بقلم: حسام صالح جبر

نظرة عن الثابت والمتحرك

حسام صالح جبر
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر

الثابت والمتحرك مما تم الإتفاق على تعريفه من المفاهيم ما بين الحضارات، مُخْتَلف عليه ما بين البشر، التي لم تستطع توحيد تقارب حول مصطلحات لها علاقة بنوعية المناخ الحياتي فيما بيننا، 
وهذا يتجسد بوضوح بشكل كبير في الدول المفككة والضعيفة والنامية والتي تعاني من أزمات تعكس غياب النظرة المشتركة في كل هياكل وشرائح المجتمع. 
أي أن طبيعة ومستوى فهم الناس لهذه المفاهيم الحياتية، يعتبر أحد الأسباب الرئيسة في وصولنا، لدرجة تنشر سلوكيات تعكس مضمون يقترب أو يبتعد من الجمال الذي نعتبره الأوّلي من بين الأبعاد المفضلة لدينا كبشر. 

بمعنى: أن اقتراب المصطلحات الأساسية من جودتها الحقيقية، يؤشر لما نحدده من مفهوم إيجابي أو سلبي نحو ما يتم تعريفه من مسلمات فكرية خلافية، يجب صياغتها بعد مدة زمانية ومكانية لها علاقة مباشرة بتوليد هذه الأزمات الحياتية المتنوعة والمنتشرة والمستمرة فيما بيننا. 

فالوصول للقيمة الأعلى للمضمون المرتبط بهذا الخليط من المفاهيم الإنسانية، يجب تحديدها من جديد، حتى تخرجنا من حالة التردي المنتشرة في كل مجالات الحياة. 
فالثابت والمتحرك هنا من الأفكار تتأثر عند تعريفها، بالدين والسياسية والثقافة والاقتصاد والنفس الإنسانية المتأثرة بخليط يتشابك أو ينفصل فيما بينها، بناء على عوامل معقدة في أولوياتها أو ثانويتها المنعكسة فيما بينها. 

ومن هنا يجب عند صياغة المصطلحات، مراعاة هذا التشخيص الاجتماعي والنفسي عند إعادة البريق والاتفاق لهذه المفاهيم التي تعتبر أحد الأسباب المهمة في حيرة وتشتيت دماغ الإنسان، نحو دوره الجميل في الحياة. 

أي عندما نعمل بشكل مرتفع على الثابت والمتحرك مما يدور في الذهن الإنساني، يؤثر الإتفاق على مستوى الروح والهمة الوجدانية والعقلية التي تعكس البناء الفعلي لبناء استراتيجيات سليمة لمشاكلنا المعقدة. 

فإعادة تعريف الثابت والمتحرك من المبادئ والقيم والعادات والتقاليد والأخلاق التي تجسد الهمة الفعلية وأساس نحو البدء في حلحلة قضايانا المشربكة من خلال سلوكيات تحمل أدق التصرفات الحياتية نحو مناحي الحياة المختلفة يا أصدقاء... 

مثال: 

فترة العزاء عند كثير منا تكون عبارة عن ثلاثة أيام، وعند فئة ثانية من الناس تتجسد المواساة من خلال يوم واحد، أما الفئة الثالثة تأخذ التعزية على المقبرة مباشرة. 

هنا سلوك المواساة ما بين الناس مختلف من مجموعة لأخرى، وذلك مرتبط بكيفية تشكيل نظرة المؤازرة لأحزاننا ولمشاركتنا لبعضنا البعض عند الفراق. 

هذه الأشكال السلوكية الثلاثة التي تم عرضها، جاءت نتيجة تعريف متأثر بأسباب ثقافية ودينية واجتماعية ونفسية واقتصادية شاركت في إخراج المنطق السلوكي داخل مجموعة ترتبط بشكل المواساة التي تأثرت بالأجداد وقد تتغير بعامل الزمن المنغمس بالعوامل والحيثيات التي تخرج أشكال من المؤازرة عند الوفاة يتفق عليها مجموعة من الناس. 

أي أن كل شكل سلوكي عند الوفاة سيتغير لشكل آخر نتيجة التجدد في حيثيات تدفع نحو الانتقال لشكل جديد في كيفية المواساة عند الأحزان.
مثال آخر: 

المقاومة في بداية الثورة الفلسطينية كانت تتجسد من خلال الكفاح المسلح، كأداة نضالية لا يمكن التنازل عنها في الوعي والوجدان الذاتي للإنسان المرتبط بخليط من العوامل والمفاهيم المقدسة نحوها، في حين يتجه أغلب الناس الآن للإيمان وممارسة النضال السلمي كأولوية ثورية على المحتل نستطيع تحملها في ظل إمكانيات داخلية وخارجية تقترب من الوسيلة النضالية في استرجاع الحقوق الفلسطينية أو البقاء صامدين على هذه الأرض.

أي أن اندفاعنا نحو طبيعة وشكل المقاومة سيتناسب معنا، ويرتبط بالزمان الذي له علاقة بتعريف المقاومة بناء على عوامل الدين والاقتصاد والظروف الاجتماعية والنفسية والثقافية وطبيعة التجربة النضالية، التي تفاعلت مع الأسباب الداخلية والخارجية، مما جعلتنا نُخرج شكل مقاومة يتناسب معنا ونسير باتجاههِ.

أي أن المعنى السابق جاء لتفسير كيفية اندفاعنا وتكويننا وتبنيننا لشكل الأداة التحررية، التي ستنعكس على اختيار الكفاح المسلح أو النضال السلمي كأدوات ثورية، لها إرهاصات فكرية وأخلاقية ودينية واقتصادية واجتماعية ونفسية، ستعلن عن الأداة أو الوسيلة التي يمكن أن نتبناها لتحقيق أهدافنا الوطنية.