حكايات من أروقة المحاكم

وضعت لزوجها حبوبا ً منومة لتخونه .

146
حجم الخط

شاء الله أن تتفتح عينا خير الدين على هذه الدنيا في ملجأ للأيتام , الأمر الذي حوله مع الايام الى انسان منعزل ومنطوي , فلا يحب مخالطة الناس , واكتفى منهم بالتحية صبحا ً ومساء , واحترموا هم ذلك فلم يطالبوه باكثر . ..

ورغم صفته هذه إلا أنه تميز بخدمة من يطلب العون منه بكل سرور , الأمر الذي اكسبه احترام الناس وتقديرهم .. وعلى الرغم من تميزه بالانعزالية إلا أنه كان مثابرا ً ومجتهدا ً.

حين قرر خير الدين الزواج ظن اخوته أن من سيحضرون حفل زفافه لن يتجاوزوا أصابع يدين بسبب الصفات التي يتمتع بها خير الدين وقلة معارفه  , وعليه فلا داع لاقامة حفل زفاف وتكبد مصاريف هم في غنى عنها , إلا أن أحد اخوته أصر على اقامة حفل زفاف له " ألأنه بحاله تريديون أن تحرموه من يوم العمر لا وألف لا .. " .. المفاجئ في الأمر ان عدد من حضر حفل زفاف خير الدين فاق ما تخيله أي انسان فكانت ليلة العمر .. بألف ليلة وليلة , وكان زفافه حديث الحي بل المنطقة بأسرها ..

عاش خير الدين حياته مع زوجته نجاح ببساطته المعتادة , حاولت نجاح تغيير عاداته ومسلكياته , واخراجه من عزلته وانطوائيته وحثه على مخالطة الناس ومبادلتهم الزيارات , والأحاديث , لكن خير الدين سرعان ما كان يترك المكان ويلوذ بغرفة نومه صامتا ً .

شيئا ً فشيئا ً أخذت زيارات الناس تقل حتى انقطعت , ولم يعد يتردد على بيته سوى أخوته وأخواته وأهل زوجته .. وهذا الأمر لم يكن يرضي نجاح ..

ذات يوم سألت نجاح زوجها : حبيبي خير الدين هل يرضيك الحال الذي نحن عليه ؟؟

رد خير الدين باستغراب : أي حال يا نجاح ؟؟ هل قصرت معك في شئ ؟؟ هل ينقصنا شيئ؟

-       ما قصدت هذا يا عمري .. فأنت لم تحرمني شيء .. ما اعنيه أننا نعيش معزولين عن الناس لا نزور أحد ولا يزورنا أحد .. وبالكاد يدخل بيتنا اخوتك واخوتي .. ردت نجاح بنبرة حزينة ..

-       انت تعلمين يا نجاح اني اكره مخالطة الناس .. صدقيني لا يأتي من ورائهم الا وجع الراس ..

-       يا خير الدين .. الجنة بلا ناس ما بتنداس .. يا حبيبي هذه الدنيا بها الخير والشر .. بها الحب والكره .. لكن الخير يملؤها .. والحب يجللها .. ألم يكن حفل زفافنا قصة تروى لكثرة من حضره من محبيك ؟؟؟

-       محبيك !!! صمت خير الدين وه يفكر بصمت " محبا ً لي ؟؟ ربما بعضهم كذلك .. لكن اكثرهم كان يشفق علي .. أجل يشفق علي لأنني عشت وحيدا ً وتربيت يتيما ً .. كانت هذه هي الفكرة التي تسيطر على مخيلة خيرالدين وبمرور الوقت صارت قناعة راسخة لديه ..

وسرعان ما انتبه خيرالدين على صوت نجاح :

-       نعم محبيك يا خير الدين .. ويجب ان تقتنع بذلك .. وعليك أن تغير من طبيعتك .. هذا السلوك لم يولد معك لكنك ادخلت نفسك به .. وأقدر أن الظروف هي من دفعتك لذلك .. لكن التغيير أمر مستطاع ..

-       طيب حاضر .. رايح اغير .. هيك بترتاحي .. في اشي ثاني أعمله .. ؟؟ قال خير الدين بصوت خفيض مستسلم ..

-       انت وانا حاولنا وما نجحنا .. صار لازم حد ثاني يتدخل ويحل مشكلتك .. قالت نجاح

-       حد ثاني زي مين اخوتي مثلا ً .. ؟؟ رد خير الدين باستغراب ..

-       لا اخوتك ولا اخوتي .. بدنا حد متخصص .. لازم تعرض نفسك على طبيب امراض نفسية .. قالت نجاح بحزم ولاذت بالصمت تراقب أثر كلماتها على خير الدين ..

-       طبيب أمراض نفسية ؟؟؟ بس أنا مش مجنون يا نجاح ... رد خير الدين محتجا ً

-       ومين حكالك يا حبيبي أن الطبيب هذا هو للمجانين فقط .. ؟؟ صدقني كل الاغنياء واولادهم براجعوا اطباء نفسيين .. عادي يا خيرو .. زي اللي براجع طبيب لعلاج الانفلونزا .. عادي جدا .. قالت نجاح بخبث ..

-       طيب .. طيب .. حدديلي مع الطبيب موعد وانا بروح .. قال خير الدين باستسلام شديد .. وسط ابتسامة صفراء علت ثغر نجاح ..

مضت أيام على هذا الحوار .. حتى ظن خير الدين ان نجاح نسيت الموضوع .. ومر خلال ذلك بوعكة صحية .. اضطرته الى ملازمة الفراش .. أخذت نجاح تستدعي "علي" ابن شقيق خير الدين لتلبية احتياجات البي بداعي مرض خير الدين وعدم قدرته على الاستيقاظ .. كان علي يعمل محاسبا ً في شركة كبرى ويمتاز بالوسامة الشديدة والاستقامة أيضا ً ..

وما ان احست نجاح ان خير الدين تماثل للشفاء حتى بادرته بقولها :

-       انا حددت موعد مع طبيب الامراض النفسية .. بكرة الساعة 12 الظهر ..

-       حاضر .. حاضر .. انت ما نسيتيش .. ؟؟

وفي الموعد المحدد توجه خيرالدين ونجاح وابن شقيقه علي الى الطبيب والذي قرر صرف الأدوية المناسبة له .. هكذا دون فحص ..

-       شفت يا روحي .. الامر بسيط جدا بس أدوية .. قالت نجاح وقد تبسمت بخبث وهي تنظر نحو علي الذي رمقها بنظرة غريبة فلاذت بالصمت ولم تكمل كلامها ..

كان من بين الأدوية التي يتناولها خير الدين بناء على وصفة الطبيب دواء ً منوما ً يجعله ينام كما القتيل , ودواء آخر يجعله يشعر بالاختناق , وبرغبة عارمة في المشي , فيقطع البيت جيئة وذهابا ً , ولا يحس بالراحة الا اذا سار في الهواء الطلق ..

وحين كان يشكوا لزوجته أثر الدواء كانت تحثه على الصبر وتردد " الشفاء دوائه مر " .. وكانت تصر على تناوله للدواء .. وتعطيه الجرعات بيدها ..

واستمر علي بالتردد على بيت عمه بشكل شبه يومي ..

كان خيرالدين يحس ان عليا ً يرغب في محادثته في امر ما .. لكنه سرعان ما يصمت حين تدخل نجاح الغرفة ... وأحيانا كان خيرالدين يقول له أجل الحديث الى الغد قبل أن يخلد الى النوم ..

مرت الأيام على خير الدين وهو يعاني من وحدته ومن آثار ادويته .. حتى كان ذاك اليوم .. وفيه تناول جرعة من دوائه لكنها أقل من الجرعة المعتادة .. أحس كالعادة برغبة في النوم .. حاول أن يقاوم .. لكن سلطان النوم صرعه فنام ..

استيقظ خير الدين بعد منتصف الليل .. يبدو أن الجرعة لم تكن فعالة كما المعتاد فزال اثرها بسرعة .. فتح باب غرفة نومه بهدوء خشية ازعاج زوجته التي ظن انها تنام الى جواره .. إلا أنه تفاجأ ان البيت مضاء فظن أن زوجته أو احد ابنائه نسوا المصابيح مضاءة .. فأخذ يسير في البيت ويطفئ الانوار .. حتى اقترب من احدى الغرف .. فسمع صوت آهات وتنهدات .. كان الصوت صوتا ً انثويا .. أصاخ السمع فإذا به صوت زوجته نجاح .. اقترب بحذر  أكثر من باب الغرفة فسمع صوت رجل يحادثها ..

-       هل أنت متأكدة انه تناول الدواء ؟؟

-       انه كالميت ولن يستيقظ من نومه ولو دوت المدافع قربه .. قالت نجاح قبل أن تتابع دلالها وآهاتها ..

لم يتمالك خيرالدين نفسه ففتح باب الغرفة ليتفاجئ بزوجته عارية بين احضان رجل , وما ان وقع نظرها عليه حتى تجمدت وهرب الكلام من فمها , فأشارت لعشيقها بيدها أن ينظر خلفه , وحين التفت الرجل الى حيث اشارت هرب الكلام من فمه هو أيضا ً , اما خير الدين فخارت قواه حين شاهد الرجل وسقط مغشيا ً عليه , كان الرجل هو "علي " ابن شقيقه ...

سويعات قليلة مضت قبل أن يستفيق خيرالدين من اغمائته على صوت بكاء احد أبنائه .. بالكاد تذكر خير الدين ما حصل معه فجر اليوم .. حاول أن يستعيد ما حصل معه .. تذكر أنه لا يرى نجاح .. ولا صوت لها .. سأل ابنه أين أمك ؟؟ .. جمعت أشيائها وغادرت المنزل .. وعلي أين هو ؟؟ .. خرج من البيت باكيا ً يا أبي .. ولا أعرف مل كان يبكي أتعرف انت ؟؟  .. أي بكاء هذا يا علي أتراه بكاء الندم .. أم بكاء الخزي والعار .. ردد خير الدين وقد أشاح بنظراته عن ابنه ..

لا بد من الصعي وراء الحقيقة .. ولابد ان ينال كل من خان جزائه .. نجاح .. علي .. و.. و .. الطبيب .. بدون ادراك منه قفزت كلمة الطبيب على لسانه .. لابد أن له دور في كارثتي .. ليكن هو أول من يحاسب ومن ثم نرى ما يكون .. وبسرعة قفز خيرالدين من مكانه وارتدى ثيابه وأسرع الى عيادة الطبيب والشرر  يتطاير من عينيه .. لكن لسوء حظه لم يكن الطبيب موجودا في العيادة .. وجد زميلاً له يتولى متابعة المرضى حتى يعود , جلس خير الدين مع الطبيب البديل واخذ يقص عليه ما عاناه من الأدوية وازدياد حالته سوءا ً و ..و .. , تناول الطبيب اضبارة خيرالدين وأخذ يقرأ فيها , كان تشخيص الحالة انفصام شديد في الشخصية , وخوف من كل الناس لأنهم أعداء له ..

-       لا حول ولا قوة الا بالله .. أخذ خير الدين يردد .. أليس هذا التشخيص مبني على كلام زوجتي نجاح وابن شقيقي علي ..؟؟

نظر الطبيب في الاضبارة مجددا , قبل أن يومئ برأسه مؤكدا ً كلام خير الدين .. ويتابع :

-       الكشف الأولي اكد وجود أعراض انفصام في الشخصية لكن الطبيب لم يجزم بالمرض منتظرا ص نتيجة التحاليل التي وصفها لك بواسطة زوجتك .. صحيح أين هي هذه التحاليل ؟؟

-       أي تحاليل .. ؟؟ لم يطلب مني زميلك أية تحاليل ..

أدرك الطبيب أن ورقة التحاليل المطلوبة سلمت لزوجة خيرالدين , والتي بدورها أخفتهم لغاية في نفسها .. فنظر صوب خيرالدين قائلا ً :

-       لا تتناول أي من الأدوية التي معاك .. وهاك ورقة جديدة بالتحاليل المطلوبة أحضرها لي بعد أن تجريها ..

تناول خيرالدين الورقة من يد الطبيب قبل ان يمزقها ويلقيها امام الطبيب " بلغ تحياتي لزميلك " قال ذلك وهو يغادر العيادة ..

" الآن جاء دورك يا علي " .. قال خير الدين وهو يتجه صوب بيت شقيقه .. طرق الباب , وما أن فتح شقيقه الباب ودعاه الى الدخول حتى بادره بالسؤال :

-       أين علي ؟؟ قالها دون اكتراث بترحيب شقيقه ..

استغرب والد علي تصرفات شقيقه لكنه سارع الى تلبية طلب شقيقه فنادى ابنه علي الذي خرج من غرفته واهنا يجر قدميه جرا ً .. وحين رأى عمه خيرالدين تقدم منه مطئطئا ً رأسه , وما ان اقترب منه حتى رفع خير الدين يده وانهال صفعا ً على وجهه , ولم يحاول علي الدفاع عن نفسه , وخير الدين يقول : بتخوني أنا يا علي .. أنا ؟؟؟ .. قبل أن تتحول الصفعات الى ركلات .. لم يحاول والد علي التدخل والذود عن ابنه المستسلم , فقد احس أن الامر عظيم فلاذ بالصمت وكذلك فعلت زوجته ..

لحظات مرت على الجميع كأنها الدهر قبل أن يلقي خير الدين بجسده المنهك على أقرب كرسي .. وقال لاهثا ً :

-       قل لي يا حقير كيف حصل الأمر ..

جلس علي على الأرض وهو يلعق جراحه واخذ يروي حكايته مع عمه وزوجته ..

-       ذات يوم حضرت الى بيتك يا عمي كي أرى ما تحتاجونه لأني علمت من زوجتك كم انت مريض ولا تقوى على النهوض من فراشك .. وجدتك نائما ً فلم أشأ ايقاظك وسألت زوجتك ان كانت بحاجة لشئ فطلبت أن انتظرك حتى تستيقظ .. فجلست اتسامر معها ومع ابنك .. الى أن نهضت من مجلسنا وغابت قليلا ً قبل أن تصرخ مولولة " انسرقنا " .. قمت كالمفزوع متسائلا عما سرق منكم .. فقالت انها اسوارتي الذهبية .. أخذت افتش معها في كل أنحاء البيت دونما فائدة .. وعندما طلبت منها أن نبلغ الشرطة قالت لنفتش كل من في البيت قبل ذلك .. مدت يدها في جيوب ابنك متظاهرة انها تفتشه فلم تعثر على شيء .. ثم نظرت نحوي قائلة : الآن دورك يا علي .. وبسذاجة اخذت اخرج ما في جيب بنطلوني .. ولم يكن هناك شيء الى أن اخرجت ما في جيب جاكيتي لتكن الصاعقة .. الأسوارة تخرج من جيبي وبيدي .. أحسست ساعتها أن الدنيا تلف بي وزوجتك تردد تسرق بيت عمك يا علي .. بيت عمك .. كنت أتصبب عرقا ً ولا أقوى على الحراك .. واخشى أن تستيقظ أنت فيزداد طيني بلة .. وفجأة طلبت نجاح من ابنك مغادرة الغرفة .. وتوجهت نحوي طالبة مني أن أهدأ .. فكل شيء قابل للحل كما قالت .. أخذت أقسم لها اني لم أسرق وأني لا أعرف كيف وصلت الاسوارة الى جيبي .. فقالت بحزم اصمت .. واصغ الي جيدا يا علي .. فلم يكن امامي سوى الانصياع لأمرها .. لحظات مرت علي كانها الدهر وأنا الوذ بالصمت ولا أستطيع النظر في وجه نجاح .. حتى قالت :

-       بيدك يا علي أن تكون سيد هذا البيت تامر فتجاب .. الكل خدم لك عمك وابنه وأنا ..

لم استطع الكلام , ونظرت اليها وأنا لا أفهم قصدها فتابعت ..

-       وبيدك أنت أن تدخل السجن فتضيع مستقبلك وتفضح أهلك .. فما هو قولك ..

احسست أني سقطت ضحية مؤامرة دنيئة حيكت بليل مع الشيطان , ولم اجد امامي سبيل سوى الاستسلام لها فقلت :

-       انا تحت امرك يا نجاح فماذا تريدين ؟؟ واقسم لك يا عم أن هدفي كان دفع الضرر عنك وكنت أزمع مكاشفتك بالأمر لكني لم استطع .. تارة بسببك وتارة بسبب نجاح ..

تذكر خيرالدين ان عليا ً كثيرا ً ما كان يحاول اخباره بشيء لكنه سرعان ما كان يصمت او أنه يطلب منه تاجيل الحديث الى يوم آخر .. ونظر الى علي الذي تابع حديثه :

-       قالت لي نجاح انها نجحت في اقناعك بمراجعة طبيب مختص بالامراض النفسية وان علي مساعدتها في هذا الأمر فقلت لها : وبماذا أساعد وأنت تقولين انه وافق على مراجعة الطبيب فقالت أنت من سيجد الطبيب وسترافقني اليه قبل أن يراه عمك وستؤمن على كل كلمة اقولها امام الطبيب .. وفعلا ً بعد يومين أبلغتها أني اخذت لها موعدا ً مع الطبيب فخرجنا سوية اليه وحين جلسنا معه أخذت تصف له أعراض أمراض زعمت أنك تعاني منها .. كن حديثها مقنعا فهي تصف المرض باقتدار ولا ادري من اين ملكت كل هذه المعلومات .. قالت انك انطوائي وتحب العزلة وانك تكره الناس وتثور لاتفه الاسباب بل انك تحاول قتل من يقف أمامك حتى أنك حملت ذات يوم سكينا ً لقتلها .. وقتلي .. ونظرت الي فلم أستطع سوى ان اومئ مؤكدا ً كلامها .. كان قلبي يتقطع من المصير الذي تقودك نجاح اليه .. واتفقت مع الطبيب أن لا يخبرك بما علمه عنك وان يكتفي بالقول انك تعاني من الانعزالية والانطوائية فقط .. وخدمتها الصدفة أن بعض تصرفاتك صادفت بعض أعراض المرض المعروفة للطبيب فلم يفحصك بشكل جدي ووصف لك دواء قال عنه انه مسكن الى ان تظهر نتائج تحليلاتك والتي لن تظهر ابدا ً لأن نجاح مزقت ورقة التحاليل .. وبدأت هي باعطائك جرعات الأدوية بيدها وتحذرني أن أخبرك بشيء الى أن تفاجئت بها وهي تهجم علي وتحاول تقبيلي حاولت جاهدا ابعادها عني لكنها هددتني انها ستصرخ وتدعو الجيران وتتهمني اني حاولت اغتصابها .. لم يكن امامي خيار سوى السقوط في بئر خيانتها .. والآن يا عم أنا على استعداد لتنفيذ ما تأمرني به حتى لو كان قتلي لنفسي وبيدي .. ولكني أقسم لك أني حميتك أكثر من مرة من غيها حين كنت امنعها من زيادة جرعة الأدوية لك .. هددتها أكثر من مرة اني سأعترف لك أو للشرطة بكل ما أعرفه ..

خيم الصمت على المكان فلم ينبس احد ببنت شفة .. حتى تحرك والد علي متجها الى المطبخ وعاد حاملا ً سكينا ً كبيرا ناولها لخير الدين قائلا ً :

-       خذ يا ابن امي وابي .. اذبحه كما الخراف ولن يتحرك احد في البيت للدفاع عنه .. فقد خان ولا جزاء للخائن سوى الموت ..

-       أقسم لكم اني لن اتحرك من مكاني ولن ادفع يد عمي فأنا أستحق الذبح .. قال علي وهو مطئطئ رأسه ..

تقدم خير الدين من علي وهو يحمل السكين .. أمسك برأس علي ووضع السكين على رقبته .. لكن يده لم تقوى على التنفيذ فسقطت السكين من يده .. قبل أن يجهش بالبكاء كما الأطفال .. وعاد الصمت ليخيم على المكان من جديد قبل ان يقول خيرالدين :

-       ان كان هناك من يستحق الذبح فهي نجاح .. ابنة الشيطان ..

ثم غادر المكان يجر أذيال الخيانة .. باحثا ً عن نجاح مقسما ً على قتلها .. لكن نجاح اختفت في زحام الدنيا فلم يعثر خيرالدين على اثر لها ..

قال لي خير الدين : لو التقيت بها في ذلك اليوم لقتلتها .. اما اليوم فقررت ان أتركها لعذاب ضميرها وأوكلت امري الى الله ليقتص لي منها .. لكني أريد ان اسألها سؤال واحد : لم فعلت كل هذا ؟؟ هل اسأت لك ؟؟

كم هي قاسية الخيانة .. وكم هو مر مذاقها ..

ومازال خير الدين يبحث عن اجابة لاسئلته .. وربما يحصل على اجابة لها لكن امام رب العالمين يوم الموقف العظيم