيتهم، ولا يزال يصر على اعتبار م.ت.ف، التي تعترف بها الأغلبية الساحقة من دول العالم، بما في ذلك إسرائيل، كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني منظمة إرهابية، في وقت تتعاون فيه مع معظم دول العالم، بما فيها الولايات المتحدة لمحاربة الإرهاب. فلماذا كل هذا العداء المستحكم للشعب الفلسطيني الذي يرزح تحت احتلال تدعمه الولايات المتحدة؟."
وأردف: "وللخروج من هذه الأزمة القائمة بيننا وبين الإدارة الأمريكية، طالبنا هذه الإدارة بالتراجع عن قراراتها بشأن القدس، ومكتب م.ت.ف، وقطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، ووكالة الغوث، حتى يتسنى لنا مواصلة الجهود من أجل تحقيق السلام. وعرضنا على الكونغرس الأمريكي تشكيل لجنة فلسطينية أمريكية للبحث في مكانة م.ت.ف السياسية والقانونية حتى نثبت لهذا الكونغرس، المنحاز بشكل أعمى لدولة إسرائيل، بأن م.ت.ف هي منظمة ملتزمة بتحقيق السلام وبمحاربة الإرهاب، وأن قرار الكونغرس بشأنها هو قرار تعسفي وغير قانوني وغير مبرر، ويتجاهل بشكل متعمد الاتفاق الرسمي مع الإدارة الأمريكية لمحاربة الإرهاب، هذا الاتفاق الذي عقدناه مع 83 دولة أخرى".
وبين: "إنني اليوم أعرض هذا الامر على جمعيتكم الموقرة للنظر والتقرير فيه. وأمام إمعان الإدارة والكونغرس في رفض ما عرضناه للخروج من المأزق الراهن، قررنا وقف الاتصالات مع الادارة الامريكية، ورفض رعايتها المنفردة لعملية السلام، وطالبنا بدلاً من ذلك برعاية دولية متعددة لهذه العملية ولأية مفاوضات مستقبلية، ولن نقبل أن تقوم أمريكا وحدها بهذه المهمة، ورغم ذلك، فإنني ومن على هذا المنبر الموقر، أجدد الدعوة للإدارة الأمريكية للتراجع عما أقدمت عليه من قرارات أحادية الجانب، تتعارض وقرارات الشرعية الدولية، حتى نتمكن من إنقاذ عملية السلام وتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، لقد كان آخر هذه التفاهمات ما جرى بيننا وبين إدارة الرئيس أوباما، حيث تعهدت الإدارة الأمريكية بعدم نقل سفارتها إلى القدس، وعدم إغلاق مكتب م.ت.ف في واشنطن، مقابل عدم انضمامنا إلى 22 منظمة دولية جرى تحديدها بالاسم، لقد تنكر الرئيس ترامب لكل هذه التفاهمات، لذلك من حقنا ألا نستمر بالتزاماتنا تجاه إدارته".
وقال الرئيس: "أيتها السيدات والسادة، للتأكيد على تمسكنا بالسلام وحل الدولتين، وبالمفاوضات التي لم نرفضها في يوم من الأيام سبيلاً لتحقيق ذلك، ومن أجل إنقاذ عملية السلام، عرضت في جلسة لمجلس الأمن الدولي بتاريخ 20 فبراير من هذا العام مبادرة تتلخص بما يلي:
أولاً: عقد مؤتمر دولي للسلام في منتصف العام 2018، يستند لقرارات الشرعية الدولية، ويتم بمشاركة دولية واسعة تشمل الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة، وعلى رأسها أعضاء مجلس الأمن الدائمين والرباعية الدولية، على غرار مؤتمر باريس للسلام، أو مشروع المؤتمر في موسكو، كما دعا له قرار مجلس الأمن رقم (1850)، على أن يكون من مخرجات المؤتمر ما يلي:
1. قبول دولة فلسطين عضواً كاملاً في الأمم المتحدة، والتوجه لمجلس الأمن لتحقيق ذلك، آخذين بعين الاعتبار قرار الجمعية العام رقم (19/67) لسنة 2012، وتأمين الحماية الدولية لشعبنا.
2. تبادل الاعتراف بين دولة فلسطين ودولة إسرائيل على حدود العام 1967.
3. تشكيل آلية دولية متعددة الأطراف تساعد الجانبين في المفاوضات لحل جميع قضايا الوضع الدائم حسب اتفاق أوسلو (القدس، الحدود، الأمن، المستوطنات، اللاجئين، المياه، الأسرى)، تلتزم بالشرعية الدولية، وتنفذ ما يتفق عليه ضمن فترة زمنية محددة، مع توفير ضمانات التنفيذ.
ثانياً: خلال فترة المفاوضات، تتوقف جميع الأطراف عن اتخاذ الأعمال الأحادية الجانب، وعلى رأسها وقف النشاطات الاستيطانية في الأرض المحتلة منذ العام 1967، بما فيها القدس الشرقية، وتجميد القرار الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل، و نقل السفارة الأمريكية للقدس.
ثالثاً: تطبيق مبادرة السلام العربية كما اعتمدها مجلس الأمن في القرار رقم 1515، وعقد اتفاق إقليمي عند التوصل لاتفاق سلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين. و في هذا الإطار، أكدنا على الأسس المرجعية لأية مفاوضات قادمة، وهي:
1. الالتزام بالقانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وبما يشمل قرارات مجلس الأمن 242، 338 وصولاً للقرار 2334، ومبادرة السلام العربية، والاتفاقات الموقعة.
2. الالتزام بمبدأ حل الدولتين، أي دولة فلسطين بعاصمتها القدس الشرقية، لتعيش بأمن و سلام، إلى جانب دولة إسرائيل، على حدود الرابع من حزيران عام 1967، ورفض الحلول الجزئية، والدولة ذات الحدود المؤقتة، أو دولة في غزة.
3. القدس الشرقية عاصمة دولة فلسطين، وتكون مدينة مفتوحة أمام أتباع الديانات السماوية الثلاث.
4. ضمان أمن الدولتين دون المساس بسيادة واستقلال أي منهما، من خلال وجود طرف دولي ثالث.
5. حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار 194، وفقاً لمبادرة السلام العربية، واستمرار الدعم الدولي للأونروا. وفي هذا السياق فإنني أطالبكم بأن يصبح تمويل الأونروا التزاماً دولياً وليس مجرد تبرعات طوعية. فالأونروا تأسست بقرار صدار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949م نص على استمرار دورها حتى إيجاد حل لقضية اللاجئين. إنني اليوم أعيد طرح هذه المبادرة مرة أخرى على جمعيتكم الموقرة للتأكيد على أن أيدينا لا تزال ممدودة من أجل تحقيق السلام عبر المفاوضات، ولإنقاذ حل الدولتين. فما هو رأيكم؟؟.
وقال الرئيس: "أيتها السيدات والسادة، إن السلام في منطقتنا لن يتحقق بدون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس الشرقية. ولإرساء أسس السلام وحماية حل الدولتين أدعو دول العالم التي لم تعترف بدولة فلسطين للإسراع بهذا الاعتراف، إذ أنني لا أرى سبباً مقنعاً لتأخر بعض الدول، وخاصة الدول الأوروبية، في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفي هذا السياق، أود أن ألفت انتباه حضراتكم بأن دولة فلسطين سوف تترأس في العالم 2019 مجموعة الــ 77 التي تضم في عضويتها 134 دولة".
وتوجه الرئيس إليهم، بطلب رفع مستوى عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة حتى تتمكن من أداء المهام المتعلقة برئاسة هذه المجموعة على أكمل وجه.
وذكرهم الرئيس بأن إسرائيل لم تنفذ قرارا واحداً من عشرات القرارات التي أصدرها مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة والمتعلقة بالقضية الفلسطينية، مستندة في ذلك إلى دعم الولايات المتحدة، متسائلًأ: "فهل يجوز أن تبقى إسرائيل بدون مساءلة أو حساب؟ ولماذا لا يمارس مجلس الأمن الدولي صلاحياته لإجبار إسرائيل على الامتثال للقانون الدولي وإنهاء احتلالها لدولة فلسطين؟".
وأردف: "سيدي الرئيس، لقد اعتقدنا أن عهد الاستعمار قد ولّى، عندما شكّلت جمعيتكم الموقرة هيئة خاصة بتصفية الاستعمار، ولكن دولة بعينها لا تزال ترزح تحت نير احتلال استعماري هي دولة فلسطين، أما آن لهذا الاستعمار أن يرحل ويتركنا لنعيش في حرية وسلام؟ إن بريطانيا تتحمل مسئولية تاريخية وسياسية وقانونية ومعنوية إزاء ما لحق بالشعب الفلسطيني من أذى وتشريد عندما أصدرت وعد بلفور المشؤوم في العام 1917، ويشاركها في هذه المسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية التي دعمت وعد بلفور بكل قوة وعملت مع بريطانيا من أجل إعداده وتنفيذه".
وطالب الحكومة البريطانية وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية بتصحيح الخطأ التاريخي الذي ارتكب بحق الشعب الفلسطيني، وذلك بالاعتراف بدولة فلسطين وتعويض الفلسطينيين عما لحق بهم من ألم ومعاناة، فإننا نقاوم هذا الاستعمار بالوسائل المشروعة التي أقرتها منظمتكم الدولية وعلى راسها المقاومة الشعبية السلمية، كما نفعل اليوم في مسيرات العودة وفي منطقة الخان الأحمر، حيث قررت الحكومة الإسرائيلية اقتلاع سكان هذه المنطقة، الذين يقطنونها منذ أكثر من 50 عاماً وتشريدهم، لإقامة مشاريع استيطانية عليها. إن شعبنا الفلسطيني وأراضي دولة فلسطين المحتلة أصبحت اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بحاجة ماسة إلى الحماية الدولية.
وفي هذا السياق، قال: "اسمحوا لي أن اتوجه إلى الدولة التي صوتت لصالح قرار الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الصادر عن جمعيتكم الموقرة بتاريخ 14/6/2018، بكل الاحترام والتقدير، وإنني أدعوكم لوضع آليات محددة لتنفيذ قرار الحماية هذا في أسرع وقت ممكن، أيتها السيدات والسادة، في الوقت الذي نرحب فيه بتقديم الدعم الاقتصادي والإنساني لشعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة عبر بوابة الشرعية الفلسطينية، المتمثلة في دولة فلسطين والحكومة الفلسطينية، فإننا نرفض أن يكون هذا الدعم بديلاً للحل السياسي المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي التي احتلت عام 1967، بالقدس الشرقية عاصمة لها، وبديلاً عن رفع الحصار الاسرائيلي وإنهاء الانقسام القائم في قطاع غزة، إننا نواصل بذل الجهود الصادقة والحثيثة لإنهاء الانقسام واعادة اللحمة لشعبنا في الضفة الغربية وقطاع غزة، ورغم العقبات التي تقف أمام مساعينا المتواصلة لتحقيق المصالحة، فإننا ماضون في تحمل مسؤولياتنا تجاه أبناء شعبنا في القطاع".
وأوضح: "إننا نقدر لأشقائنا العرب ولمصر الشقيقة على وجه التحديد، ما تقوم به من جهود لإنهاء الانقسام، آملين أن تتوج هذه الجهود بالنجاح، إن إنهاء الانقسام مسألة لا تحتمل التأجيل، في ظل التحديات التي تواجه الشعب الفلسطيني، ومن أجل وضع حد لمعاناة أهلنا في قطاع غزة. إن حكومتي، حكومة الوفاق الوطني، تؤكد على استعدادها مرة أخرى، لتحمل مسؤولياتها كاملة في قطاع غزة، بعد تمكينها من ممارسة صلاحياتها كاملة، في إطار وحدة النظام السياسي الفلسطيني الواحد، والسلطة الشرعية الواحدة، والقانون الواحد، والسلاح الشرعي الواحد. إن شعبنا في غزة والضفة سوف ينتصر في النهاية على الانقسام، ونكرر لا دولة في غزة و لا دولة بدون غزة".
وفي الختام لخص الرئيس كلمته بقول ما يلي:
-نحن شعب غير زائد على وجه الكرة الأرضية، بل متجذر فيها منذ خمسة آلاف سنة، وعليكم إنصافنا و تنفيذ قراراتكم.
- هناك اتفاقات مع الإدارة الأمريكية نقضتها جميعاً، فإما أن تلتزم بما عليها وإلا فإننا لن نلتزم بأي اتفاق.
- وهناك اتفاقات مع اسرائيل وقد نقضتها جميعاً، فإما أن تلتزم بها أو نخلي طرفنا منها جميعاً، وعلى العالم أن يتحمل مسؤولية ونتائج ذلك.
- وهناك اتفاقات مع حركة حماس، فإما ان تنفذها بالحرف، وإما أننا سنكون خارج أي اتفاقات أو إجراءات تتم بعيداً عنا، ولن نتحمل أي مسؤولية.
- لن نلجأ إلى العنف والإرهاب مهما كانت النتائج.
وتوجه بالتحية والتقدير لأصحاب الضمائر الحية في هذا العالم الواسع الذين يقفون إلى جانب شعبنا في نضاله المشروع من أجل نيل حريته واستقلاله، وإلى الدول الشقيقة والصديقة التي لا تزال تقدم الدعم السياسي والاقتصادي والمالي لمساعدة شعبنا في بناء مؤسسات دولته المستقلة.
كما وجه لأبناء شعبنا الصابر المناضل في فلسطين، وفي مخيمات اللجوء والشتات، تحية إجلال وإكبار على مواقفهم البطولية وتضحياتهم الجسيمة من أجل الدفاع عن حقوق شعبنا الثابتة في وطنه، حقه في تقرير المصير وإقامة دولته المستقلة على حدود الربع من حزيران عام 1967، بالقدس الشرقية عاصمة أبدية، وحق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى ديارهم، طبقاً للقرار 194، ومبادرة السلام العربية.
وشدد على أننا سوف ننتزع حريتنا واستقلالنا ونبني دولتنا الديمقراطية المستقلة رغم أنف دولة الاحتلال، موجهًا تحية إكبار لشهدائنا الأبرار وأسرانا البواسل وأقول للفلسطينيين جميعاً، إننا على موعد مع الحرية. والسلام عليكم ورحمة الله.
ورصدت عدسة وكالة "خبر" تجمع المواطنين في ساحات مدينة رام الله بالضفة الغربية لحظة إلقاء الرئيس محمود عباس خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة.