لا شك أنّ قضية "سلامة المواد الغذائية" أصبحت أحد أهم المِلفات التي تتم متابعتها على مدار العام، وذلك بسبب ارتباطها بسلامة وحياة المواطن، حيث يعود ذلك إلى ما يحدث في الأسواق الغزيَّة من إضطرابات مختلفة نتيجة الحصار ومنع إدخال سلع معينة أو تأخيرها، أو شراء بعض التجار أغذية وبضائع قضت ثلثي مدة الإنتاج أو شارفت على الانتهاء، بهدف جني أرباح باهظة بشرائها بأقل الأسعار، ومن ثم إدخالها إلى الأسواق.
وأغلقت دائرة حماية المستهلك بوزارة الاقتصاد أبواب عدد من المطاعم التي خلت جوانبها من معايير السلامة الصحية، حيث عمد بعضهم على ضخ كميات من اللحوم الفاسدة وتكديسها على الأسياخ، دون أدنى شفقة بصغيرٍ أو كبير، وذلك لاعتقادهم أنّ "النيران" تحرق ما اقترفته أيديَهم.
وتُقيم الجهاتُ المعنيةُ ودائرة حمايةِ المستهلك، عدداً من الجولات التفتيشية التي من شأنها الرقابة على سير العملية الإنتاجية داخل المطاعم، لضمان وصول الطعام الصحي للمواطنين.
بدوره، قال الناطق باسم وزارة الاقتصاد الوطني في غزّة، م. عبد الفتاح أبو موسى: إنّ "جولات التفتيش التي أجرتها الوزارة الأأسبوع الماضي جرى خلالها ضبط أكثر من 200 كجم من اللحوم الفاسدة داخل عدد من المطاعم المنتشرة في محافظات جنوب قطاع غزّة".
وأوضح أبو موسى خلال حديثه لوكالة "خبر" أنّه تم إتلاف الكميات المضبوطة وتحويل الملف لوحدة الشؤون القانونية لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحقهم، بالإضافة إلى إيقاف المطعم عن العمل؛ لحين تصويب أوضاعه والالتزام بالشروط الصحية الخاصة بالحرفة، من أجل الحفاظ على جودة الأطعمة المقدمة من جهة، والحفاظ على حياة المواطنين من جهةٍ أخرى.
ولفت إلى أنّه على الرغم من إغلاق بعض المطاعم وإتلاف كميات من اللحوم الفاسدة، إلا أنّ ذلك لا يُعتبر ظاهرة، حيث إنّ الحالات التي تم ضبطها قليلة ولا تُثير القلق بالمطلق، خاصة أنّه جرى التعامل معها على الفور.
وأكّد أبو موسى على أنّ الوزارة تُسخر طواقمها ولجانها من أجل ملاحقة المقصرين وإجبارهم على الالتزام بمواصفات ومقاييس السلامة الغذائية والمهنية.
ورغم انتشار المطاعم التي أغلقت أبوابها بعد فساد منتوجاتها، إلا أنّ ذلك لم يُقلل من رغبة الزبائن في تناول شطائر الشاورما، حيث تعج حركتهم داخل مطاعم بيعها، وتعلو أصوات الأطفال بين جوانبِها.
من جهته، بيّن مدير العلاقات العامة بمطعم وبيتزا محمد سعيد، أنّ انتشار هذه الظاهرة من شأنه أن يضر بمصلحة كل من يعمل في هذا المجال، مضيفاً: "لكن نحن نتبع الدقة في عملنا، ونلتزم بمعايير السلامة الغذائية".
وبسؤاله أنّه "بمجرد فساد مطعم واحد قد يتبادر إلى الأذهان بأنّ كافة المطاعم فاسدة"، قال: "ندعو المواطنين إلى عدم الحكم على كافة المطاعم، فكل شخص وما تخوّله نفسه أن يفعل، وانتشار المفسدة في أحد المطاعم تخصه ولا تُسيئ لغيره".
والطعام الفاسد قضية تُثير جدلاً حتى وإنّ نَدرَ وجودها بين الفينة والأخرى، إلا أنّ الاهتمام بها ومحاولةُ التقليلِ من انتشارها إلى حدِ اجتثاث جذورها، أمر يزيل ما تحمله غزّة من عقبات، خاصة أنّ وجودها لا يقتصر على اللحوم الفاسدة أو ما يماثلها، بل قد تصل إلى المتاجر ومحلات البِقالة.