سوف نعرف في غضون هذه الأيام القليلة التي تفصلنا عن الموعد المحدد لاجتماع المجلس المركزي، فيما إذا كان بنيامين نتنياهو سوف يتراجع في اللحظة الأخيرة عن احتجازه الأموال أم يواصل المضي في عناده، وعندها سيكون المجلس الذي هو سيد نفسه سيداً في قراره، وهذا القرار الذي وصفه الرئيس بالصعب ليس سوى الرد على إسرائيل بالمثل، أي معاقبتها من اليد التي توجعها كما توجعنا بحجزها أموالنا.
وهكذا سنرى ان كان الرجل الذي يتعرض لضغوط لا سابقة لها من قبل الإدارة الأميركية وأوروبا والعالم يستطيع ان يواجه الجميع في هذه الحالة، وليس على خلفية حجزه الأموال الفلسطينية في هذه الحالة ولكنما أيضا على خلفية إصراره العنيد والفظ على إلقائه الخطاب أمام الكونغرس الأميركي من دون موافقة البيت الأبيض، ما دعا المتحدثين باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبار إصرار نتنياهو على هذا التحدي بمثابة تدمير العلاقة التاريخية بين الطرفين.
هنا بالضبط في ظل هذا الاحتدام وصخب «الطوشة» الجاري إوارها بين جون كيري ورئيسه وبين رئيس الوزراء «الذي يركض من مكان الى آخر ويحترق جوفه ولا يعرف أي شيء». تراه ما الذي يكون قد قاله جون كيري لتهدئة الرئيس ابو مازن او طمأنته ليلة يوم الأربعاء - الخميس، بغير ما صرح به الوزير عن ان فلسطين ليست دولة بعد يحق لها جلب نتنياهو الى الجنائية الدولية، وان ما بعد انهيار السلطة ليس سوى حماس؟
ضربة على المسمار وأُخرى على الحافر لحفظ ماء الوجه له ودفعه من قفاه للتراجع عن قراره حجز الأموال، لا لأنهم يخشون ان تكون «حماس» هي الوريث للسلطة ان واصلت إسرائيل قطع الأموال، ولكنهم في هذا التوقيت الذي يحذرون منه رعاياهم الذهاب الى الأردن لا يخشون الا سيناريو واحدا في عموم المنطقة كلها، وهو تمدد تنظيم الدولة الإسلامية.
اغلب الظن اذن، وفي غياب اية معلومات بهذا الصدد ان كيري حصل على شيء ما لحل هذا الموضوع قام بإبلاغه الى ابو مازن، واذا صح هذا الافتراض فإن الهدف الأميركي يتلخص الآن في العمل على تمرير تقطيع الوقت المتبقي لإجراء الانتخابات الإسرائيلية، دون اضطرار الفلسطينيين للإقدام على اتخاذ خطوات دراماتيكية قد يصعب إصلاحها في المستقبل وتؤدي الى نسف ما يسمى بعملية السلام، بينما يأخذ الأميركيون على عاتقهم وكما يفعلون في الواقع منذ وقت بسحب السجادة من تحت أقدام الرجل والانقلاب عليه، كما فعلوا قبل ذلك العام 1992 ضد إسحاق شامير وجاؤوا برابين وحزب العمل، ومعه نفسه في عهد كلينتون حين جاؤوا بايهود باراك في انتخابات العام 1999. مهلا إذن يا أبو مازن لا تستعجل، دعنا نحن ندفعه الثمن ونحاسبه.
يميل هذا التحليل الى أرجحية الافتراض بتوقع تراجع نتنياهو أمام أبو مازن وكيري عن احتجاز الأموال قبل انعقاد المجلس المركزي، وربما في ذلك نوع من المجازفة الذهنية. ولكن السؤال المفضي الى هذا الترجيح انه ليس بمقدور سياسي مهما كان احمق او متهورا ان يقف في مواجهة مع العالم كله، والأمر الثاني انه ليس بمقدور اي سياسي إسرائيلي ان يأخذ على عاتقه ويسجل على اسمه تحمل تبعات القطيعة التامة مع السلطة الأمنية والاقتصادية على حد سواء .
فماذا بعد وقف التنسيق الأمني؟ والجواب واضح فتح جبهة الضفة الغربية التي وحدها التي تمسك بمفتاح حسم الصراع في أي اشتباك عنفي قادم، اذا كانت هذه الجبهة الراقدة سوف تنضم الى الجبهة الغزية وجنوب لبنان وهضبة الجولان، وتهديدات «حماس» بتفعيل «كتائب القسام» من مخيمات لبنان. الى جانب المعلومات التي يملكها الأميركيون واكدها مؤخراً السياسي والإعلامي الألماني، الذي سمح له ابو بكر البغدادي بزيارة الدولة الإسلامية في العراق وسورية، من ان وجهة هذا التنظيم القادمة هي غزو الأردن التي هي الضفة الشرقية للضفة الغربية.
وحين تلوح إيران هي الأُخرى بتسليح الضفة
ان منطق السلطة، مطلق سلطة، يتكون من ضلعين هما المال والأمن، وان كلا الضلعين يتكاملان ولا يمكن ان يعمل احدهما بدون الآخر، واذا كان الشيء بالشيء يذكر فأن هذه هي العقبة الحقيقية التي تصطدم بها المصالحة بين فتح وحماس في غزة. هاتوا لنا رواتب رجال الأمن وميزانيات عمل الأجهزة الأمنية وبعد ذلك يمكن حل جميع المسائل. وبالمثل اذا كانت إسرائيل تحجز الأموال فكيف يمكن للشرطة الفلسطينية المحافظة على الأمن والاستقرار الأمني الحاصل؟.
ان دلالة ما يحدث الآن ومنذ وقت هو أننا ندخل في ذروة أزمة متصاعدة ومتدحرجة هي في حد ذاتها نوع من الاشتباك التفاوضي أو التفاوض الساخن، وقد بلغنا في هذا السجال التهديد بحافة الهاوية. والتحول الرئيسي في هذا المشهد أننا اليوم وليس إسرائيل من يمارس هذه المناورة حافة الهاوية، الرئيس ابو مازن من رام الله كما «حماس» من غزة وحزب الله من لبنان وسورية، حيث التهديد كما الإنذار والوعيد بالعودة الى الحرب «ان لم» يصدر عن غزة كما عن حزب الله وطهران.
ويبدو في هذا السياق ان الرئيس يواصل تطوير استراتيجيته التي بدأها بالذهاب الى الأمم المتحدة، استراتيجيته السلمية التي تبدو بالحق أقوى من الرصاص وعدم الخشية او الخوف من الصدام، وحيث عند هذا المنعطف كما في التمرين الشهير للتخطيط الاستراتيجي، عن سباق السيارتين المتعاكستين في الاتجاه، فإن من يخشى الصدام عند النقطة الحرجة هو من يخسر السباق. لنمض اذن في هذا السير على المنحنيات الى النهاية ليس لمعاقبة نتنياهو الذي هو ذاهب وخارج من اللعبة على اية حال، ولكن لوضع العنوان ودق الجرس أمام خلفائه حزب العمل وتسيبي ليفني.
ولكن في غضون ذلك وكتدعيم لهذه الاستراتيجية فإن علينا من الآن، وكان يجب ان يكون هذا منذ وقت، ان نضع ما يسمى البرجوازية المحلية او الوطنية امام مسؤوليتها التاريخية بتطوير نظام ضريبي، يفعل دور هذه البرجوازية في حماية الأمن القومي الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ينطبق على الأرباح الهائلة التي تجنيها الشركات والبنوك والمؤسسات الأُخرى، كما يقتضي ذلك إعادة النظر في مجمل السياسات الاقتصادية والتنموية بما يرشد الإنفاق ويحقق العدالة الاجتماعية في التوزيع، وهي سياسات تحتاج الى قوة ابداعية واستنباط منصب مراقب عام الدولة على غرار دور القاضي يوسف شابيرا، وقبله مريم بن بورات عند أعدائنا الإسرائيليين.
وهكذا سنرى ان كان الرجل الذي يتعرض لضغوط لا سابقة لها من قبل الإدارة الأميركية وأوروبا والعالم يستطيع ان يواجه الجميع في هذه الحالة، وليس على خلفية حجزه الأموال الفلسطينية في هذه الحالة ولكنما أيضا على خلفية إصراره العنيد والفظ على إلقائه الخطاب أمام الكونغرس الأميركي من دون موافقة البيت الأبيض، ما دعا المتحدثين باسم الرئيس الأميركي باراك أوباما اعتبار إصرار نتنياهو على هذا التحدي بمثابة تدمير العلاقة التاريخية بين الطرفين.
هنا بالضبط في ظل هذا الاحتدام وصخب «الطوشة» الجاري إوارها بين جون كيري ورئيسه وبين رئيس الوزراء «الذي يركض من مكان الى آخر ويحترق جوفه ولا يعرف أي شيء». تراه ما الذي يكون قد قاله جون كيري لتهدئة الرئيس ابو مازن او طمأنته ليلة يوم الأربعاء - الخميس، بغير ما صرح به الوزير عن ان فلسطين ليست دولة بعد يحق لها جلب نتنياهو الى الجنائية الدولية، وان ما بعد انهيار السلطة ليس سوى حماس؟
ضربة على المسمار وأُخرى على الحافر لحفظ ماء الوجه له ودفعه من قفاه للتراجع عن قراره حجز الأموال، لا لأنهم يخشون ان تكون «حماس» هي الوريث للسلطة ان واصلت إسرائيل قطع الأموال، ولكنهم في هذا التوقيت الذي يحذرون منه رعاياهم الذهاب الى الأردن لا يخشون الا سيناريو واحدا في عموم المنطقة كلها، وهو تمدد تنظيم الدولة الإسلامية.
اغلب الظن اذن، وفي غياب اية معلومات بهذا الصدد ان كيري حصل على شيء ما لحل هذا الموضوع قام بإبلاغه الى ابو مازن، واذا صح هذا الافتراض فإن الهدف الأميركي يتلخص الآن في العمل على تمرير تقطيع الوقت المتبقي لإجراء الانتخابات الإسرائيلية، دون اضطرار الفلسطينيين للإقدام على اتخاذ خطوات دراماتيكية قد يصعب إصلاحها في المستقبل وتؤدي الى نسف ما يسمى بعملية السلام، بينما يأخذ الأميركيون على عاتقهم وكما يفعلون في الواقع منذ وقت بسحب السجادة من تحت أقدام الرجل والانقلاب عليه، كما فعلوا قبل ذلك العام 1992 ضد إسحاق شامير وجاؤوا برابين وحزب العمل، ومعه نفسه في عهد كلينتون حين جاؤوا بايهود باراك في انتخابات العام 1999. مهلا إذن يا أبو مازن لا تستعجل، دعنا نحن ندفعه الثمن ونحاسبه.
يميل هذا التحليل الى أرجحية الافتراض بتوقع تراجع نتنياهو أمام أبو مازن وكيري عن احتجاز الأموال قبل انعقاد المجلس المركزي، وربما في ذلك نوع من المجازفة الذهنية. ولكن السؤال المفضي الى هذا الترجيح انه ليس بمقدور سياسي مهما كان احمق او متهورا ان يقف في مواجهة مع العالم كله، والأمر الثاني انه ليس بمقدور اي سياسي إسرائيلي ان يأخذ على عاتقه ويسجل على اسمه تحمل تبعات القطيعة التامة مع السلطة الأمنية والاقتصادية على حد سواء .
فماذا بعد وقف التنسيق الأمني؟ والجواب واضح فتح جبهة الضفة الغربية التي وحدها التي تمسك بمفتاح حسم الصراع في أي اشتباك عنفي قادم، اذا كانت هذه الجبهة الراقدة سوف تنضم الى الجبهة الغزية وجنوب لبنان وهضبة الجولان، وتهديدات «حماس» بتفعيل «كتائب القسام» من مخيمات لبنان. الى جانب المعلومات التي يملكها الأميركيون واكدها مؤخراً السياسي والإعلامي الألماني، الذي سمح له ابو بكر البغدادي بزيارة الدولة الإسلامية في العراق وسورية، من ان وجهة هذا التنظيم القادمة هي غزو الأردن التي هي الضفة الشرقية للضفة الغربية.
وحين تلوح إيران هي الأُخرى بتسليح الضفة
ان منطق السلطة، مطلق سلطة، يتكون من ضلعين هما المال والأمن، وان كلا الضلعين يتكاملان ولا يمكن ان يعمل احدهما بدون الآخر، واذا كان الشيء بالشيء يذكر فأن هذه هي العقبة الحقيقية التي تصطدم بها المصالحة بين فتح وحماس في غزة. هاتوا لنا رواتب رجال الأمن وميزانيات عمل الأجهزة الأمنية وبعد ذلك يمكن حل جميع المسائل. وبالمثل اذا كانت إسرائيل تحجز الأموال فكيف يمكن للشرطة الفلسطينية المحافظة على الأمن والاستقرار الأمني الحاصل؟.
ان دلالة ما يحدث الآن ومنذ وقت هو أننا ندخل في ذروة أزمة متصاعدة ومتدحرجة هي في حد ذاتها نوع من الاشتباك التفاوضي أو التفاوض الساخن، وقد بلغنا في هذا السجال التهديد بحافة الهاوية. والتحول الرئيسي في هذا المشهد أننا اليوم وليس إسرائيل من يمارس هذه المناورة حافة الهاوية، الرئيس ابو مازن من رام الله كما «حماس» من غزة وحزب الله من لبنان وسورية، حيث التهديد كما الإنذار والوعيد بالعودة الى الحرب «ان لم» يصدر عن غزة كما عن حزب الله وطهران.
ويبدو في هذا السياق ان الرئيس يواصل تطوير استراتيجيته التي بدأها بالذهاب الى الأمم المتحدة، استراتيجيته السلمية التي تبدو بالحق أقوى من الرصاص وعدم الخشية او الخوف من الصدام، وحيث عند هذا المنعطف كما في التمرين الشهير للتخطيط الاستراتيجي، عن سباق السيارتين المتعاكستين في الاتجاه، فإن من يخشى الصدام عند النقطة الحرجة هو من يخسر السباق. لنمض اذن في هذا السير على المنحنيات الى النهاية ليس لمعاقبة نتنياهو الذي هو ذاهب وخارج من اللعبة على اية حال، ولكن لوضع العنوان ودق الجرس أمام خلفائه حزب العمل وتسيبي ليفني.
ولكن في غضون ذلك وكتدعيم لهذه الاستراتيجية فإن علينا من الآن، وكان يجب ان يكون هذا منذ وقت، ان نضع ما يسمى البرجوازية المحلية او الوطنية امام مسؤوليتها التاريخية بتطوير نظام ضريبي، يفعل دور هذه البرجوازية في حماية الأمن القومي الاقتصادي والاجتماعي، وهذا ينطبق على الأرباح الهائلة التي تجنيها الشركات والبنوك والمؤسسات الأُخرى، كما يقتضي ذلك إعادة النظر في مجمل السياسات الاقتصادية والتنموية بما يرشد الإنفاق ويحقق العدالة الاجتماعية في التوزيع، وهي سياسات تحتاج الى قوة ابداعية واستنباط منصب مراقب عام الدولة على غرار دور القاضي يوسف شابيرا، وقبله مريم بن بورات عند أعدائنا الإسرائيليين.