المجلس الوطني بين دورة «طارئة» وأُخرى «عادية» !!

هاني-حبيب
حجم الخط

يبدو أن المجلس الوطني الفلسطيني لن يعقد جلساته، لا في دورة استثنائية طارئة، كما يدعو الرئيس عباس، ولا في إطار دورة عادية، كما تطالب كافة أو معظم الفصائل الفلسطينية، إذ بعدما أن توضحت عملية الاستقالات من اللجنة التنفيذية، بهدف عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني الفلسطيني، تبين أن تفسير المادة 14 من النظام الداخلي الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يتعارض مع أهداف عقد جلسة استثنائية، بمن حضر، بهدف انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، وفقاً لما قيل إن الرئيس يسعى إليه، من تفسير هذه المادة يتضح أن هذه الاستقالات، لا تستوجب انتخاب لجنة تنفيذية جديدة، بل ملء الشواغر بمن استقال، ولا يتم تعديل أو تغيير الأعضاء الذين لم يقدموا استقالاتهم ـ وهذا ما يتعارض مع أهداف عقد المجلس بدورة استثنائية، والتي تتلخص بانتخاب لجنة تنفيذية جديدة، وليس من المنطقي أن يعاد انتخاب من استقالوا، كما ليس من المنطقي الإطاحة بمن لم يستقل.
ولأن الحديث قد طال واستمر خلال الأيام الأخيرة، حول الاستقالات، لجهة النفي ثم الاعتراف، وكذلك حول الأسباب التي تدعو إلى عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني، بدلاً من دورة عادية كان يجب ان تعقد منذ سنوات خلت، ويقال إن ذلك يعود بالأساس إلى رغبة الرئيس عباس، بإجراء تعديلات جوهرية على بنية مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، بما ينسجم مع سياساته، وهذا يعني أن هناك أعضاء في اللجنة التنفيذية الحالية، يشكلون قيداً على حركته السياسية، مع أن هؤلاء أنفسهم يؤكدون أن الرئيس يتخذ القرارات فردياً، دون العودة أو الالتزام بآراء ومواقف هؤلاء الأعضاء، كما أن اللجنة التنفيذية الحالية، لم تلتزم حتى الآن بقرارات أو توصيات ـ كما يشير البعض ـ المجلس المركزي للمنظمة حول وقف التنسيق الأمني، الرئيس قام بعمل «إحلال واستبدال» لأمين سر اللجنة التنفيذية، دون أية مشاورات ـ مجرد مشاورات ـ مع أعضاء اللجنة التنفيذية، فما الضير فيما إذا استمر الوضع على ما هو عليه، خاصة وأن تهديدات بعض أعضاء اللجنة التنفيذية بالتوقف عن حضور اجتماعاتها لم تحدث.. إلاّ أن الأمر يتجاوز ذلك كله، إذ ان هذه القرارات التي اتخذها أبو مازن فيما يتعلق بالفصل والاستبدال، تظل غير رسمية، ويجب أن يتم اتخاذ قرار بها من خلال المجلس الوطني الفلسطيني.
في تحايل على المادة 14 من النظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، يشير البعض الى أنه في حال انعقاد المجلس الوطني، فإنه يصبح سيد نفسه، ويمكن اتخاذ القرارات وإجراء الانتخابات لاستبدال المستقيلين أو المتوفين، عميد التشريع الفلسطيني، رئيس المجلس الوطني أشار بشكل واضح وجازم، من خلال وسائل الإعلام، الى أن «المجلس سيد نفسه» يسري فقط عندما يعقد في دورة عادية بعد استكمال النصاب، إلاّ أن ذلك لا يسري على دورة طارئة للمجلس تعقد بمن حضر، وتنحصر مهامها في استبدال «المستنكفين» أو الذين لم يعودوا على قيد الحياة، وبالتالي ليس هناك، من الناحية الواقعية القانونية، حاجة إلى عقد دورة استثنائية للمجلس، إلاّ لهدف واحد وحيد، وهو استبدال من استقالوا أو غيّبهم الموت، مع الإبقاء على من لم يتقدموا باستقالاتهم كأعضاء يواصلون مهماتهم في اللجنة التنفيذية، وهذا من الواضح أنه يتعارض مع الأهداف التي يقال كانت وراء الدعوة إلى انعقاد طارئ للمجلس الوطني الفلسطيني.
وإذا كان هدف مثل هذه الدعوة، هو تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وضخّ دماء جديدة في أوصال اللجنة التنفيذية، فلماذا لا يتم دعوة الإطار القيادي الفلسطيني، الذي تم تشكيله قبل بضع سنوات ويضم فصائل منظمة التحرير إضافة إلى حركتي حماس وفتح، ولهدف واحد وحيد، وهو تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وهياكلها التنظيمية، هذا الإطار الذي لم يدع لاجتماع منذ تأسيسه حتى الآن، وإذا كان الأمر كذلك ـ تفعيل المنظمة ـ لماذا لا تتم الدعوة إلى مجلس وطني فلسطيني بدورة عادية، خاصة أن مثل هذا الانعقاد كان يتوجب أن يتم قبل عدة سنوات، خاصة وأن هناك تداعيات بالغة الخطورة جرت خلال هذه السنوات أثرت مباشرة على القضية الفلسطينية والمشروع الوطني الفلسطيني، وكان هناك كل الوقت، للتحضير ولوضع جدول أعمال كامل ومسهب.
هناك العديد من المبررات التي يطرحها البعض لعدم الدعوة إلى دورة عادية للمجلس الوطني، إلاّ أن هذه المبررات، لم تعد تقنع أحداً على ضوء الطريقة التي تم التحايل من خلالها، لاستبدال الدورة العادية، إلى دورة طارئة، انعدام الثقة بين القيادة الفلسطينية ممثلة بالرئيس أبو مازن، ومعظم الفصائل الفلسطينية الحريصة، فصائل منظمة التحرير الفلسطينية إضافة إلى حركة حماس، من شأنه سواء عقدت دورة استثنائية أم لم تعقد، سيزيد من الانشقاق الوطني الفلسطيني، وليس بين حركتي فتح وحماس، فقط، بل بين قيادة أبو مازن ومعظم الإطار الوطني الفلسطيني الممثل بفصائل منظمة التحرير الفلسطينية.. لذلك فالأمر يستدعي التراجع عن هذه الخطوة.. والإعداد لدورة عادية تتم وفقاً للنظام الأساسي للمنظمة بعد دعوة الإطار القيادي الفلسطيني، الذي يجب أن تحترم قراراته!!