بقلم: أكرم عطا الله

نصيحة لحركة فتح

أكرم عطا الله
حجم الخط

من قرأ بيان حركة الجهاد الاسلامي الذي ردت فيه على الناطق باسم حركة فتح الذي انتقد مشاركة الشيخ خالد البطش في المهرجان الذي أقامه مؤيدو دحلان لإحياء ذكرى استشهاد ياسر عرفات يلاحظ أن حركة فتح باتت تذهب بخطابها إلى مساحات تبتعد فيها عن حركة فتح التي كانت يوما تفخر بنفسها بلقب الأم عندما كانت تحتضن الجميع.

ليس فقط البيان الأخير بل أن من يلاحظ خطاب الحركة في السنوات الأخيرة يدرك كم أصبح الخطاب عدائيا تجاه أكثر من جهة ليس على مستوى الخارج بل على مستوى الداخل الفلسطيني فقد يكون مفهوما أن يكون الخطاب حادا ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل مثلا أو حتى بعض الدول الاقليمية التي تتامر ضد القضية الفلسطينية و تعبث بخاصرتها في غزة و أن لم يكن ذلك حادا لكن أزمة الاستعداء للداخل أصبحت أكثر مما يجب.

لم يخطئ الشيخ البطش حتى تكال له اتهامات لا تليق فقد دعي الرجل لإلقاء كلمة وفاء في ذكرى  استشهاد ياسر عرفات ولا أحد يتصور أن حركة الجهاد الاسلامي كان يمكن أن تفوت فرصة ظهور أحد قياداتها أمام حشد كبير من أبناء الشعب الفلسطيني و من الطبيعي أن يقبل الرجل الدعوة ، هناك صراعا داخليا في حركة فتح وعلى حركة فتح ، الحركة مسؤولة عنه وليس الفصائل الأخرى و الغريب أن الحركة تريد من الجميع فصائل و كتاب و مستقلين أيضا أن يكونوا جزء من صراعها الداخلي حاملين موقفها من دحلان و في هذا ما يحمل عدم احترام لكل الاخرين ومن لا يلتزم بموقف فتح تكال له جميع التهم و كأن على الجميع أن يرى الاشياء بعين فتح ومن لا يلتزم بذلك يخرج عن الصف الوطني.

لكن  فتح لا تعرف أنها بنظر الاخرين بعد غياب ياسر عرفات لم تعد معيارا للحكم فقد تحولت من الحركة التي تجمع الفلسطينيين تحت جناحها إلى الحركة التي تفتح معارك مع الكل الفلسطيني ....خلاف مع حركة حماس.. خلاف مع محمد دحلان... خلاف مع اليسار الفلسطيني الذي لم يحضر اجتماعات المجلس المركزي والوطني.. خلاف مع سلام فياض... خلاف مع ياسر عبد ربه... خلاف مع الجهاد الاسلامي, و خلاف مع الكتاب و المثقفين.. خلاف مع كل من يختلف معها و إذا كان الخلاف مع حركة حماس مفهوما ومبررا باعتبار أن حماس طردتها من قطاع غزة و رفعت السلاح في وجهها و ذلك تجاوزا للخطوط الحمراء فما مبرر الخلافات مع كل هؤلاء ؟ والسؤال الأهم ألم تتعب من هذه الخلافات؟

لا تجد مسؤولا في حركة فتح يظهر على فضائية أو يصرح أو حتى بمكالمة خاصة إلا و يشتم أو يوزع اتهامات, و إذا كان الأمر مبررا مع حركة حماس فما هو المبرر لاستعداء أحد قيادات الحركة مثل دحلان؟ أو اليسار الفلسطيني أو حتى فياض أو حتى حركة الجهاد الإسلامي التي لا تنافس و لا تنازع على السلطة أو حتى بعض المثقفين الذين حاولوا أن يصوبوا مسارها و يخففوا من درجة الاستعداء الذي تمارسه من أجل مصلحتها أو تذكيرها بأنها الحركة الأم؟

بات من الضروري أن أحدا يجب أن يواجه فتح وأن يذكرها بأنها باتت تقف وحيدة و هذا ليس تراثها و في الوقت الذي تقف فيه في مواجهة الجميع تسعى منافستها الرئيسة حركة حماس إلى الايحاء بانها تحتضن الجميع و تعمل مع الجميع و تشكل غرفة عمليات مشتركة و تتفاوض مع الجميع مصر و قطر والفصائل و غيرها و فيما حركة حماس تبدو أنها تفتح أذرعها لباقي القوى و الفصائل و المثقفين تستعدي فتح كل القوى و الفصائل و المثقفين.

مهرجان السرايا الذي أقامه مؤيدو دحلان كان حاشدا و حين ذهبت هناك سألت نفسي هل تستغني حركة فتح التي هزمت في انتخابات 2006 عن كل هؤلاء؟ و إذا كانت تستعدي دحلان في صراعا داخليا على حركة فتح هل مطلوب من الاخرين أن يستعدوا دحلان مثلها؟ وما هو مبررهم لذلك؟

من حقنا على حركة فتح أن تكون أكثر هدوء في خطابها كما عهد ياسر عرفات ومن حق حركة فتح ذات التاريخ الطويل و المجيد أن نقدم لها النصيحة و الملاحظة عندما نجدها تخطئ وتبتعد عن تراث ياسر عرفات ورعويته وأبويته للحالة الفلسطينية .. على الحركة أن تقرأ من جديد علاقتها بالداخل الفلسطيني و تحديدا هذا العام مع عقد المجلس الوطني و المركزي و أن تعيد النظر بخطابها العصبي تجاه كل الذين ينطوون في الاطار الوطني و هم الشركاء في مواجهة الغول الإسرائيلي.. حركة فتح إن استمرت بهذا الشكل ستبدو وحدها حين يصل الامر لشركاء التاريخ عن العزوف في شراكة المؤسسة فإن ذلك يستدعي مراجعة وعليها أن تعرف أن السياسة وجهات نظر فللناس رؤيتهم التي تختلف عنها و أن ما يجمع الناس هي القواسم والمشتركة و المعيار الوحيد هو تأييد الناس و ليس معايير تضعها الفصائل ارتباطا بمصالحها وصراعاتها...!