فى الوقت الذى يحلم فيه العرب بتحقيق سلام شامل مع إسرائيل، قائم على استرداد الأرض العربية التى احتلتها فى عام 1967، ومنها الجولان، بل كان ضمن أعمال قمة العرب فى تونس والمزمع انعقادها فى 31 مارس الجاري، تفعيل مبادرة السلام العربية، ليبادر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتدمير الجهود المبذولة فى سلام شامل، ويصنع وعدًا أمريكيًا على أرض سورية، على غرار وعد وزير الخارجية البريطاني آرثر جيمس بلفور فى 2 نوفمبر 1917 ميلادية، ولن نستطرد فى الحديث عن وعد بلفور البريطاني، وكذلك وعد ترامب (بلفور الأمريكي)، وإنما سنخاطبهم بلغة الرئيس الراحل أنور السادات فى خطابه بالكنيست 20 نوفمبر 1977م، أن الإسرائيليين على بيّنة من حقائق أن أرض الجولان أرض عربية احتلتها إسرائيل فى عام 1967.
وإذا كانت الولايات المتحدة تحتفل بالذكرى الأربعين لمعاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التي تم توقيعها في 26 مارس 1979 م، التي تمخضت عن توقيع اتفاقية كامب ديفيد 17 سبتمبر 1978م، والتي كانت محادثاتها قائمة على السلام الشامل مع العرب وإعادة الجولان إلى الأراضي السورية، بل وأكد عليها الرئيس السادات في خطابه بالكنيست من قبلها بعامين بقوله لساسة إسرائيل وأنظار وآذان العالم تتجه صوب الكنيست: "إنني لم أجئ إليكم لكي نتفق على فضِّ اشتباك في سيناء والجولان والضفة الغربية.. فإنَّ هذا يعني أننا نؤجل فقط اشتعال الفتيل إلى أي وقت مقبل.. ويعنى أننا نفتقد شجاعة مواجهة السلام، وأننا أضعف من أن نتحمل أعباء ومسئوليات السلام الدائم"، وجعل في ديباجة معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية برعاية أمريكية بأن مصر وإسرائيل اقتناعًا منهما بالضرورة الماسة لإقامة سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط وفقًا لقراري مجلس الأمن 242 و338 تؤكدان من جديد التزامهما "بإطار السلام في الشرق الأوسط".
ولكن بدلا من أن يسير ترامب على ما تم التأسيس عليه من اتفاق للسلام المصري الإسرائيلي في بناء سلام شامل بين إسرائيل والعرب، جعل من الجولان منحة انتخابية لبنيامين نتنياهو لكي يفوز في الانتخابات الإسرائيليةالتي ستجري فى التاسع من أبريل، ويهدم ما صنعه الرئيس الراحل السادات والرئيس الأمريكي جيمي كارتر، في بناء لبنة للسلام الشامل فى منطقة الشرق الأوسط، رغم معارضة كثير من الساسة فى أمريكا وإسرائيل لهذا الإعلان.
فلا أحد عاقلا على وجه الأرض يرفض السلام الذى يؤدى إلى الأمن والاطمئنان والاستقرار والتعايش، فعلى كل مناصري السلام على الأرض فى أمريكا وإسرائيل وروسيا والصين، وعلى كل القوى الفاعلة أن تحمل لواء الرئيس الراحل أنور السادات، فى سلام شامل عندما أعلن فى الكنيست أنه لم يذهب لتحقيق سلام منفرد بين مصر وإسرائيل؛ لأن هذا ليس واردًا فى سياسة مصر على مر العصور، لأن السلام المنفرد لن يُقِيم السلام الدائم، العادل، في المنطقة كلها، والذى ما زال العالم يلح عليه.
وكيف لأمريكا التي شاركت في صنع السلام بين مصر وإسرائيل وتحتفي بنتائجه وانعكاسه على المنطقة والعالم، بأن تؤمن ببعض ما ورد فى الاتفاقية وتكفر ببعض ما فيها فيما يتعلق بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 242 الخاص بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية التى احتلتها فى عام 1967.