بدأت أمس الثلاثاء انتخابات الكنيست الإسرائيلي الـ"22" وسط منافسة كبيرة بين رئيس الوزراء الحالي وزعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، وزعيم حزب أزرق - أبيض، بيني غانتس، وذلك في ظل الحديث عن تساوي الطرفين وتوجّه الأنظار الإقليمية والعالمية نحو نتائجها.
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي، أشرف عكة: إنّ "المعطيات الأولية تُشير إلى أنّ هناك منافسة حادة بين الأحزاب السياسية في إسرائيل، خاصة حزبي أزرق ابيض والليكود، لكنّ الصراع الأساسي بين معسكري اليمين واليسار، إضافة إلى ذلك فإنّ نسبة التصويت مهمه وضرورية للأحزاب الصغيرة التي يمكن أنّ تجتاز نسبة الحسم بقدرتها على دخول الكنيست، بالتالي سيُعزز فرص أي من المعسكرين لتشكيل الحكومة، وهذا مرتبط بقدرة أي من الأحزاب على الحصول على أكبر عدد ممكن من الأصوات في الكنيست ليتم تكليف رئيس هذا الحزب بتشكيل الحكومة".
وأضاف عكة خلال لقاء مصور أجراه مدير مكتب وكالة "خبر" في رام الله، الزميل أمجد العرابيد: "إذا كان نتنياهو الفائز على سبيل المثال سندخل في نقاش جدي وحقيقي، لكنّ من المرجح أنّ القائمة العربية المشتركة من جهة وليبرمان وحزب إسرائيل بيتنا سيكون لهما دوراً مهما في هذه الانتخابات من ناحية وطبيعة شكل الحكومة الإسرائيلية القادمة، فإما ستكون حكومة وحدة وطنية بمشاركة الليكود دون نتنياهو، أو قدرة نتنياهو على تشكيل حكومة متدنية وبالتالي بدء النقاشات والتحديات الداخلية الإسرائيلية، خاصة في حال حصلت القائمة العربية المشتركة على عدد مهم من الأصوات في الكنيست، ما سيجعلها تقود المعارضة الإسرائيلية خلال الفتره القادمة".
وتابع: "إسرائيل تمر الآن بتهديدات مختلفة حيث إنّ الأولويات المرتبطة بطبيعة من سيفوز في الانتخابات، بيني غانتس الذي يعتبر أنّ غزّة هي التهديد الاستراتيجي لإسرائيل، أم نتنياهو الذي يعتبر أنّ إيران وتموضعها في سوريا وأذرعها في المنطقة وأهمها حزب الله هي التهديد الحقيقي لدولة الاحتلال"، لافتاً إلى أنّ نتنياهو سيُحاول التركيز على الملف الإيراني باعتباره تحديد استراتيجيي وجودي لإسرائيلن وبالتالي تجنيد الولايات المتحدة وبعض الدول العربية لمهاجمة إيران أو تحجيم دورها.
وأوضح: "المستوى الأمني الإسرائيلي يختلف مع نتنياهو حول آلية التعامل مع الملف الإيراني، سواء كان بمنع امتلاك إيران أي سلاح نووي، إضافة إلى ذلك محاولة التخلص من أذرعها في المنطقة"، مُردفاً: "نتنياهو يسعى لتوجيه ضربة لإيران لكنّ من خلال الولايات المتحدة والدول العربية، في حين أنّ قيادات إسرائيل تُريد دور إيران دون الدخول في حرب استراتيجية معها، وذلك على اعتبار أنّ إيران لديها من القوة والإمكانات والتحالفات في المنطقة التي قد تُشكل تهديداً وخطراً استراتيجياً علي إسرائيل".
وبالحديث عن دعوة نتنياهو الناخبين إلى إنقاذ "إسرائيل" من قبضة اليساريين المتطرفين، قال عكة: "المنطق التخويفي للناخبين الإسرائيليين يتبعه نتنياهو طوال الفترة الماضية، حيث يُحاول من خلال الأيديولوجيا التي يقود بها إسرائيل أنّ يُخاطب المستوطنين واليمين والمستوطنين لحثهم على التصويت، من أجل منع منافسه الآخر من الفوز في الانتخابات، لأنّه يخشى على نفسه ويعلم أنّ خسارته تعني ذهابه إلى السجن، وبالتالي هذه معركة شخصية فاصلة يستخدم بها أمن إسرائيل ليُنقذ نفسه من هذه المرحلة".
ورأى أنّ نهاية نتنياهو السياسية ستكون السجن خاصة أنّ كافة المؤشرات تُشير إلى ارتفاع نسبة المشاركة خاصة في الوسط العربي، بالإضافة إلى أنّ نسبة التصويت في تل أبيب المدينة العلمانية كانت لصالح أبيض - أزرق، وأحزاب العمل، وغيرها من الأحزاب العلمانية، خاصة أنّ التوجه الإسرائيلي يتركز على حماية النظام السياسي والديمقراطية الإسرائيلية والشروع في تشكيل حكومة علمانية ديمقراطية، وهذا الأمر كان غائباً طوال الفترة الماضية، وبالتالي فإنّ تهديدات نتنياهو يُحاول من خلالها الالتفاف على الجمهور الذي يسعى لمواجهة حكمه.
ورداً على سؤال: "من وجهة نظركم هل سيطبق نتنياهو وعده بضم مستوطنات الضفة والأغوار؟ وفي حال سقوطه هل ستنفذ الحكومة القادمة وعده؟"، أجاب: "بتقديري إنّ لم يجد مواجهة فلسطينية جدية وحقيقية سيُنفذ وعده، لذلك لا بد من الحذر لأنّ نتنياهو لا يُريد تدمير عملية السلام فقط، بل يسعى لتحويل الصراع إلى ديني لا ينتهي، بالإضافة إلى سعيه زيادة الأزمات في المنطقة، لكي يظهر أمام الإسرائيليين بأنّه يحمي إسرائيل ويحمي وجودها".
وعن شكل العلاقات بين الولايات المتحدة وإدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بعد الانتخابات، قال: "التوافق بين نتنياهو وترامب مرتبط بالقضايا السياسية وملفات المنطقة، لكنّ عملياً ترامب حملَ رؤية نتنياهو، أما في حال أنّ ترامب لم يجد شريكه الحقيقي ستتأثر العلاقة بكل تأكيد، لأنّ الرؤى الأخرى تختلف عن نتنياهو، بالإضافة إلى أنّ نتنياهو وترامب يربطان نجاحهما في انتخابات الولايات المتحدة في العام القادم بدعم نتنياهو، حيث سيشعر ترامب أنّ حليفه الأساسي سقط بالانتخابات الأمر الذي سيؤثر عليه في الانتخابات الأمريكية، لذلك قد يضطر ترامب في حال خسارة نتنياهو إلى تغيير بعض ملامح سياسة التعامل مع الحكومة الإسرائيلية القادمة التي لم يكون نتنياهو متواجداً بها".
وحول حصول القائمة العربية المشتركة على نسبة متقدمة ووصولها للمرتبة الثالثة بالكنيست، بيّن عكة: "من الواضح أنّ الإجماع لدى أهلنا في الـ48 كان على دعم القائمة، لأنّها قادرة على نقل رسالة الصوت العربي، بالإضافة إلى مخاطر وجود نتنياهو على العرب وطبيعة حياتهم السياسية والاقتصادية والوجودية"، مُؤكّداً على أنّ القائمة عبّرت عن ضمير أهلنا في الـ48 واستطاعت أنّ تشحذ الهمم في الربع ساعة الأخيرة، من خلال حث رئيس القائمة أيمن عودة على المشاركة العربية في الانتخابات، لإسقاط نتنياهو الذي يُهدد الوجود العربي في إسرائيل، وانطلاقاً من رغبتهم في الحصول على كامل الحقوق المتساوية وأنّ لا يكونوا مواطنين من الدرجة الثانية في دوله الاحتلال.
وأشار عكة إلى أنّ نتنياهو أصبحت أيامه معدودة في الحكومة، موضحاً أنّه في أسوأ السيناريوهات سيتم تشكيل حكومة وحدة وطنية في إسرائيل بمشاركة الليكود، وسيكون للقائمة العربية في الكنيست دور مهم هذه المرة، أو أنّ تمثل المعارضة في الكنيست الإسرائيلي.
وختم حديثه بالقول: "يوجد أحزاب إسرائيلية قريبة من القائمة المشتركة، وبالتالي المرحلة القادمة ستشهد صفحة جديدة بالسياسة الإسرائيلية، وذلك على اعتبار أنّ حقبة نتنياهو كارثية، ما يعني أنّنا مقبلون على مشهد سياسي جديد سيتضح للعموم خلال الساعات القادمة"، مُعتقداً أنّ رئيس دولة الاحتلال سيتردد في تكليف نتنياهو بتشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى أنّ حزب الليكود سيضطر للتضحية بنتنياهو حتى في حال حصوله على أكبر عدد من المقاعد، من أجل تشكيل حكومة وحدة وطنية مع حزب أزرق - أبيض وبقية الأحزاب التي ستجتاز نسبة الحسم.