خطاب يجسّد إخفاقات نتنياهو

نتنياهو
حجم الخط

وقف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هناك، عصر أول من امس، الى جانبه عقيلته سارة، فوق البساط الأحمر، وخلفه طائرة الـ»عال» وامامه الميكروفونات التي اعدها مسبقا المعاون المخلص، عيزرا سايدوف، وتحدث عن انه يسافر بهدف «رسالة مصيرية وتاريخية». أما مسؤول كبير سابق في جهاز الامن، شاهد الحدث، فتلفظ بهدوء قائلا: «ينبح على الشجرة غير الصحيحة». أو بكلمات اخرى: لا مصيرية ولا أحذية.
نتنياهو مخطئ، ويضلل الجمهور. بدلا من ان يعمل ضد ايران ويبحث عن السبل لتأخير ايران من أن تصبح دولة ذات سلاح نووي، اعلن الحرب على أميركا. الآن وبالاستراق من خلف ظهر الرئيس الأميركي، وبمساعدة الجمهوريين في الكونغرس، يأمل في أن يمنع الاتفاق بين ايران والقوى العظمى. غير أنه عمليا، لم يتبقَ أي احتمال لإلغاء الاتفاق – محزن ولكنْ صحيح – في هذه المرحلة المتقدمة التي وصلت إليها المحادثات. فقد نجح الرئيس الايراني، حسن روحاني، ووزير خارجية الجمهورية الاسلامية، محمد ظريف، في دق اسفين بين الولايات المتحدة واسرائيل. الايرانيون، من خلال سياسة الابتسامات التي انتهجوها تجاه الغرب ومن خلال دهاء غير قليل وقدرة مساومة، سينجحون اغلب الظن في أن يبقوا في ايديهم القدرة على القرار في المستقبل لانتاج قنبلة نووية. في طهران يضحكون وفي القدس يتذمرون من الحلف الاستراتيجي الآخذ بالاختفاء. وهكذا، في خطابيه، سيتطلع نتنياهو الى أن يلصق بفظاظة حطام الجرة التي حطمها. وسيحاول مصالحة الرئيس الأميركي اوباما من خلال اقوال الشكر على كل الخير الذي اغدقه على اسرائيل، ولا سيما في كل ما يتعلق بامن مواطنيها، والى جانب ذلك سنسمع منه بالتأكيد غير قليل من التصريحات الخاطئة عن مسؤوليته عن منع كارثة ثانية.
من خلف الكواليس، بالمقابل، نجد أن مستوى الثقة بالنفس اقل ارتفاعا بعض الشيء. فالناطقون باسم «الليكود» ارسلوا، أول من امس، مرة اخرى الى استديوهات التلفاز كي يدافعوا عن رئيس الوزراء الذي سارع الى القاء الخطاب وان يصنفوا كـ»يسرويين» كل من يعرب عن معارضته للرحلة، بما في ذلك قائمة طويلة من الجنرالات، الطيارين، ورؤساء «الموساد» السابقين الذين امتلأت اجسادهم بالندوب من نار المعارك وعلى ألسنتهم الانتقاد لسلوك رئيس الوزراء. وحسب قوة ردود الفعل، يمكن فقط التخمين بأنهم في حزب رئيس الوزراء يخشون من أن هذه الرحلة ستؤدي به الى الانهيار في الانتخابات، وستذكر عمليا بأنها رحلته الاخيرة الى واشنطن في منصبه العالي.
في السطر الاخير، بالمقابل، الامور اكثر وضوحا، ورحلة نتنياهو الى العاصمة الأميركية وخطابه في الكونغرس سيكونان تجسيدا لاخفاقيه الكبيرين كرئيس للوزراء: تحول ايران الى دولة حافة نووية تحت مظلة الشرعية الدولية، وتدمير نسيج العلاقات المتفرعة والحرجة لامننا مع الادارة الأميركية. يكفي أن نقتبس ما قالته، أول من امس، ديان فاينستاين، التي تولت في الماضي منصب رئيسة لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ وساهمت مساهمة مهمة في أمن اسرائيل في المواضيع الاكثر أهمية: «نتنياهو لا يمثلني، فهو مغرور». والاستنتاج اللازم هو أن نتنياهو يصل الى واشنطن بقدر أقل بصفته رئيس وزراء يحرص على امن مواطنيه وبقدر اكبر بصفته محبا لاشعال الحرائق.
عن «يديعوت»