بـعـض أسـرار مـنـظـمـة «لـهـفـاه» الـيـهـوديـة

20151808205045
حجم الخط

بعد قراءة العنوان الرئيسي في صحيفة "هآرتس" عن الصعوبة في حظر منظمة "لهفاه" إليكم الشرح الذي ستجدون صعوبة في العثور عليه في أي مكان آخر عن الطريقة التي تعمل فيها هذه المنظمة، وعن الطرق التي يمكن اتخاذها للتعامل معها.
نحن، نشطاء مجموعة "مدابريم بكيكار" (نتحدث في الميدان) لدعم التسامح في القدس، نتابع النشاط الميداني لـ"لهفاه" منذ عام، ولدينا معلومات واستنتاجات ووسائل أيضا من المهم أن يعرفها الجمهور.
أولا، ما الذي يفعلونه، وبالتحديد ما الذي يفعلونه في مدينة القدس؟ خارج القدس نسمع عن تظاهرات لـ"لهفاه" أمام حفل زواج مختلط أو مسيرة الفخر، ولكن تظاهرة لمتطرفين أمام حدث لا يروق لهم هو حدث منفرد: كلاب تنبح على الموكب. بحسب ما نراه، فإن البعد المدمر الحقيقي لمنظمة "لهفاه" هو اندماجها في المشهد المقدسي. يظهر نشطاء "لهفاه" في ميدان "تسيون" ليالي الخميس (وأحيانا بعد خروج السبت) مع قمصان وأعلام، ويقومون بتوزيع مناشير وملصقات.
يظهرون بشكل واضح. في العام الماضي كنا نرى ربما 10 فتيان وفتيات بالقمصان، ولكن هذا الصيف يوجد عادة 20 على الأقل، وجميعهم فتية تقريبا.
يتناسب ذلك مع التغييرات في طريقة عملهم، التي أصبحت أكثر تنظيما وأكثر تطرفا.
أحيانا يخرجون في مسيرات ويهتفون بعبارات مثل "أيها العربي احذر، اختي تساوي أكثر من ذلك"، "بنات إسرائيل لشعب إسرائيل" و"صدق كهانا". هذه المسيرات بالذات تجذب انتباه وسائل الإعلام ومن السهل تتبعها والإبلاغ عنها للشرطة، ولهذا السبب كما يبدو تقلل "لهفاه" في الأسابيع الأخيرة منها. ولكنهم ما زالوا يتجولون في المدينة، في مجموعات صغيرة هناك صعوبة أكبر في تعقبها وأحيانا من دون القميص الخاص بهم، ويبحثون عن عرب.
وإلى جانب ظهورهم الواضح، هذه هي المسألة الأكثر إشكالية: فهم يتجولون في المدينة ويبحثون عن أزواج مختلطين (يهود وعرب)، وعن عرب، ويقومون بتهديدهم. من الواضح أن لديهم شبكة "واتس آب"، وهو يسارعون في الرد على دعوات رفاقهم إلى المشاركة في الشجار الذي على وشك الاندلاع. هذه طريقة فعالة "لتنظيف" وسط المدينة من العرب: هؤلاء الشباب يخافون.
قبل أن نتحدث عن العلاقات المركبة بين "لهفاه" وبين القانون والشرطة، يجب فهم من هم نشطاء المنظمة: جميعهم تقريبا من الفتية المراهقين، الذين يرافقهم عادة شخص أو اثنان من "البالغين المسؤولين". نقدر أن أجيالهم تتراوح بين 13 و21 عاما.
البعض منهم كان من الحريديم في الماضي، جزء آخر متسرب من إطارات مختلفة، والكثيرون منهم يعيشون في أحياء تقع على أطراف القدس تشهد احتكاكا كبيرا مع القدس الشرقية (على سبيل المثال إلقاء حجارة). الكثير منهم معروف للمختصين في تنمية وتطوير الشبيبة في البلدية – ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أن جزءا منهم جاء من خلفية عادية.
الكثير منهم يعمل مع عرب، وآخرون أيضا سيخبرونك عن معرفتهم بشابة أو شابات تورطن في علاقات غير سليمة مع عرب. بالنسبة لهم، هم شبيبة أيديولوجية تقوم بعمل مقدس في الوقت الذي يخرج فيه أصدقاؤهم للترفيه عن أنفسهم. منظمة "دعم الشبيبة" تتجول مع ترمسات شاي، ودورية "عيلم" تقف في ميدان "تسيون" في كثير من الليالي ويعرضون إجراء محادثات ويقومون بفتح ألعاب لوحية. كل ذلك رائع وجميل، ولكن هؤلاء الفتية يعيشون السياسة المعقدة والعنيفة لهذه المدينة ولا يريدون الشاي والألعاب اللوحية – فهم يبحثون عن معنى – ومنظمة "لهفاه" توفر لهم ذلك.
لـ"لهفاه" حلقة داخلية من مرتدي القمصان، وحلقة خارجية – أصدقاء النشطاء الذين يتجولون في المنطقة، يلقون التحية، يتعاونون معهم بطريقة أو بأخرى. الفرق الكبير بين الحلقتين هو مدى انضباط الأعضاء فيهما: من يرتدي قمصان "لهفاه" لن ينجر إلى العنف (طالما أنه يرتديها)، وسيصغي إلى كلمة البالغ المسؤول. البالغون المسؤولون حذرون، فهم يدركون قواعد الشرطة، وهدفهم العمل على نحو فعال.
رؤساء "لهفاه" يبدون حذرا شديدا في السير على الحد الدقيق بين القانوني وغير القانوني، وبين المتطرف والمقبول في الحلقات الموسعة.
يظهرون تناغما في ألعابهم البهلوانية. أمام المتدينين المعتدلين في المدينة يحرصون – وفي حالات كثيرة ينجحون بذلك – على تقديم نفسهم كمنظمة تعمل على منع الانصهار، وكمن ترغب في تحذير الفتيات اليهوديات من التورط في علاقات رومانسية غير سليمة مع عرب.
ينجح ذلك في إثارة الكثير من التعاطف في الشارع المقدسي، ويساعد ذلك على تحويل حديث أيديولوجي - تربوي عن الانصهار إلى حديث عنيف ضد المسلمين والمسيحيين واليساريين بشكل انسيابي وفعال، ومن هناك فإن المسافة إلى القيام بأعمال قصيرة: عمليا فإن جزءا أساسيا من نشاط الفتية هو الاستجابة بسرعة للنداءات بين أصحاب المجموعة عن أزواج مختلطة تم رصدهم في المدينة أو بداية شجارات مع عرب يتجولون وسط المدينة، أو عمال عرب في مصالح تجارية محلية بادعاء أنهم هددوا أصدقاءهم. ويتم استدعاء البالغين المسؤولين أيضا إلى هذه المواقع. تشارك "لهفاه" في خلق استفزازات عنيفة، سيتم الحديث عنها لاحقا، داخليا وخارجيا، على أنها "محاولات هجوم".
هنا تأتي أهمية "الحلقة الثانية": على سبيل المثال، في حالة تدخلنا فيها ليلة الخميس قبل أسبوع ونصف، كان يبدو أن فتى تورط في جدال مع عامل عربي في إحدى المصالح التجارية في المنطقة (ربما صرخ العامل عليه أو أهانه؟ ربما كانت هناك عملية سرقة صغيرة؟)  وجاء أصدقاء الفتى ليساعدوه في تهديد العامل، وخلال دقائق قليلة ظهر أيضا نشطاء "لهفاه" هناك.
في هذه المرحلة يدور الحديث عن عشرات الفتيان الذين يستعدون للعنف. يمكن أيضا رؤية تسلسل الأحداث التي بدأت بفتى يبحث عن المشاكل، مرورا بأصدقائه الذين يتم تجنيدهم بصورة منظمة وأيديولوجية أكثر، وانتهاء بحشد من البالغين مع أجندة سياسية عنيفة، وتمويل ودعم قانوني معين.
من الناحية القضائية، رأينا أن نشطاء "لهفاه" يستخدمون وسيلتين قبل البدء بأعمال العنف: (أ) يخلعون القمصان التي تميزهم؛ (ب) القادة الكبار يتراجعون خطوة إلى الوراء ويختفون من المشهد. خطوة أخرى يقومون بها: بعد حادثة عنف يتم ربط اسمهم بها، يقومون أحيانا بالتواري عن الأنظار لفترة معينة. فهم يدركون أن ذاكرتكم قصيرة. بعد ذلك يعودون.
طريقة الاستعداد هذه تخلق وضعا من الصعب فيه ربط "لهفاه" مباشرة بالعنف، وتحولهم إلى شبه شرعيين من الناحية القانونية ومن منظور حرية التعبير – وأيضا من حيث شريحة كبيرة نسبيا في الرأي العام، التي يرى جزء من مركباته في الأهداف المعلنة للمنظمة بأنها تلائم قيمه. هذه الحركات البهلوانية الحذرة التي تقوم بها "لهفاه" – بين الأنشطة القانونية وبين مخالفة القانون، بين القيم المقبولة وبين العنف، وبين ديناميكية الفتية في الشارع وبين سياسة كهانا – فعالة ومخيفة، وبالتحديد بسبب اللعب على هذه الحدود.
بالمناسبة، تجدر الإشارة إلى أن هناك نسبة تدوير مرتفعة في المنظمة: حيث يدخلها فتية، ويتركونها ويستمرون في حياتهم. ولكن التنظيم بحد ذاته متواصل، وطالما أن هناك فتيانا في الشوارع وتوترا عربيا - يهوديا، فهناك قواعد تجنيد لا بأس بها.
ماذا مع الشرطة، إذاً؟ هناك الكثير من عناصر الشرطة في المدينة ليلا، عدد كبير للغاية من العناصر في الواقع. ولكن الشرطة تتدخل فقط عندما ترى عنفا جسديا أمام أعينها. فهي لا تتدخل كثيرا عندما تكون هناك تهديدات أو استفزاز أو ما يبدو مشادة يمكن أن تتطور إلى عنف. أحيانا يقوم شرطي معين بتحويل نظره إلى الجانب الآخر، وتوجهاتنا أيضا إلى المركز الهاتفي للشرطة لا تلاقي ردا دائما. طبيعة العنف أنه يتطور بسرعة ويختفي بسرعة، ولذلك على رجال الشرطة أن يكونوا حذرين أكثر، موجهين لمراقبة نشطاء "لهفاه" بانتباه أكبر وبالأخص معرفة الميدان والديناميكية الخاصة بهم.
للأسف، لا يوجد وسط المدينة شرطة دورية بشكل منتظم على دراية بما يجري وبإمكان عناصرها العمل بصورة مدروسة.
إذاً، ما الخطوات التي يمكن القيام بها؟ (أ) من ناحية مؤسسية: بحسب تقديرنا إذا قررت البلدية أن لـ"لهفاه" تواجدا غير مرغوب به في الشارع المقدسي ستكون للشرطة الأدوات لمنعهم عن العمل بصورة فعالة. مسألة استقلالية الشرطة لتحدد من يقوم بأعمال تضر بالنظام العام هي معقدة، ولكننا جميعنا رأيناهم وهم يقومون بتفريق مظاهرات عندما قررت السلطات أن الأمر مطلوب. في كل ما يتعلق بـ"لهفاه" لا توجد هناك حاجة إلى الكثير من العنف.

حقاً، فهم مجموعة غير كبيرة من الفتية. نموذج آخر للشرطة قد يكون مفيدا أيضا: بدلا من مجموعة عشوائية من عناصر الشرطة من وحدات مختلفة ليسوا على معرفة بما يحدث، ولم يتلقوا التدريبات للتعامل مع هؤلاء الفتية وبذلك يختارون إما التجاهل أو استخدام العنف، فإن شرطي دورية أو اثنين على دراية في المنطقة والفتية وديناميكية المدينة بإمكانهما أن يكونا وسيلة مراقبة ممتازة، وأن يقوما بخدمة الجمهور في المدينة بصورة جيدة للغاية.

(ب) من الناحية التربوية: يجب أن نقر بأن الحديث يدور عن ظاهرة تعتمد على أبناء الشبيبة، جزء منهم يقضي وقتا طويلا في الشارع، وبالإضافة إلى الاحتياجات التي تحاول منظمات الرفاه المختلفة توفيرها لهم فهؤلاء الفتية يريدون أن يكونوا منخرطين في نشاط ذات أهمية. فهم مراهقون يكتشفون السياسة والنشاط الاجتماعي، والمجموعة الوحيدة التي تتعامل بجدية مع هذا الجانب الطبيعي من تطورهم هي مجموعة متطرفين أصحاب عقيدة سطحية وعنيفة، يقومون باستغلال المراهقين لأنشطة غير قانونية.

منظمات الرفاه تبتعد طبعا عن السياسة مثل الابتعاد عن النار، وتفضل – مثل المدارس، والأطر "الرسمية" على أنواعها – التصرف وكأن السياسة العنيفة في القدس غير موجودة، ولا تلعب دورا في حياة الشبيبة. كنا نرغب برؤية منظمة مثل "أحاراي" (ورائي) على سبيل المثال تملأ هذا الفراغ وتوفر لهؤلاء الفتية وسائل أكثر إيجابية للمساهمة في المجتمع.

(ج) من الناحية المدنية: هناك حاجة إلى تنظيم مدني مسؤول يمنع "لهفاه" من إعطاء الصبغة للمدينة. هنا يدخل دور "مدابريم بكيكار" في الصورة. نحن مجوعة مقدسيين علمانيين ومتدينين، يمينيين ويساريين يتواجدون في المدينة في ليالي الخميس ونهاية السبت منذ عام. نقف بالقرب من "لهفاه" ونراقبهم بعناد واستمرارية، ولا نهتم فقط باللكمات، عندما تقع، بل أيضا بكل ما يحيطها ويسبقها. عدا ذلك، نبادر إلى محادثات مع كل من يصل إلى الميدان. نتحدث بصورة محترمة وصريحة عن السياسة والإيمان والهوية، ويمتلئ الميدان بحلقات نقاش. إن هذه مواطنة مسؤولة ترفض أن تعطي نشطاء "لهفاه" فرصة السيطرة على المساحة وحدهم، ونشهد تغييرا في المناخ مع مرور الوقت. ليالي الخميس نقوم بتنظيم أمسيات "ديبيت" – "نقاشات في الميدان" – عن مواضيع الساعة، بمشاركة زوار الميدان. بمساعدة بضع قواعد بسيطة وذكية، تجري هذه النقاشات بصورة رائعة، وتفتح بابا فريدا لمختلف القطاعات في المدينة للحديث مع بعضهم البعض في أجواء محترمة. يسعدنا انضمامكم إلينا.

عن موقع "سيحاه مكوميت" العبري