على الرصيف المؤدي إلى مبنى الهلال الأحمر الفلسطيني في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزّة، اعتاد المارة مشاهدة بائعين القهوة وبعض الحاجيات الزهيدة الثمن مثل: "الفواكه، أطعمة مختلفة، أدوات منزلية"، لكّن المشهد لن يكون مألوفاً حينما يعرفون بأنّ أحدهم أديباً وروائياً.
الروائي هاني السالمي (40 عامًا) من سكان مدينة خانيونس، يصطف بجانب "بسطته" ناشرًا رائحة القهوة على جنبات الرصيف، ويضع إلى جانبه الروايات والقصص التي أعدها مسبقاً، ليستّلها الزبائن حينما يحتسون القهوة الممتزجة بطعم الأدب.
تخرجّ السالمي عام 2002 من كلية العلوم بجامعة الأزهر تخصص "مياه وأرض"، إلا أنّه لم يحظى بمكانٍ يحتضن شهادته الجامعية مما جعله يلجأ إلى مهن مختلفة مثل: "الدهانة، النجارة ، مدرب بالأدب"، حتى وصل بيه ضيق العيش إلى إنشاء "بسطة" لبيع المشروبات الساخنة قبل ثمانية أشهر تقريباً، وذلك بعد أنّ تزايدت عليه الحياة بهمومها ولتلبية احتياجات أسرته المكونة من أربع فتيات.
وبيّن لمراسل وكالة "خبر" أنّ تردي الظروف الاقتصادية في قطاع غزّة وزيادة معدلات البطالة دفعته للتفكير بإقامة هذا المشروع البسيط لتوفير أبسط مقومات الحياة لأسرته، مُوضحاً أنّه لا يشعر بالخجل من هذه المهنة، لأنّه يُسجد من خلالها شخصية "الكاتب المكافح".
وأوضح السالمي أنّه مع مرور الوقت تحوّلت "البسطة" إلى مكان يرتاده الكتّاب والروائيين الشبان، لتبادل الحديث معه حول الروايات التي خطها بقلمه، بالإضافة إلى زيارة بعض الكتّاب لانتقاد رواياته في جوٍ أدبي ممزوج برائحة القهوة.
ولفت إلى أنّه أصدر روايات وقصص عديدة أُعجب بها الكثير، وحصلت على جوائز عربية وعالمية، ومن بينها: "هذا الرصاص أحبه، وسر الرائحة"، ومن بين القصص: "الظل يرقص معي، والماسة، وقلب طابو، والأستاذ الذي خلع بنطاله، والحافلة رقم 6".
وأضاف أنّه كتب رواية تُحاكي قصة الجندي "الإسرائيلي" المختطف في غزّة جلعاد شاليط باسم "الجنة الثانية"، والتي أثارت إعجاب كبير من قبل القراء.
وختم الأربعيني السالمي حديثه، بالقول: إنّ "أمنياته تتمثل في طلب دعم المؤسسات الثقافية خاصة وزارة الثقافة الفلسطينية، والاهتمام بعين بكتاباته، والعمل على نشر رواياته وقصصه".