كتب : يوسي بيلين , موضوع الانتخابات يمكن أن يُحسم كالعادة في الايام العشرة الاخيرة من الحملة. هذا سيكون تعبيرا غير ناجح لمن يُستغل بصورة مُحكمة (دائما نذكر تعبيرات دودو توباز سنة 1981 والطريقة الناجحة حسب رأيه التي استخدم بها مناحيم بيغن تلك التعبيرات في المعركة الانتخابية الطائفية التي كانت فيها قوة «الليكود» و»المعراخ» متساوية). ربما يكون هذا موضوعا يتعلق بالامن الشخصي، وربما يكون واحدا من المواضيع القائمة طوال ايام السنة تحت الارض (الدين والدولة، اليهود – العرب، الاسعار في السوبرماركت والمتقاعدون)، حيث إن وقوع حادثة بالصدفة أو بصورة مخططة، يقلبها الى موضوع تُحسم بسببه الانتخابات.
في هذه الاثناء يسود في الساحة موضوع الاسلوب، في الوقت الذي يريد فيه معظم اللاعبين الهرب من المواضيع الجوهرية. المشكلة الكامنة في ذلك هي أنه في اليوم التالي للانتخابات ستظهر من جديد الاسئلة الاساسية: هل سنستمر في البناء في المستوطنات، أم أننا سنغير سلم الأولويات؟ هل سنقلص المخصصات أو سنزيدها؟ هل الاتفاق بين الدول الست الكبرى وبين ايران هو خطر على اسرائيل؟ إن الفجوة الكبيرة بين موضوع الانتخابات وبين المواضيع الحقيقية في حياتنا تسبب أنه المرة تلو الاخرى يصوت الاسرائيليون على مواضيع مصطنعة، تتولد خلال الحملة الانتخابية وتختفي تماما يوم الانتخابات، بدلا من الحسم في المواضيع التي تحدد مصيرنا.
لا أقلل من المسائل المتعلقة بالتصرفات الشخصية للمرشحين. هذا بيقين جزء من الموضوع، وليس هناك امكانية للفصل بين سياسة الشخص وسلوكه، لكني اعترف أن الانشغال باعادة تدوير الزجاجات لسارة نتنياهو لا يحدد كيف ستكون هذه البلاد بعد الانتخابات، وهو أسهل كما يبدو من مسألة هل حزب العمل سيعلن تجميد الاستيطان، وهل هو مستعد لقبول المبادرة العربية كقاعدة لمفاوضات السلام؟ لقد أظهر اليمين اكتشافا مدهشا عندما وجد أن مرشح حزب العمل للكنيست، زهير بهلول، أعلن أنه قبل كل شيء هو فلسطيني، وبعد ذلك هو اسرائيلي. كما يزعم اليمين بأن اليسار يعتمد على المال من الخارج من اجل تحسين مكانته في الانتخابات القريبة.
رجال جديون يدعون الى التلفاز من اجل التعبير عن مواقفهم والنقاش (احيانا في مواجهات تفطر القلب) في المواضيع الموجودة في العناوين الصحافية، حيث يحاول بعضهم أن يقول الجملة الاشكالية «ليست هذه هي المسألة»، بهدف العودة الى المواضيع الاساسية، فورا يقوم باسكاته المقدمون ويطلبون منه أن يرجع الى ذلك الكلام الفارغ، وكأن الحديث يدور عن شخص يتهرب من الموضوع الاساسي.
هذه دعوة اللحظة الاخيرة - أعرف أن احتمالاتها ضعيفة - للناخبين ليسألوا أنفسهم ما هو الامر المهم حقا لهم وأي اسرائيل يريدون أن يروا. علينا أن نهرب من المواضيع الهامشية الجذابة عشية كل انتخابات وأن نرجع الى مفترق الطرق التي توجد فيها الامور الحاسمة الحقيقية للمستقبل.
عن «إسرائيل اليوم»