ميّزَ الله سبحانه وتعالى كل إنسانٍ بهواية أو موهبة ينفرد بها عن غيره؛ ومن أكثر تل الهوايات شيوعاً هواية الرسم التي تُمكننا من رؤية ما يجول في ذهن الفنان على هيئة لوحةٍ فنية تعكس أمراً ما يعجز عن التعبير عنه سوى بهذه الطريقة.
ولموهبة "الرسم" مكانة مرموقة منذ الأزل حيث تعتبر من دواعي النهضة الفكرية وعاملاً كبيراً في نشر الثقافات بين الشعوب؛ حيث برزت أهميتها ودورها في نهضة المجتمعات من خلال ما تركه الإنسان الأول من نقوشات عبّرت عن الأزمان الماضية.
الفتى "يوسف أبو زر" ذو الستة عشر ربيعاً، والذي يقطن بمخيم النصيرات وسط قطاع غزّة، استطاع بالرغم من صغر سنه تحويل موهبة الرسم إلى مصدر رزق يعتاش من خلاله، وذلك بعد أن نالت أعماله الفنية إعجاب الآلاف من متابعيه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
"أبو زر" قال لمراسلة وكالة "خبر": إنّ "شغف الرسم والتلوين تكون لديه منذ نعومة أظافره، ما دفع والده إلى تشجيعه على صقل موهبته وتنميتها"، مُشيراً إلى أنّ مُدرسته كان لها أيضاً بجانب عائلته دوراً بارزاً في تنمية وتطوير موهبته.
وأضاف: "التحقت بدورة للرسم في مركز للفنون التشكيلية بمخيم النصيرات وسط قطاع غزّة، وتدربت خلالها على مزج الألوان، على يد أساتذة متخصصين بمجال الرسم"، لافتاً إلى أنّه حصل على المستوى الثالث خلال مشاركته بمسابقة الرسم التي عقدتها وكالة الغوث بين مدارسها في القطاع، حيث كانت رسمته تتحدث عن حقوق الإنسان.
وبيّن أنّ مُعلم التربية الفنية ومدير مدرسته، وفرا له كافة الأدوات الفنية اللازمة لتحفيزه على الاستمرار، وأيضاً إعطاء العديد من الدورات للطلبة داخل المدرسة، حيث كان إحداها بعنوان "كيفية الرسم بالفحم".
وبالحديث عن الصعوبات التي واجهها، أوضح أنّ تردي الأوضاع الاقتصادية، وغلاء أسعار الأدوات الفنية، والحصار المفروض على قطاع غزّة، من أكثر الصعوبات التي واجهته منذ بدء مسيرته الفنية.
وحول اللوحات التي يرسمها، قال أبو زر : إنّني "أحب رسم الشخصيات الوطنية والأدبية التي كان لها دور بارز في القضية الفلسطينية كأحمد ياسين، وأبو عمار، ومحمود درويش، وغسان كنفاني"، مُؤكّداً على أنّ أعماله لا تقتصر على رسم تلك الشخصيات، بل تخطت ذلك لتشمل استخدامه الأخشاب، والأنابيب الزجاجية، التي يرسمها وينحتها بدقة عالية، ويُشكل منها "عقد، أو سوار، أو تحف فنية" تتناغم مع ما يطلبه المواطنون والهواة من أشكال ورسومات مختلفة.
ونوّه إلى أنّه نجحَ في الاستفادة من موهبته وأعماله الفنية التي نالت على إعجاب الكثير من المواطنين، وتحويلها إلى مصدر رزق يعتاش منه، وذلك من خلال ترويجها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى عرضها بأسعار مناسبة في العديد من معارض التسويق في قطاع غزّة.
وعن طُموحه وأحلامه، أكّد على أنّه يسعى لدراسة الفنون الجميلة حتى يصقل موهبته، بالإضافة إلى رغبته بأنّ يصبح فناناً مشهوراً له لوحاته الفنية التي تميزه عن غيره.
وفي ختام حديثه، عبّرَ أبو زر عن شكره وامتنانه لنائب مدير مدرسته أ. إياد أبو غزالة، لما كان له من دور بارز وكبير في تطوير وصقل موهبته، دعياً كل فلسطيني لديه موهبة إلى تنميتها وتطويرها، وعدم دفنها والاستسلام للواقع المرير الذي يُعانيه قطاع غزّة.