انتهى اجتماع المجلس المركزي دون ان يعطي اكله بجذب اهتمام ايجابي عالمي واعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني الى سالف عهده او يلجم الفلتان التطبيعي العربي الصهيوني وذلك بعد ان مر يوما هذا الاجتماع مرورا عابرا وكانه لم ينعقد مما افقد هذا المجلس بريقه وذلك لسببين اولهما انه لم يات بجديد وانما جاء تلخيصا او تجميعا لمخرجات اجتماعاته السابقة وثانيهما غياب مكونات تمثيل وازنة لبقية الكل الفلسطيني حيث من المفروض ان يكون هذا المجلس بوتقة جامعة لهذا الكل.
الغريب انه وبالرغم من اتخاذ المجلس فعلا لقرار او قرارات تليق بالقيمة الوطنية لهذا المجلس وخصوصا تعليق الاعتراف بدولة الاحتلال ووقف التنسيق الامني الا انه وللاسف لم ينجح باحداث ردود فعل متساوية مع هكذا قرارات وذلك لعدم امكانية تنفيذ هذه القرارات وتحويلها الى افعال وخصوصا في ظل هذا التحصين المعيب الذي حصلت عليه اسرائيل من قبل الاشقاء العرب الذين اباحوا اخيرا باصرارهم وترجموا نواياهم الى وقائع على الارض فيما يبدو انه اكثر من مجرد تطبيع مع الكيان الصهيوني بعد ان اوهمونا لعقود ان اسرائيل كقوة قائمة بالاحتلال ستبقى كما كانت عدو الامس، عدو اليوم والمستقبل الى ان تستجيب للواقعية والعقلانية العربية التي جسدتها مبادرة الملك السعودي الراحل عبدالله بن عبدالعزيز التي اطلقها في سنة 2002 واطلق عليها المبادرة العربية التي نالت استحسان كل العرب والمسلمين الذين اعتمدوها كما مجلس الامن الذي اعتمدها لاحقا في ادبياته.
الامر الذي يوحي ان الشعب الفلسطيني وقضيته اصبحوا يشكلون عبئا ثقيلا على الاشقاء العرب وذلك بسبب تمادي الفلسطينيين في تحدياتهم وصراعهم الذي لم يعد محصورا بالصراع مع اسرائيل القوة القائمة باحتلال اولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وانما بلغ تمادي الفلسطينيين الزبى بعد ان اتخذوا قرارهم بتحدي سيد البيت الابيض بل وشتموه وهو حامي حمى العرب وحامي عروشهم.
طبعا لا احد ينكر اننا كفلسطينيين وتحديدا بعض من ولاة الامر يتحملون جزءا مهما من مسؤولية ما آلت اليه الامور بعد ان سممنا خطابنا الفلسطيني الداخلي بأيدينا والذي تمخض عنه انقسام وتخوين وانشقاق وانفصال وربما عبودية لكرسي الحكم بحيث اصبحنا وكأننا نزاحم الاشقاء "وما في حدى احسن من حدى" على مكان في نفس المركب المنقذ لكراسي الحكم هذه وهو ما لم يعد فيه لبس بعد ان اصبح بعضنا يدفع بارواح ودماء الابرياء ثمنا لذلك ولا اعتقد ان هناك من داع لجلد الذات اكثر بعد ان اصبح جَلدُنا غاية لكل من هب ودب.
وعليه ارى ان قرارات المجلس المركزي وبناء على ما سبق وبالرغم من انها محل اجماع وربما نشوه للكل الفلسطيني الذي ذاق الامرين من اسرائيل القوة القائمة بالاحتلال الا ان هذه القرارات وللاسف لن تطرح ثمارها المرجوة وذلك بسبب افتقارها للادوات التنفيذية الفعالة ليس فقط بسبب ضعف التمثيل في المجلس وانما بسبب ضعف البنية التحتية الحاضنة لمرحلة ما بعد التنفيذ اي هدم المعبد سواء اكان ذلك اقليميا كما اصبح واضحا دون الحاجة لتفسير اكثر او محليا وذلك بسبب بنيان السلطة الخدماتي وغير المؤهل لا للمواجهة ولا للصمود الحقيقي في ظل حالة الترف التي وصلنا اليها في طيران درجة رجال الاعمال والنوم على اسرة الخمس نجوم والمرور من صالات الشرف وهذا ليس تهكما كون هذا الترف اصبح بالنسبة للبعض ضرورة من ضرورات الفشخره والندية مع نظرائهم من الدول الاخرى، الامر الذي يشجعني على القول ان بنيان السلطة لن يصمد طويلا في مرحلة ما بعد هدم المعبد ليس بسبب انقشاع هذا الترف فقط ولا بسبب ان السلطة غير مؤهلة لمواجهة العقلية الهمجية لعسكر الاحتلال وابتزازهم لرجال السلطة وربما لعائلاتهم وانما وهو الاهم في ما نشهده من تفسخ للحاضنة الشعبية في المخيم والقرية والمدينة، وهي التي كانت في سابق الايام السر في نجاح انطلاقة واستمرار الثورة الفلسطينية التي كان صداها يسمع في كل زوايا المعمورو الى ان وقعت في المستنقع الصهيوني الاوسلوي اللزج الذي افتقر الى ابسط شروط المساءلة او الحصانة الدولية والاخلاقية التي تتمتع بها الاتفاقيات الدولية.
تعليق الاعتراف باسرائيل للاسف جاء متأخرا اذ كان من الواجب ان يتم مباشرة بعد انتهاء الفترة الانتقالية من قيام السلطة التي ولدت من رحم منظمة التحرير وليس من رحم الدولة بحسب اتفاق اوسلو .
الخطأ او ربما الخطيئة التي ارتكبتها القيادة الفلسطينية كانت في التوقيع على هكذا اتفاق في ظل توافر معلومات لدى القيادة الفلسطينية في حينه تفيد ان اسرائيل لن تمنح الفلسطينيين اكثر من حكم ذاتي وكان لها ذلك وسيبقى لها ذلك طالما بقيت شروط الحل بيد اسرائيل في ظل تطبيع مخزي وميزان قوى يميل وبشدة لصالح اسرائيل.
القيادة الفلسطينية في حينه واعتقد انها ما زالت تراهن على قانون الحق واخلاقيته كسلاح وبالتالي قدرتها على تغيير هذا الواقع مع الايام من خلال تمسكها بالشرعية الدولية ومراهنتها على القيم الانسانية الراعي الحقيقي للحضارة البشرية التي تمكنت فلسطين بفضلها من الوصول لمرحلة الدولة المراقب في منظمة الامم المتحدة.
بالعرف الاخلاقي كان من المفروض ان تكون اسرائيل الاكثر انزعاجا وقلقا من قرارات المجلس المركزي الا انها وعلى العكس من ذلك اظهرت عدم اكتراث كونها وبحكم انها القوة القائمة بالاحتلال وعليه فهي كيان غير اخلاقي اضافة الى ان اسرائيل تدرك تماما ان قرارات الدورة الثلاثين للمجلس المركزي "دورة الخان الاحمر" هي شيء من الماضي كونها استحقاقات تعود لليوم الذي انتهت فيه فترة اوسلو الانتقالية في مايو 1999 كما اسلفت والذي كان من المفروض ان يكون يوم تطبيق لهذه الاستحقاقات وعلى راسها اعلان قيام الدولة الفلسطينية.
من هنا كان الاجدى ان يكون قرار تعليق الاعتراف الفلسطيني باسرائيل كدولة بعد مرور كل هذا الوقت قرارا متساوقا مع تعليق الاعتراف الدولي بها الى ان تفي بشروط عضويتها التي وافقت عليها في سنة 1949، (قيام دولة فلسطين وعودة اللاجئين) اضافة لكون اسرائيل دوله مارقة بسبب فداحة تمردها على كافة القوانين والشرائع الدولية وعليه فقد كان اللائق بالمجلس المركزي ان يكون قد اتخذ قرارين من اجل الحفاظ على بريقه الوطني والدولي الاول وهو قرار توظيف كل الممكن من اجل تعليق عضوية اسرائيل في منظمة الامم المتحدة التي لم يتوقف الكيان الصهيوني يوما عن اهانة وجلد هذه المنظمة التي ولدت اسرائيل من رحمها والثاني قرار بازالة كل اسباب الانقسام وعودة الوحدة الوطنية والجغرافية لما تبقى من اطراف الوطن من اجل انجاح القرار الاول الذي يعتبر في نظري الممر الاجباري لقيام دولة فلسطين ليس فقط على حدود الرابع من حزيران وانما ولو بعد حين على حدود قرار التقسيم رقم 181 بتاريخ 29 نوفمبر 1947 .