بين أزقة المخيّمات وشوارع أنهكها الحصار الإسرائيلي، يجوب الفنان مجد محمد المدهون (15 عاماً) في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزّة، ليُحوّل بريشته ما شاهدته عيناه بين فرحٍ وحزن إلى لوحة فنية تتحدث عن تفاصيل الحياة اليومية في قطاع غزّة المحاصر.
الموهوب "المدهون" يبحث عن وسيلة ينقل من خلالها معاناة أبناء شعبه للفت أنظار العالم إلى معاناتهم التي تتجسد بشكلٍ يومي جراء ممارسات الاحتلال "الإسرائيلي"، محاولاً بلوحاته التعبير عن حياة الشعب الفلسطيني اليومية في مخيمات اللجوء.
ويجد في كل ما يخص الوضع الفلسطيني ملاذاً للتعبير بلوحاته عن قضية شعبه العادلة، وإمعان محتل أرضه "الإسرائيلي" وبطشه عبر الحصار المفروض على القطاع، عدا عن الممارسات الاحتلالية سواء بالقصف أو إطلاق النار صوب الشبان السلميين على حدود القطاع الشرقية خلال مسيرات العودة وكسر الحصار.
وأوضح المدهون لمراسلة وكالة "خبر" أنّه يُحاول برسوماته التعبير عن المعاناة التي يعيشها أبناء شعبه، حيث رسمَ قبل سنوات لوحة فنية تُجسد تمسك امرأة فلسطينية بأرضها، والتي من خلالها تم اكتشاف موهبته بالرسم.
ولفت إلى أنّه بعد الانتهاء من هذه الرسمة لم يتوجه للحصول على دورات، بل سعى لتطوير نفسه بمفرده من خلال دعم والديه الذين كانا لهما الدور الأكبر في اكتشاف موهبته الفنية وتنميتها وتوفير أدوات الرسم له.
ورغم حداثة سنه إلا أنّ المدهون أبدع في تجسيد معاناة الشعب الفلسطيني والأسرى والشهداء، من خلال لوحاته فنية جميلة تستطيع التعبير عن واقع شعبه المحاصر، وإيصال عدة رسائل للعالم تؤكد حق الفلسطينيين في الحياة الكريمة بدون احتلال، بالإضافة إلى التأكيد على أنّ الفنان الفلسطيني يُحوّل بفنه دعم تطلعات وحقوق شعبه.
وأشار إلى أنّه شارك في العديد من المسابقات والمعارض الفنية، ومنها: "مشهد الانتصار بريشة الصغار" بعد حرب 2012، والتي حصل فيها على المركز الثالث.
وأضاف:" لا أعتبر الرسم هواية بل أداة تعكس مشاعري تجاه وطني، لأقوم بعرضها على مواقع التواصل الاجتماعي، ولكي أتمكن من التعرف على العالم الخارجي من خلال رسومات لشخصيات عالمية"، موضحاً أنّ الكثيرين طلبوا منه الاستمرار في فنه وإبداعه.
الفنان الثائر
وبعيدًا عن الريشة والألوان ذكر الطفل المدهون أنّه أصيب برصاص الاحتلال أكثر من مرة أثناء مشاركة شعبه في مسيرات العودة وكسر الحصار على حدود قطاع غزّة، لافتاً إلى أنّه اعتاد على المشاركة في المسيرات لينسج من خلال ما يُشاهده أروع اللوحات الفنية.
ويؤمن المدهون رغم صغر سنه بأنّ موهبته تستطيع أنّ تشرح للعالم معاناة الشعب الفلسطيني، قائلاً: "أنا فنان تشكيلي لكّن بريشتي وقلمي والرسم على رمال البحر، التعبير عن الواقع الذي أحياه، فمنذ أنّ أبصرت الحياة شنّ الاحتلال حرباً على وطني في العام 2004".
وبيّن أنّه استثمر موهبته في التعبير عن أحداث مسيرات العودة، حيثفكتب على الرمل "عائدون"، ورسم صور بعض شهداء المسيرات، ومنهم الشهيدة المسعفة رزان النجار والصحفي ياسر مرتجى وغيرهم.
ورغم ذلك رأى المدهون أنّ طريق الفن في قطاع غزّة مليئ بالعقبات، وذلك بسبب افتقاره للموارد، وقلة الإمكانات، وانقطاع التيار الكهربائي، مُعبراً عن سخطه من عدم إيجاد بيئة تحتضن موهبته وفنه.
وفي ختام حديثه تمنى أنّ يحظى بفرصة للسفر خارج غزّة للمشاركة في معارض دولية، وأنّ تنتقل رسوماته إلى العالم الخارجي للاطلاع على فنه وإبداعه، لنقل معاناة الشعب الفلسطيني أمام العالم برسومات فنية تُجسد هذه المعاناة.