أمير قطر.. الضيف المرغوب فيه في البيت الأبيض

البيت الابيض
حجم الخط
في الاسبوع الماضي وصل الأمير القطري لزيارة الولايات المتحدة. تم استقباله باحترام فخم في البيت الابيض وفي مجلسي الشيوخ والنواب. قناة «الجزيرة» التي يمتلكها بثت تقارير تقول إنه أجرى محادثات مثمرة وودية مع مضيفيه، كما هي العادة بين الحلفاء الذين توجد بينهم علاقات صداقة وطيدة وقديمة.
يمكن الافتراض أن المضيفين الأميركيين امتنعا عن الطلب من الأمير القطري أن يدفع الديمقراطية في بلاده أو إدانته بسبب عدم اعطائه الحقوق لـ»مهاجري العمل»، الذين تصل نسبتهم الى 85 بالمئة من مجموع سكان الامارة البالغ عددهم مليوني نسمة، والذين تستقدمهم قطر من شبه الجزيرة الهندية من اجل ايجاد من يعمل في هذه الدولة ويقوي اقتصادها. في نهاية المطاف، الصراخ والتوبيخ بسبب غياب الديمقراطية تحتفظ به الادارة الأميركية لمصر عبد الفتاح السيسي، الحليفة القديمة والتقليدية لواشنطن التي تحارب اليوم الراديكالية الاسلامية التي تقف من ورائها قطر. واشنطن غير مستعدة لتغفر للسيسي إزاحة مرسي عن الحكم قبل سنتين، رجل «الاخوان المسلمين»، بهدف منع عملية أسلمة الدولة التي قادها.
لم يتم النبس ببنت شفة في المحادثات بين اوباما والأمير القطري عن دعم قطر لـ «حماس»، الحركة التي يرى فيها النظام الأميركي نفسه منظمة «ارهابية» شاركت في قتل مواطنين أميركيين يعيشون في اسرائيل. زعيم «حماس»، خالد مشعل، ما زال يجلس مطمئنا في الدوحة، عاصمة قطر التي تستمر في ضخ ملايين الدولارات لتمويل نشاطات «حماس» في القطاع. كما فضلت الادارة الأميركية تجاهل استخدام قطر لاموالها في تمويل المجموعات الاسلامية الراديكالية في سورية، التي خطفت منذ فترة الثورة السورية من أيدي المتمردين. فلماذا يتم جرح شعور ضيوف مرغوب فيهم اثناء زيارتهم؟.
يمكن فهم رغبة الادارة الأميركية في ارضاء الأمير القطري، ففي نهاية المطاف الامارة هي حليفة قديمة للولايات المتحدة وعلى اراضيها توجد قيادة القوات الأميركية في الخليج، التي نقلت اليها في حينه من العربية السعودية. الدعم القطري أمر حيوي من اجل استمرار السيطرة الأميركية في الخليج الفارسي، والى جانب ذلك لا يستطيع أحد تجاهل القوة الاقتصادية لقطر التي تكدست في خزينتها التريليونات التي تستثمرها ليس فقط في دعم الراديكالية الاسلامية بل ايضا في الصناعات الأميركية.
ومع ذلك فإن مصر واسرائيل ايضا هما حليفتان للولايات المتحدة لكنهما لا تحظيان بعلاقة متسامحة من ادارة اوباما. يبدو أن السر يكمن في حقيقة أن القطريين، وفي أعقابهم اردوغان في تركيا، تعلموا منذ فترة كيف يتصرفون إزاء واشنطن، فهم يتطاولون على ويخالفون الادارة الأميركية ويعملون مرة تلو اخرى خلاف ارادتها. ولشديد المفاجأة فإن هذا الامر يزيدهم احتراما فقط ويزيد قيمتهم في نظر الأميركيين. هكذا نجد أن قطر، التي تساعد التطرف الاسلامي في أرجاء العالم، وكذلك اردوغان الذي امتنع عن الانضمام الى النضال الذي تقوم به واشنطن ضد الدولة الاسلامية (داعش) في سورية والعراق، بذريعة أن واشنطن عليها أن تعرض أمامه رؤيتها الشاملة لمستقبل هذه الدول قبل انضمام تركيا الى السياسة الأميركية التي تدعم ولو بصورة غير مقصودة نظام بشار الاسد والوجود الايراني في سورية والعراق.
ايضا السيسي في مصر فهم الامر أخيرا. الدليل على ذلك الزيارة الرسمية التي قام بها قبل بضعة ايام الرئيس الروسي بوتين الى مصر. الضيف من موسكو استقبل بحماسة وبحرارة في القاهرة، في الوقت الذي توجد فيه العلاقات الروسية الأميركية في أشد ازمة عرفتها في السنوات الاخيرة. صحيح أن السيسي ما زال يحتاج الدعم الأميركي لكنه يريد اعطاء اشارات لاوباما بأن كل الخيارات مفتوحة، وأن استمرار تجاهله من قبل واشنطن من شأنه أن يدفعه الى الحضن الروسي. وقد فهم كما يبدو أنه فقط عندما يخالفون ارادة الادارة الأميركية ويتطاولون عليها، عندها فقط، ولشديد السخرية، يحظون باحترامها واهتمامها.
عن «إسرائيل اليوم»