بقلم: أحمد أبو محسن

عملية سلفيت.. دلالات ورسائل

أحمد أبو محسن
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

يبدو أن المشهد لم يتغير أبدًا بل تطور إلى الحد الذي يمكن أن نقول فيه أن الضفة الغربية بعملياتها الفدائية ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي أصبحت عنصر مفاجأة بحد ذاته يهدد أمنهُ الذي بناه بالتنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية منذ سنوات عدة، لكن بانَ مع الوقت أن البناء هش ويحتاج لترميم من جديد.

عملية سلفيت شكلت نموذجًا متطورًا في المواجهة مع جنود الاحتلال بالضفة حيث قام الشاب الفدائي عمر أبو سلمى في عمره الذي لا يتجاوز العشرين بالتجول على مفترق "أرئيل" وبحوزته سلاحًا أبيضًا لم يعلموا أنه سيصنع منه شلالًا بدماء المستوطنين بقتله إثنين وإصابة آخرين بجروح متفاوتة، ثم بعد ذلك ولىَّ هاربًا.

حملت هذه العملية دلالات عديدة اولها أن الشاب عمر كانت إصابته دقيقة بالجندي حينما أقدم على طعنه ليموت الأخير على الفور، ثم استلَّ سلاحه ولم يهرب بل أكمل مشواره بقتل الحاخام الذي حاول أن يطلق النار عليه من سيارته، ثم أصاب جندي على تقاطع "جيتي أفيشار"، بعد لاذَ بالفرار كالشهب مختفيًا عن الأنظار.

ومما سبق نرى أن الفدائي أبو سلمى تعامل بشكل دقيق مع السلاح وأيضًا في أثناء ضرب الجندي بالسكين، لنستنتج أنه كان متدربًا على التعامل مع السلاح إن سنحَ له اقتناءه، فربما يكون الشاب منتمي لخلية ما أو يتبع لإطار معين عمل على تنظيم وتخطيط العملية بشكل جيد جدًا، وإن كان ليس كذلك فليس من الممكن أن تنجح هذه العملية متقن في ظل أن مكان العميلة مكتظ بالمؤسسات الإسرائيلية.

ثانيًا استنزاف قدرة جيش الاحتلال والشاباك الإسرائيلي في مثل هذه العمليات التي تنتهي بهروب المنفذ والتمكن من التخفي، مما يسمح له بأن يفاجئهم بعملية اخرى، ومن هنا تبدأ عملية إنهاك طاقتهم في عمليات البحث من ناحية الوقت والمجهود المكثف، رغم امتلاكهم أجهزة بحث التي لا تسمن ولا تغنِ من جوع.

ولم تخفي الدلالات قلق "إسرائيل" من حجم العمليات التي تحدث في الضفة الغربية وكشف الستار عن أعين العالم التي تعتقد أن "إسرائيل" تسيطر على الأمن وتردع أي محاولة لزعزعته، بالإضافة الى تخوفها من تشجيع هذه العمليات الفلسطينيين على المبادرة للانقضاض على المستوطنين والجنود بالسكين والأسلحة البسيطة.

رسائل عدة حملت معها العملية للعالم أن الفلسطينيين في الضفة الغربية ورغم الطوق الأمني المشدد عليهم إلا أن هناك خلايا نائمة بعين واحدة تراقب الاحتلال وتعمل بصمت، بالإضافة إلى أن الشباب الثائر ورغم التشديد الأمني لا يتوانى في الإقدام على عملية إن سنحت له فرصة ذهبية يكسر بها أمن "إسرائيل".