مصلحة لإسرائيل و"حماس"

اسرائيل-حماس
حجم الخط

لا في احيان قريبة يتاح لنا ان نقول كلمة طيبة عن بيبي، ولكن هذه المرة سنقول كلمة ثناء على رئيس الوزراء. صحيحاً فعل إذ يبحث عن تسوية لزمن طويل مع «حماس» في غزة. نقول هذا رغم أنه تقع علينا منذ الآن اللذعات الدائمة، من نمط منذ متى يوجد لبيبي أيديولوجيا. فليست الأيديولوجيا هي التي تحركه، بل مصلحته في أن يجلب الهدوء للجنوب. فلا يعقل ان تكون في كل صيف حرب في غزة، وكل ثنائي «حمساوي» يقصف بلداتنا في الجنوب متى يروق له. وها هو توني بلير، العطش على أي حال لجائزة نوبل للسلام، يتجول بالصدفة في المنطقة، ويجلب لنا بشرى أنه في ظل عدم وجود تسوية دائمة، حسناً تفعل اسرائيل ومملكة غزة اذا ما توصلتا الى تسوية جزئية. سطحيا هذه فكرة لامعة في شهر يبشر بموسم الخيار.
لا تحتاج اسرائيل الى حرب اخرى مضرجة بالدماء كـ»الجرف الصامد»، تجري تقسيما للنزاع. فالتسوية ليست فقط مصلحة اسرائيلية، بل ايضا مصلحة خالد مشعل وعشرات الآلاف من سكان غزة ممن تبقوا بلا مأوى ومصدر رزق. ابو مازن سيغضب؟ فليغضب. على أي حال هو في مراحل الاعتزال. لقاؤه مع بوجي كان باعثا على الشفقة. فالمضيف نسي حتى ان يرفع علم اسرائيل احتراماً لزيارة «أمير السلام» من بيت هرتسوغ.
صحيح أن رئيس السلطة يفي بالتزاماته لاسرائيل، ولكنه لا يمنع بما يكفي «الارهاب» الذي يزحف الى داخل اسرائيل من مناطق الضفة. فالسكاكين والحجارة من شأنها أن تتطور الى انتفاضة اجرامية داخل اسرائيل. وكلما سفك الدم اليهودي قد تبدأ اسرائيل بأن تأخذ على محمل الجد اقتراح بلير للتعاطي مع غزة كدولة بين هلالين. ولن يكون مفر للمسيطرين فيها غير الوصول الى طاولة المفاوضات.
قد يكون بوسع الجهاز العسكري لـ»حماس» ان يعيد بناء نفسه، ولكن هناك حاجة حقيقية ايضا لاعادة بناء عاجلة للبنى التحتية ولتحسين الوضع الاقتصادي. في هذه اللحظة نجد ان الاستياء في اوساط السكان كبير لدرجة امكانية التمرد ضد القيادة المسيطرة. الجيش المصري يضرب غزة ويعزلها اكثر فأكثر. اما ايران، التي تتذوق من جديد طعم المال الكبير، فلا تسارع الى سكب الملايين اللازمة لاعمار غزة.
المقطع الاكثر اثارة للاهتمام في مبادرة بلير هو دور تركيا، وللدقة اردوغان، في فكرة انقاذ غزة. وبعد أن اشرنا الى ذلك، يجدر بنا أن نأتي هنا بالنفي المتكرر الذي يتطاير عندنا كطيور الخريف. «لا علاقة مع تركيا في موضوع حماس»، نشر النفي من القدس. وهل ثمة سبب يدعونا الى تصديق النفي؟ ربما. من جهة، في الشهر الماضي فقط طرد رجل «حماس» من أنقرة؛ ومن جهة اخرى منذ زمن غير بعيد حل هناك مشعل ضيفا على اردوغان. في كل الاحوال، برأي خبير عليم، هذه هي اللحظة التي يتعين على اسرائيل فيها ان تصلح العلاقات مع تركيا. وبالتأكيد اذا كانت الفكرة عن النهج الجديد تجاه غزة ستحتل خيالنا الشرقي.
عندما وضع شارون فكرة «فك الارتباط» كان للموقع أدناه الشرف أو الحظ في أن يحصل على المقابلة الشهيرة عن اخلاء 21 مستوطنة. كان واضحا لي في حينه ان هدف شارون كان تعطيل غزة كمصدر لـ»الارهاب». ولكن هذا لم ينجح. فبعد وقت قصير من الاخلاء اطلقت صواريخ على مزرعته. ليس في كل مرة ظننا فيها بأن موعد العمل مناسب، عملنا. كما أن هذا لم ينجح دوما. وبالاساس، لم نرغب دوما.
تعبير «لا يوجد من يمكن الحديث معه» افلس. تحدثنا مع السادات، تحدثنا مع الاسد، تحدثنا مع عرفات. وعلى أي حال لا بد لاحقا سنتحدث ايضا مع نصر الله، مع خامينئي. ربما حتى مع اوباما. وبالتأكيد مع «حماس». من يدري؟ ربما في النهاية نصل الى ثلاث دول للشعبين. في واقع الامر، اربع دول، إذ ان «فتيان التلال» ايضا يريدون دولة.

عن «هآرتس»