تزايد خلال الأيام الماضية الحديث عن قرب إبرام اتفاق التهدئة أو وقف إطلاق النار بين الأذرع العسكرية لفصائل المقاومة في قطاع غزّة، والاحتلال الإسرائيلي، بجهود مكثفة بذلتها مصر ووفدها الأمني الذي زار القطاع وإسرائيل خلال الأيام الأخيرة الماضية، ضمن المساعِ المصرية الهادفة إلى حقن الدماء الفلسطينية، ووقف الحصار عن القطاع، وتطبيق تفاهمات المصالحة بين حركتي فتح وحماس.
على الرُغم من التسريبات التي نفت وجود صيغة محددة للاتفاق، إلا أنّ المواطن في غزّة يلحظ بعض التغييرات، وأبرزها ضبط مشاركة المواطنين بمسيرات العودة في جمعة "سنسقط الوعد المشؤوم" يوم أمس، وزيارات الوفد المتكررة لقطاع غزّة، وزيادة ساعات وصل الكهرباء بشكلٍ محلوظ.
أجواء مهيئة
قال المحلل السياسي طلال عوكل: إنّ "الحديث عن تفاهمات في قطاع غزّة أصبح واضح ومعلن، وذلك في ظل التصريحات المتواترة في هذا الشأن، والأفعال على أرض الواقع أيضاً، مُشيراً إلى أنّ يوم أمس كان اختبار لكل الأطراف ونجحوا في ذلك، حيث لم يتم تسجيل أي شهيد، بالإضافة إلى عدد قليل من المصابين.
ورأى المختص في الشأن الإسرائيلي مأمون أبو عامر، أنّ الأجواء أصبحت شبه مهيئة لتوقيع الاتفاق، بعد توتر استمر حوالي 7 أشهر، وبالتالي كان تدحل الوسيط المصري لتهدئة الموقف، وتلبية شروط الفصائل وفي مقدمتها وقف الحصار المفروض على قطاع غزّة.
ورجح عوكل، خلال حديثه لمراسل وكالة "خبر"، إلغاء المسير البحري قبالة شواطئ "زيكيم" والذي ينطلق في كل يوم إثنين للمطالبة بكسر الحصار عن غزّة، وذلك بعد تواجد الوفد المصري أمس على حدود غزّة الشرقية لمراقبة الأحداث.
وبيّن أبوعامر، أنّ إسرائيل أبدت موافقة مبدئية على تخفيف الحصار المفروض على القطاع، بشكلٍ يتناسب مع معطيات وموازين القوى المحلية والممكنة في هذه الظروف.
بدايات تفاهم
اعتقد أبو عامر، أنّ وزير دفاع الاحتلال الإسرائيلي "ليبرمان" وصل إلى قناعة بأنّه لا يمكن حصر الموقف واللجوء إلى استخدام القوة العسكرية، خاصة أنّ تجربة الحروب الثلاثة والعمليات العسكرية المتكررة أثبتت فشلها.
وقال عوكل: إنّنا "أمام بداية تفاهمات وليس تهدئة كاملة مع إسرائيل، برعاية مصر ومبعوث عملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف وبموافقة الفصائل، والتي تنص على العودة إلى اتفاق 2014 جزئياً".
ولفت أبوعامر، إلى أنّ الظروف نضجت للتعاطي مع قطاع غزّة بأسلوب آخر، مبيّناً أن الواقع الموجود في القطاع دفع إتمام التهدئة وتدخل الأطراف كافة لمنع أي تصعيد.
واعتبر عوكل، أنّ المجال ما يزال واسعاً لإتمام ملف المصالحة وعمل السلطة في القطاع، خاصة أنّ الحديث الآن لا ينص على رفع الحصار بشكلٍ كامل، بل تخفيفه وهذا الأمر ليس هو ما يسعى له الشعب الفلسطيني.
المصالحة أولاً
أكد أبو عامر، على أنّ الأذرع العسكري لفصائل المقاومة، أدركت أيضاً أنه لا يمكن السعي نحو مواجهة عسكرية لا تُغير قواعد اللعبة، لذلك كان التوجه لدى الطرفين يؤكد ضرورة التوصل لتسوية معقولة من خلال إدخال الوقود والأموال وإقامة المشاريع.
وأشار عوكل، إلى أنّ المطلوب هو رفع الحصار كلياً عن قطاع غزّة، وهذا لا يحدث بموجب هذه التفاهمات الأولية بين الفصائل وإسرائيل، موضحاً أنّ زيارة الرئيس للقاهرة مرتبط بملفي المصالحة والتهدئة، وضمن مساعِ مصر لاستئناف جولات المصالحة.