وسط قطاع غزة تحديدًا في "تلة أم عامر" غرب مخيم النصيرات، يتواجد موقعًا أثرياً يعود للعهد "البيزنطي"، ويطلق عليه اسم "دير القديس هيلاريون"، كان الاحتلال الإسرائيلي قد اكتشفه في العام 1993م، بحيث أعلنه في ذلك الحين منطقة عسكرية مغلة، علمًا بأنّ المكان تعرض لعمليات سرقة.
وتبلغ مساحة الموقع الذي بُني عام 327، 25 دونمًأ، ويحتوي على عدة معالم أثرية، ويزوره سياح عرب وأجانب بين الحين والآخر للاستمتاع برؤية المكان والتقاط الصور التذكارية فيه.
بدوره، قال مدير ترميم مشروع التلة، المهندس أحمد البرش: إنّ "وزارة السياحة والآثار تعمل على حماية الموروث الثقافي والحضاري للشعب الفلسطيني، فعلى سبيل المثال موقع "دير القديس هيلاريون"، يجري حاليًا ترميمه بعد أن تم الانتهاء من مرحلة التنقيب المنطقة".
موقع ذو أهمية تاريخية
من جانبه، أوضح مشرف العمل في تل أم عامر، محمد عبد الجواد، أنّ "الموقع ذو الأهمية التاريخية يتكون من عدة مناطق، منها غرف الرهبان والكنائس والحمامات والفنادق وأرضيات الفسيفساء، التي رسم عليها أشِكالًا كالطيور والحصن، علمًا بأنّ ذلك كله له دلالات ومؤشرات توضح طبيعة الحياة التي كانوا يعيشونها".
من جهتها، أكدت خريجة التاريخ والآثار، نعمة السواركة، على أنّه "تم اختيار فريق عمل مكون من خريجات التاريخ والآثار في الجامعة الإسلامية للعمل في الموقع ليصبح مزاراً أثرياً فنجدهم يقومون بترميم الفسيفساء والرفع المعماري والقصارة في الديماس بالإضافة إلى قص الأحجار ونحتها بطريقة جدية".
محتويات الموقع
ويحتوي الدير من الجهة الشمالية على مجموعة غرف كانت مخصصة لإيواء طلاب العلم والنزلاء، في حين توجد فيه ثلاثة حجرات ضيقة كانت تُستعمل كحمامات للنظافة الخاصة.
وبُني في الجهة الجنوبية غرف أرضيتها مرسومة بشكلٍ كامل من الفسيفساء، وكانت مخصصة لاستقبال ضيوف القديس من طبقة رجال الدين والرهبان.
ويوجد بالجهة الغربية منه ساحة تدريس للطلاب، حيث كانت مخصصة لاستيعاب 400 طالب، وتحتوي أيضاً على مقعد كبير مبنيّ من الأحجار الجيرية ومخصص لجلوس المعلم، أما الجهة الشرقية منه فتحتوي على قاعة بُنيت تحت الأرض على شكل صليب.
ووسط الدير، توجد برك رخامية قديمة مبنية كحفر داخل الأرض على شكل الصليب، وتسمى بأحواض التعميد، وكان يُوضع فيها الماء المقدس لتغطيس مَن أراد الدخول في المسيحية فيها، كما توجد حجرة كبيرة تحتوي على بقايا تابوت القديس هيلاريون، بالإضافة إلى غرفة مخصصة لصنع النبيذ، وبركة لتربية الأسماك.
القديس هيلاريون
يُشار إلى أنّ القديس هيلاريون وُلد عام 291 في قرية "أم التوت" وسط قطاع غزّة حيث يقع ديره، ويُعتبر أول راهب في فلسطين وأول من أسس جمعية للرهبان، وأرسله والداه لتعلم المسيحية في الإسكندرية، وما أنّ وصل إلى سن الـ15 حتى أصبح مُلماً بتعاليم الدين المسيحي.
وفي مصر، التقى بالقديس المصري أنطونيوس الكبير "أحد أوائل الرهبان المسيحيين"، واستقر في موضع بعيد عن البشر في صحراء سيناء يتعبّد الله داخل كوخ صغير، ولكن بعد فترة، قرر العودة إلى غزة بعدما وصل إليه خبر وفاة والده، وهناك أسس مدرسة وكنيسة وأول جمعية للرهبان في فلسطين.