معاناة ذوي الأسرى لا تقل عن الأسرى أنفسهم، حيث إنّ تطوي عائلة الأسرى الفلسطينين داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي نهاراتها ولياليها احتراقاً وشوقاً، عدا عن ممارسات الاحتلال وتعمده تضييق الخناق عليهم أثناء زيارة أبنائهم.
ذوي الأسير وحدهم يدركون معنى أن يكون الابن أو الأب أو الزوج أو الزوجة أو البنت أو الأم، في غياهب السجون الإسرائيلية، التي لا تسمح إدراتها لهم بزيارة الأسير إلا من خلف جدار زجاجي وبواسطة سماعة رديئة يسمعون منها صوته.
وكالة "خبر" رصدت معاناة الأسرى وذويهم أثناء رحلة الزيارة التي يفرض الاحتلال خلالها قيوداً منها "تدقيق الأوراق، والتفتيش الجسدي، والانتظار لساعات طويلة"، من أجل السماح لذويهم بصعود الباصات لنقلهم إلى السجون، وزيارة الأسير لمدة 45 دقيقة فقط من خلف جدار زجاجي.
مراسلنا استقل أحد الباصات التي أعدها الصليب الأحمر، في رحلة استمر مسيرها 3 ساعات بصحراء "النقب" متوجهاً إلى سجن "رامون" والسجون الأخرى، والتي تؤدي إلى إنهاك أهالي الأسرى الذين يطوقون لرؤية ذويهم داخل سجون الاحتلال.
وبعد رحلة المعاناة الطويلة لوصول السجون الإسرائيلي يسمح الاحتلال لذوي الأسرى أخيراً برؤية أبنائهم من خلف جدران زجاجية، ليس هذا فحسب بل بواسطة سماعة ردئية لا تنقل الصوت بصورة سليمة، وبعد ذلك تبدأ رحلة العودة التي لا تقل معاناتها عن إرهاق ومتاعب الذهاب.
ويرتبط تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية الأسيرة بشكل وثيق بتاريخ الصراع الطويل مع الحركة الصهيونية، ولاحقاً مع دولة إسرائيل التي قامت عام 1948 على أرض فلسطين التاريخية، والذي نتج عنه تهجير ثلثي الشعب الفلسطيني من أرضه بعملية تطهير عرقي منظمة.
ورغم ما تكبده الشعب الفلسطيني بشرائحه المختلفة من ويلات السجون والاعتقال، إلا أنّ تاريخ الحركة الوطنية الأسيرة كان وما زال عاملاً مؤثراً في تاريخ الثورة الفلسطينية المعاصرة وتصديها للاحتلال وقوى الظلم التي تآمرت على فلسطين وشعبها الأصلي.
كما أنّ قضية الأسرى الفلسطينيين تُعتبر من أكبر القضايا الإنسانية و السياسية و القانونية في العصر الحديث، خاصة أنّ أكثر من ثلث الشعب الفلسطيني قد دخل السجون على مدار سنين الصراع الطويلة مع الاحتلال الإسرائيلي والحركة الصهيونية.
يُشار إلى أنّ عدد حالات الاعتقال في صفوف أبناء الشعب الفلسطيني منذ عام 1948م، بلغت نحو 800.000 حالة اعتقال، أي ما نسبته 25% من أبناء الشعب الفلسطيني، في واحدة من أكبر عمليات الاعتقال التي شهدها التاريخ المعاصر.