نحو مركز أبحاث لمرضى القلب

بالصور طبيب يروي قصة دخول القسطرة القلبية إلى قطاع غزّة

طبيب يروي قصة دخول القسطرة القلبية إلى قطاع غزّة
حجم الخط

غزّة - وكالة خبر - حمادة حمادة

من داخل مجمع الشفاء الطبي بمدينة غزّة، وعلى صوت صفير أجهزة القلب الممزوجة بأنات المرضى، وقف رئيس قسم القلب والشرايين في مجمع الشفاء الطبي بغزة الدكتور محمد حسين حبيب (45عاماً) متفحصاً ملفات المرضى، ويقرأ إشارات جهاز النبض وملتفاً إلى آخر مطمئناً إياه بتحسن حالته الصحية، ومن بين وسط تلك التفاصيل كان الحوار التالي : 

دكتور محمد، برأينا فإنه لابد من طفولة كانت البذرة الأولى في بلورة شخصيتك المهنية التي نراها اليوم كرئيس قسم القسطرة القلبية في مجمع الشفاء الطبي، حدثتنا عن طفولتك: 

ولدت في غزة عام 1974م، توفى والدي في حادث سير وهو ذاهب لأداء صلاة الفجر في فبراير 1987م، وكان والدي مزارعاً بسيطاً وكانت حالتنا المادية غير مرفهة، وبعد وفاته تركنا الأرض التي كنا نستأجرها من الأوقاف وذلك لقلة عائدها المادي، كنت حينها في الصف السادس الابتدائي، وكان علي أن أساعد والدتى وإخوتي فصرت أذهب في أيام وفترات الإجازة المدرسية للعمل في أشغال الزراعة الشاقة داخل الخط الأخضر، وكنت أعاني مثل أقراني الإذلال والإهانة من صاحب العمل الصهيوني، فأدركت أهمية أن نتعلم ونعمل ونبني وطننا، وأن يكون أبناء شعبنا سادة حياتهم وبناة اقتصاد منتج وليسوا مجرد عاملين تحت إمرة الصهاينة، نعم كنت طالبًا وأعمل داخل الخط الأخضر، إلى أن وصلت المرحلة الثانوية فعملت كهربائي وأتقنت المهنة في حين أن كثيرًا من زملاء المدرسة تركوا الدراسة للعمل داخل الخط الأخضر وأمضوا حياتهم عمالاً هناك.

وكانت مشاهد عايشتها في طفولتي لجرائم الاحتلال الصهيونى بحق المتظاهرين الفلسطينيين العزل المطالبين بإنهاء الاحتلال خلال الانتفاضة الأولى سنة 1987م دفعتني لدراسة الطب وفي عقلي وقلبي رغبة بمساعدة المصابين وتضميد جراحهم.. 

وفي مدرسة غزة هاشم الابتدائية التابعة لوكالة غوث اللاجئين – الأونروا– بدأت مسيرتي التعليمية ثم إلى مدرسة الشجاعية، فمدرسة يافا الثانوية في غزة، وأنهيت دراسة الثانوية فيها عام 1991 ثم التحقت بكلية الطب في جامعة إسطنبول وتخرجت منها حاملاً بكالوريوس الطب والجراحة العامة عام 2000، وخلال تشكل وعيي الطبي بدأت أشعر بالميل لتخصص القلب وعمليات القسطرة حديثة التطور على مستوى العالم لأكمل مسيرتى التعليمية وتشكلت بدايات وعيي الوطني والإنساني .

وأكمل الدكتور حبيب حديثه عن مسيرته العلمية قائلاً: 

مسيرتي العلمية لم تكن سهلة بل اجتزت خلالها عشرات التحديات فعندما وصلت إلى تركيا كان علي اجتياز امتحان (القرش) أي القبول في كلية الطب ودخلت كلية الطب، وبعد التخرج اجتزت امتحان الأخصائيين الأتراك، وهو امتحان يتقدم له 20 ألف طبيب لاختيار1200 طبيب منهم لتخصص القلب وتكون نسبة النجاح فيه أقل من 5%، وكنت من المتفوقين والتحقت بتخصص القلب في جامعة إسطنبول عام 2000م، وفي عام 2005م حصلت على شهادة (البورد) أو الزمالة في (أمراض القلب) من جامعة إسطنبول، وهنا عدت إلى قطاع غزة، في حينه كانت كل عمليات القسطرة تحول إلى جمهورية مصر العربية أو الأردن أو مستشفيات داخل الخط الأخضر، وأول جهاز قسطرة تم تشغيله في غزة وتحديدا في مستشفى غزة الأوربي يوم 18/11/2006م، وكان العمل يقتصر على القسطرة التشخيصية فقط أما القسطرة العلاجية أو الجراحية القلبية فيتم تحويلها إلى مصر أو الأردن أو إلى داخل الخط الأخضر.

هل خطر ببالك وقتها أن التحويلات الطبية من الممكن أن تكون تهديداً ملموساً على حياة المرضى ؟ 

بالطبع، فالاتكال على أوامر التحويلات إلى المستشفيات الخارجية ليس حلاً فمختلف أمراض القلب تحتاج إلى تدخل علاجي سريع ومعظم حالات القلب والجلطة والذبحة الصدرية الحادة تحتاج لقسطرة خلال ساعة أو ساعتين على الأكثر، كما أن معاناة المرضى وأسرهم تكون كبيرة جراء السفر والقلق، بالإضافة إلى التكاليف المادية الباهظة، فيما تشير الإحصاءات إلى أن عدد أطباء أمراض القلب في قطاع غزة قليل جداً ولا يكفي، وهناك نقص نسبته 50% إلى 60% مقارنة بالنسب العالمية.

وهنا لابد لي أن أشير إلى ما جعل لدي الحافز الأكبر على السعي لفتح قسم القسطرة في مجمع الشفاء الطبي حيث أنه في عام 2008م وتحديدا بعد الانقسام الفلسطيني اشتد الحصار والإغلاق الاسرائيلي وبدأت المخابرات الإسرائيلية عمليات ابتزاز واضحة للمسافرين وبينهم المرضى ومرافقيهم على معبر إيرز في محاولات لمساومتهم على العمالة للاحتلال، وأذكر قصة مريض كان يحتاج إلى دعامات في الشرايين وتم مساومته في معبر إيرز على لسان ضابط مخابرات إسرائيلي بالقول (إما أن تتعاون معنا في نقل المعلومات ونسمح لك بإجراء العملية أو تموت في غزة) فرفض المريض تلك المساومة وعاد إلى قطاع غزة وتوفي بعد عدة أشهر.

وحفزتنا جريمة الاحتلال هذه على البدء بإجراء عمليات القسطرة العلاجية داخل القطاع في وقت لم تكن فيه دوافع أو أفكار لدى وزارة الصحة في قطاع غزة للبدء بالمشروع.، وبدأنا نبحث عن بدائل في ظل الحصار والظروف الصعبة التي نعيشها مع عدم وجود أي شركات لتوريد مستهلكات القسطرة من أسلاك ودعامات أو بالونات وغيرها في غزة.

ماذا بعد أن خطرت بذهنك فكرة إنشاء قسم للقسطرة القلبية داخل قطاع غزة بدلاً من التحويلات ؟ 

بتاريخ 5/11/ 2008م تم إجراء أول عملية دعامة أو قسطرة علاجية في مستشفى غزة الأوروبي وهي عملية يقف خلفها سر أبوح به لأول مرة، حيث اتصل بي مسؤول بوزارة الصحة بالسلطة الفلسطينية في الضفة الغربية عارضا المساعدة - وقال لي لا تذكر اسمي لأنهم لو عرفوا ستواجهني مشاكل، واحفظ هذا السر بيني وبينك "أنا راح أبعتلك إلي بدك إياه، أي عدة دعامات وأسلاك و بلالين وغيرها من مستلزمات عمليات القسطرة". 

وفي الواقع، فإن أول عملية قمت بإجرائها كانت على مسؤوليتي الشخصية وبدون علم وزارة الصحة التي أبلغتها بهذا الانجاز فيما بعد، وبالطبع كان هناك تحوف من حدوث مضاعفات لأول حالتين قمنا بإجراء القسطرة لهما رسمياً في 5/11/2008م ولكن الأمور مضت بشكل جيد ولم تحدث أي مضاعفات وتقبلت وزارة الصحة هذه العمليات، وكان شعور مفرح لأن قطاع غزة دخل معها مرحلة توفير الخدمة داخليا ما أدى إلى تطورات إيجابية كبيرة جداً..

بعدها، والحديث ما زال للدكتور حبيب، بدأت بإجراء عمليات القسطرة العلاجية ووجدت تعاط سخي من فاعلي خير كثر، وكان أول مبلغ 15 ألف دولار دفعها العميد بالجامعة الإسلامية الدكتور مفيد المخللاتي, رحمه الله، ولم يكن يعمل يومها في المستشفيات الحكومية، وبعد ذلك اشترينا مجموعة من المعدات بتمويل متبرعين من قطاع غزة.

وأضاف الدكتور حبيب: "بعد حرب 2008 الإسرائيلية على غزة جاءتنا عدة وفود طبية عربية وغربية لمساندة قطاع غزة وبوجودها أصبحت عمليات القسطرة أولوية لدى وزارة الصحة في غزة ومن تلك الوفود جاء الوفد السوداني ووفد الهلال الأحمر القطري بتبرعات مكنتنا من توفير منظم لضربات القلب ومستهلكات أخرى لفترة طويلة وأصبح إجراء القسطرة العلاجية عمل روتيني لي في قطاع غزة ولم يكن أحد غيري يجري تلك العمليات في المستشفيات الحكومية في غزة، فقمت بتدريب عدد من الزملاء وأصبح بإمكانهم الآن إجراؤها بشكل روتيني في المستشفيات الحكومية".

وتابع: "في 15/5/2014م وقبل الحرب الثالثة على قطاع غزة تم افتتاح قسم القسطرة في مبنى قسم الجراحات التخصصية، وقمنا بتدريب عدد من الأطباء في مجمع الشفاء الطبي والآن هناك من يجيدون إجراء القسطرة داخل قطاع غزة".

وذكر أن كثير من العمليات لم يكن من الممكن إجراؤها في مستشفيات غزة لعدم توفرالدعامات والشبكات وأجهزة تنظيم ضربات القلب، وذكر حالة أجرى لها قسطرة عام 2008م في مستشفى غزة الأوروبي وكان المريض يحتاج لتركيب دعامات فتم تحويله إلى إحدى مستشفيات الخط الأخضر وهناك تم مساومته للعمالة ولكنه رفض وعاد إلى غزة ولم يتمكن من السفر إلى مصر عبر معبر رفح بسبب الإغلاق فتوفي وهو ينتظرالعناية الإلهية في غزة، فكانت هذه الصدمة دفعة لي للتفكير في إجراء مثل هذه العمليات في غزة لحماية أهلنا من جرائم الحصار والاحتلال.. 

وبفضل الله أصبح لدينا حاليا نظام قسطرة جديد يعني إدخال المريض من الطوارئ إلى قسم القلب مباشرة وهذا إنجاز مهم على مستوى مستشفيات فلسطين، وقبله كان مريض الذبحة أو الجلطة ينتظر أسبوعا أو أكثر لإتمام إجراءات التحويل الطبي، أما الأن فتجرى له القسطرة فوراً مما قلل من الوفيات..

ما أثر هذه الخطوة على الصعيد العملي والوطني ؟ 

قال: "إجراء عمليات القسطرة داخل القطاع يوفر لنا قاعدة بيانات جيدة ومفيدة وتفتح المجال لدراسات ووضع توقعات تقديرية للتخطيط لما نحتاجه من تجهيزات ومستلزمات خلال السنوات التالية ليتم توفيرها، مع العلم أنه كان من الصعب جمع المعلومات عن المرضى مع تشتتهم جراء التحويلات الطبية إلى الداخل الفلسطيني المحتل والأردن ومصر. 

و تابع: " بدأنا إجراء بحوث علمية على الحالات المرضية التي نتابعها ونشرنا بعضها في مجلات عالمية محكمة تعتبر مراجع للمتخصصين على مستوى العالم وفي جامعات أمريكية وأوربية مرموقة". 

وأضاف الدكتور حبيب: "أنه من الجانب المادي فإن تكلفة عملياتنا الجراحية داخل قطاع غزة لا تتجاوز 10% من التكلفة التي يتم إنفاقها على التحويلات الطبية، فمثلاً الحالات التي كنا نرسلها إلى الداخل المحتل تكلفنا ما يقارب 20 ألف دولار أما الآن فلا تكلفنا أكثر من 1000دولار داخل القطاع، وأجرينا دراسة عام 2016م توصلنا من خلالها إلى أننا وفرنا 55 مليون شيكل جراء اجراء القساطر داخل قطاع غزة بدلاً من إرسالها إلى الخارج، وبهذا المبلغ نستطيع إنشاء مستشفى قلب متكامل بكافة الأجهزة الحديثة المطلوبة. 

ماذا عن الأبحاث العلمية ؟

أوضح:"من أمثلة ما قمنا به من أبحاث علمية محكمة، بحث أجريناه خلال الحرب على غزة عام 2008م على حالة مصاب بشظايا صاروخ إصابت غدته الكدرية وأحدث نزيفا حادا في البطن فتم تحويله بشكل فوري إلى مصر، وبسبب رفض دخوله إلى مصر أعيد مباشرة من المعبر إلى مستشفى غزة الأوربي حيث أجرينا له عملية معقدة وعالية المخاطر، تكللت بالنجاح ثم وثقناها في بحث علمي نشرناه في مجلة علمية أمريكية وإلى الآن تم أخذه 24 مرة من جامعات أمريكية بينها جامعة واشنطن وكنساس . 

وأردف: "بعد ذلك أجرينا العديد من العمليات النوعية والأبحاث التي تتعلق بالقسطرة والقلب بشكل عام ومن ضمنها إعطاء بعض العقارات للتخفيف من الفشل الكلوي الذي قد يحدث بعد إجراء القسطرة، البحث المشار إليه أجريناه في مستشفى غزة الأوروبي ونشر عالمياً واعتمد 10 مرات كمرجع لأبحاث مشابهة حول العالم". 

وقال: "أيضاً وثقنا أبحاثا بشأن حالات النزيف الحاد وانغلاق الشرايين التي تحدث بسبب قطعة تسمى (الكويل) تستخدم عادة في عمليات القسطرة وتم نشرها حول العالم".

واستدرك: "في علم الأورام (حالات المرضى الذين لديهم ورم كبير لا يستطيعون معه الخضوع لجراحة بسبب خطورة حالاتهم) فقد جربنا إغلاق الشرايين التي تؤدي إلي تغذية الأورام، وأجرينا حوالي 75 بحثا علميا في المجال، اعتمدت كمراجع أكثر من 60 مرة حول العالم وهذا مثبت لدينا". 

وبيّن أنّه في العام 2019م تم قبول عشرة من أبحاثنا عالميا آخرها في 25/5/2019 وهو بحث عن حالات القسطرة العلاجية التي أجريت في مجمع الشفاء الطبي. 

لماذا لم ينشأ مستشفى متخصص بأمراض القلب في غزة حتى الآن ؟ 

قال: "للأسف فإنه مع بداية تطور تخصص أمراض القلب في غزة بدأ الحصار الصهيوني، ليعمل على تدمير كافة مقومات الحياة وسبل النهوض والتطور في قطاع غزة بل وكل فلسطين أرضا وشعبا ومؤسسات".

وبيّن أنّ ثمة مواقف صعبة لاشك أنك مررت بها كطبيب أمراض قلب يعمل في ظل شح الإمكانات والحصار والإغلاق في غزة.

هل لك أنّ تروي بعض التفاصيل؟

قال: "لعل أصعب موقف يمر به الطبيب هو عدم توفر الامكانات والمستلزمات التي تعينه على خدمة ومساعدة أي مريض، وأن ترى المريض يموت بين يديك وأنت عاجز عن فعل تعرفه هو قمة القهر الدي لم يشهد العالم له مثيلاً، إنه القتل بهدف القتل وسرقة الوطن والأرض".

ما الأعراض التي تنبىء بوصول الشخص العادي أو مريض القلب لحالة الخطر ؟ 

أجاب: "إذا عانى الفرد من أعراض تمس الجهاز الدوري مثل لهثة أو ضيق تنفس أو ألم في الصدر فهي مؤشر خطر، أما إذا شعر بآلام وتعرق ولهثة فعليه التوجه للطبيب، وأنصح الجميع فوق الأربعين من العمر وعلى الأخص من لديهم عوامل اختطار وراثية وأمراض مزمنة بإجراء كشف دوري في أي مستشفى حكومي فدرهم وقاية خير من قنطار علاج".

وأضاف: "للناس جميعاً أقول إياكم والتدخين واياكم والغضب والتوتر ودعوتي لمرضى الضغط والسكر بأنّ يلتزموا الحمية المناسبة ويتابعوا الفحوصات ويلتزموا بالأدوية الموصوفة لهم".

ما هي نصائحك لأبناء شعبنا لحماية قلوبهم وتجنب امراض الشرايين رغم تراكم الهموم الشخصية والوطنية في ظل الحصار والانقسام والبطالة والأزمات المالية والاقتصادية؟

قال: "هي نصائح عامة، أولها قول النبي محمد صلى الله عليه وسلم: " لا تغضب " فالعامل الأساسي لاضطراب ضغط الدم والكوليسترول، إضافة إلى نوعية التغذية، والغضب والتوتر النفسي والعصبي، ونحن نعيش في ظروف قاسية جداً تزيد التوتر وتؤدي إلى الجلطات القلبية والذبحات الصدرية، والنصيحة الأخرى هي الامتناع عن التدخين، بعدما بات معروفا عالمياً بوجود علاقة بين التدخين ونسبة الجلطات القلبية".

وقدم النصح بالتقليل من تناول اللحوم الحمراء كثيرة الدهون والزيوت المهدرجة والزيوت غير المهدرجة. 

ورداً على سؤال: أين تذهب إذا ما ضاقت عليك نفسك ؟، قال: "أتوضأ وأصلي ركعتين، أو إلى المسجد لأداء الصلاة في موعدها، ثم أتجه إلى البحر".

ما هواياتك ؟ 

أجاب: "ليست هناك هواية محددة، لربما لضيق الوقت وانغماسي المتواصل في العمل والدراسة، لكنني أذهب في بعض أيام الجمعة خلال الصيف إلى البحر للسباحة وأحياناً للمشي".

صف لنا تفاصيل يومك في البيت والعمل؟

أوضح: "أنام مبكراً لأستيقظ مبكراً، دوامي يبدأ الثامنة صباحا لكنني أحرص أن أكون هناك في تمام الساعة 7:55 أي قبل بدء الدوام بأكثر من ساعة بهدف زيارة المرضى ومعاينة حالاتهم، وفي بعض الأيام تكون هناك نشاطات علمية وعروض لحالات مرضية أو محاضرة طبية حول آخر المستجدات في أمراض القلب، وما يجب أن نفعله وما الأبحاث التي يمكننا إجراؤها، ثم نقوم بتوزيع جدول العمليات خاصة عمليات القسطرة القلبية وأحياناً يكون دوامي في العناية المركزة وأحياناً أخرى في قسم القلب، وبعد الدوام أتوجه لبيتي وفي الليل أعاود العمل في عيادتي الخاصة".

هل لديك وقت للعائلة والأصدقاء ؟ 

قال: "نعم، ولكن أوقاتي معهم محدودة لضيق الوقت ولكنني أحرص على التواصل معهم عبر الجوال، وعندما تكون لدي عمليات قسطرة في المستشفيات الخاصة أرجع للبيت متأخرا فأجد أبنائي نائمون ثم أخرج في الصباح للعمل وهم نائمون وربما لا أراهم في الأسبوع سوى يوم أو يومين فقط، نعم هناك تقصير تجاه أسرتي لكنها ظروف العمل والحياة في غزة".

وتابع: "زوجتي ربة بيت رائعة تهتم بكل احتياجاتي وترعى أبنائي وهي التي تخرجت في قسم التاريخ في الجامعة الإسلامية وكانت الأولى على دفعتها وقد اعتادت حفظها الله كما الأبناء على طول مكوثي في المستشفى والاستدعاءات الليلية لحالات الطوارئ". 

أجمل لحظات حياتك؟ 

أوضح: "دعني أقول أن من أجمل اللحظات التي تمر علي عندما يأتي مريض تكون التوقعات تشير لخطورة حالته وأن نسبة نجاح عمليته تلامس الصفر ولكن بفضل الله تعالى نقوم بإجراء العملية ويعود إلى عائلته وبيته سالماً معافى".

وفي ختام حديثه، دعا الدكتور محمد حسين حبيب رئيس قسم أمراض القلب والشرايين في مجمع الشفاء الطبي بغزة السلطة الفلسطينية ووزارة الصحة وكل المعنيين برفع المعاناة التي طال أمدها على أبناء الشعب الفلسطيني، والعمل الجاد والمسؤول من أجل بناء مركز وطني فلسطيني لأبحاث وعلوم وعلاج أمراض القلب والشرايين وزيادة أعداد الأطباء الفلسطينيين المتخصصين وخلق ظروف عمل جادة ومستقرة لهم وتشجيع فتح عيادات ومستشفيات خاصة متخصصة في المجال.

وطالب الدكتور حبيب بافتتاح أقسام متخصصة بالمجال في مختلف المستشفيات المركزية في المدن الفلسطينية وتوفير مستلزماتها من أجهزة ومعدات ومستهلكات وأدوية لخدمة عمليات الفحص والتشخيص وإجراء العمليات وبالأخص القسطرة ووجه كلمة أخيرة لأصحاب القرار بأن يعتنوا بمراكز القلب الموجودة وأن يعملوا على تطويرها ليأخذ كل مريض حقه لاسيما من يعانون من جلطات قلبية وتلزمهم عمليات قسطرة .

طبيب يروي قصة دخول القسطرة القلبية إلى قطاع غزّة
طبيب يروي قصة دخول القسطرة القلبية إلى قطاع غزّة