ردًا على مقترح أمريكي حول "نبع السلام"

أردوغان: لا يمكننا الجلوس على طاولة واحدة مع تنظيم إرهابي

اردوغان
حجم الخط

أنقرة - وكالة خبر

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أنه لا يمكنه الجلوس على طاولة واحدة مع تنظيم إرهابي، وذلك ردًا على مقترح أمريكي بخصوص عملية "نبع السلام" والتي طالبت فيه بوقف إطلاق النار والوساطة من أجل التفاوض.

جاءت تصريحات أردوغان، على متن الطائرة عائدًا من أذربيجان، حيث كان يشارك بالقمة السابعة للمجلس التركي، مشيرًا إلى أنهم تباحثوا مع الولايات المتحدة وروسيا من أجل تنسيق التطورات الميدانية.

وقال: "بالأمس تحدثت مع ترامب، ومن قبله (الرئيس الفرنسي إيمانويل) ماكرون، وسأتحدث بوقت لاحق مع (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين".

وذكر أردوغان في تصريحاته أن مقترحاً أمريكياً يقول: "فلتوقفوا إطلاق النار، ولنقم نحن بدور الوساطة من أجل التفاوض"، وأضاف في رد على هذا المقترح: "نحن لا نجلس مع تنظيم إرهابي على نفس الطاولة". 

وأضاف: "قلت له (أي ترامب) إنه ليس من الصائب في علم السياسة وفي قوانين الحرب أن تقوم دولة مثل أمريكا بالتدخل في وساطة بين حليف لكم تركيا وبين تنظيم إرهابي (ب ي د/ي ب ك)".

وردًا على سؤال عن ما إذا كان هذا المقترح قد جاء من ترامب، قال أردوغان: "نعم. والآن لدينا مقترح لترامب، إذ طلبت منه إرسال لجنة. لأنه يقول أوقفوا إطلاق النار. ونحن لن نفعل ذلك مطلقا".

وأفاد بأن "وقف إطلاق النار لن يتحقق إلا عند تطهير المنطقة بأكملها من العناصر الإرهابية، لأننا نعتبر هذه المنطقة آمنة وسنعيد إليها من يرغب من اللاجئين الموجودين في أراضينا، وسنتكفل بالدعم اللوجيستي والحماية اللازمة لذلك".

وأوضح أردوغان، أن العملية تسير بنجاح كما هو مخطط لها، "ولقد تمكنت القوات من تطهير رأس العين من الإرهابيين في اليوم الرابع، وتل أبيض في اليوم الخامس، وقمنا بتأمين المنطقتين، ووصلنا إلى عمق 32 كم، وسيطرنا على طريق (M4) السريع شمال سوريا".

كما وشدد على أنهم في أشد الحرص على ألا يصاب المدنيون بسوء، وأن القوات المسلحة التركية تبذل كل ما بوسعها في هذا الصدد، مضيفا أن "الطرف المقابل يتسم بالوحشية، فلقد أطلق جهتنا ما يقرب من 700 قذيفة هاون وصاروخ، ما أسفر عن وفاة عدد من المدنيين، من بينهم طفل سوري يدعى محمد يبلغ من العمر 9 شهور فقط".

وتابع قائلاً: "فضلاً عن استشهاد 18 مدنياً و3 جنود، أحد هؤلاء الجنود استشهد في منبج صباح الثلاثاء، وذلك نتيجة القصف المدفعي الذي قامت به قوات النظام (السوري) على تلك المنطقة، لكننا في المقابل جعلناهم يدفعون الثمن غاليا".

واستطرد أردوغان: "نحن بكل تأكيد نتصرف بحساسية مفرطة بخصوص مسألة المدنيين، وهذا ما التزمنا به في عمليتي درع الفرات وغصن الزيتون. وعند النظر إلى الجانب الآخر نجد أن 4 آلاف مدني لقوا حتفهم في الرقة ودير الزور، وحوالي 9 آلاف أو 11 ألفًا بالموصل، لكن الغرب يغض الطرف عن تلك الأعداد، ولم يتحدث عنها مطلقًا".

وأضاف: "والآن يحاولون وضعنا تحت ضغط، أما نحن فنقول إن هذه العملية لا تستهدف سوى التنظيمات الإرهابية، والعملية مستمرة حتى تحقق أهدافها".

وجدد التأكيد على أن "هدف عملية نبع السلام واضح؛ وهو تطهير حدودنا من كافة العناصر الإرهابية، والتمكن من إعادة اللاجئين إلى منازلهم بشكل آمن، وهذا بالطبع وفق رغباتهم، وهذه العملية كما قلت مستمرة حتى تصل لأهدافها".

وشدد على أن "كل ما يقال من مزاعم بأن العملية ضد الأكراد، وتستهدف المدنيين، وستضعف التصدي لتنظيم داعش الإرهابي، وستتسبب في أزمة إنسانية، وعدم استقرار بالمنطقة، كلها أكاذيب مختلقة تهدف لحماية التنظيم الإرهابي (ب ي د/ي ب ك)".

ولفت إلى أن "هناك شيئا آخر مثيرا، بخصوص السجن الذي يقبع فيه عناصر داعش، إذ قال لي الرئيس (الأمريكي دونالد) ترامب: إذا تركنا لكم هذا السجن، هل ستتولونه؟ فقلت له في اتصال هاتفي: سنتباحث الأمر مع أصدقائنا، ولنخطُ هذه الخطوة معهم ونأخذ السجن تحت سيطرتنا".

وأضاف أردوغان: "وردًا على سؤال (من ترامب) عن ما سنقوم به بعد السيطرة على السجن، قلت له: سنرسل من يريدون العودة إلى بلدانهم إلى حيث أرادوا"، مضيفًا للصحفيين: "لكن كما تعلمون فإن تنظيم ب ي د الإرهابي قام أمس (الاثنين) بإطلاق سراح نزلاء السجن".

وأردف قائلاً: "لكن هذا الأمر لن يقلل من عزيمتنا، سنواصل العملية، فإرهابي واحد، مثل مئة ومثل ألف، لا شيء يتغير. فهم كالفيروسات، لكم أن تتخيلوا فيروسا كفيروس السرطان". 

في سياق متصل أوضح الرئيس أردوغان أن "تركيا تكافح تنظيم داعش بشجاعة، إذ تمكنا من تحييد 3 آلاف من عناصره في مدينة الباب وحدها. وتصدينا لهذا التنظيم الإرهابي فيما بعد سيستمر على هذا النحو من العزم دون تراخ".

ولفت إلى أن "الأجندة الخاصة بتنظيم (ب ي د/ي ب ك) واضحة ومعروفة للجميع، فحتى الأمس كان يتحرك مع الولايات المتحدة، والآن يبحث عن سبل للتفاهم مع النظام السوري. لذلك على الدول الأوروبية التي تقول إن هذا التنظيم حليف لها، أن تقف وتفكر".

وأضاف فيما يتعلق بالدول الغربية:" دعوني أسألكم سؤالا: من حليفكم؟ أتركيا أم (ب ي د/ي ب ك) أم تنظيم داعش؟  فهذا التنظيم (ب ي د/ي ب ك) هو الذي أطلق سراح عناصر داعش من السجن، ولم تنطقوا بكلمة واحدة".

وفي السياق ذاته أوضح أردوغان أن تنظيم (ب ي د/ي ب ك) خسر مواقع بسرعة، مضيفًا أنهم "يضغطون علينا لوقف العملية، فنراهم يعلنون عن عقوبات ضدنا، لكن هدفنا واضح، ولن تقلقنا أية عقوبات. فكما تعلمون هناك عقوبات أقرت بحق 3 وزراء أتراك، فضلا عن عقوبات تجارية، لكن المثير أنهم من ناحية أخرى يقومون بدعوتي لزيارة الولايات المتحدة يوم 13 نوفمبر".

وجدد تشديده على أن "هدفنا واضح وهو إخراج الإرهابيين إلى ما بعد 32 كم من الحدود، وتأمين هذا الخط من قبلنا بداية من نهر الفرات حتى الحدود العراقية. وكما قلت لترامب في الاتصال الهاتفي نحن لا نهدف لشن أي هجوم على عين العرب (كوباني) أو أي مكان آخر، ولا نستهدف الأكراد أو المدنيين، بل هدفنا منحهم الأمان".

وتابع قائلا: "وبهذا الخصوص أود لفت الانتباه إلى أمر متناقض، وهو أن الولايات المتحدة تنسحب من المنطقة، ولا ترغب في دخولنا إليها.. ولا شك أن نبع السلام سيكون لها إسهام كبير في عملية الحل السياسي بسوريا".

وعن نتائج عملية "نبع السلام" ذكر الرئيس التركي أن عدد الإرهابيين الذين تم تحييدهم حتى اليوم السابع بلغ 611 مسلحا، مضيفا أن "556 منهم قتلى، و26 جرحى، و29 استسلموا. فيما استشهد لدينا 20 مدنيًا و4 جنود، وأصيب 159 مدنيًا و47 من الجنود".

وتابع قائلاً: "وفي صفوف الجيش الوطني السوري استشهد 32 فردا، وأصيب 123 آخرون. وتم إطلاق 820 صاروخا وقذيفة مدفعية، وقمنا بتطهير مساحة تقدر بـ970 كم".

وعن دخول النظام السوري لمنبج قال الرئيس التركي: "هذا أمر ليس سلبيا للغاية بالنسبة لي، فهذه في النهاية أرضهم. لكن المهم بالنسبة لي ألا تبقى تنظيمات إرهابية هناك، وسبق أن قلت للرئيس بوتين: هل سيبقى تنظيم (ب ي د/ي ب ك) هنا أم لا؟ فإذا كنتم ستتولون تطهير منبج تفضلوا ووفروا كافة الدعم اللوجيستي أنتم أو النظام، وإن كنتم لن تفعلوا فالعشائر هنا طلبت مجيئنا؛ لأن 80% من منبج من العرب، وليس الأكراد. لكن حتى الآن لم يأتني رد من بوتين أو النظام".

وتابع: "أما بخصوص عين العرب (كوباني) فكانت مكانا أغلبيته من الأكراد. لكن بعد إمداد التنظيم الإرهابي هناك بالسلاح، لجأ 300 ألف كردي إلى أراضينا جاءوا من كوباني ليعيشوا في أراضينا، وهذا أمر يتجاهله الغرب ولا يتحدثون عنه، بل هم حريصون على إظهارنا وكأننا نشنق الأكراد، ونذبحهم، ونقتلهم، ولا يوجد شيء من هذا القبيل على الإطلاق".

وردًا على سؤال عن ما إذا كانت عين العرب من ضمن المنطقة الآمنة المخطط إقامتها أم لا، قال الرئيس أردوغان: "بالطبع من ضمنها لأن هذه المدينة لها أهمية استراتيجية، فمنها قاموا بضربنا من قبل".

وفي السياق ذاته، قلل الرئيس التركي من أهمية العقوبات الأمريكية الأخيرة بحق تركيا، وذكر أن بلاده "باتت الآن دولة قادرة على الاعتماد على نفسها، وتؤمن نحو 70% من كافة احتياجاتها المتعلقة بالصناعات الدفاعية. فالأسلحة التي نستخدمها في مواجهة الإرهاب داخليًا وخارجيًا نحن ننتجها".

وفيما يتعلق بتهديدات وزير الخارجية الألماني، هايكو ماس، بشأن وقف بيع السلاح لتركيا قال أردوغان: "هذا رجل لا يعرف حدوده، وتهديده هذا لا يخيفنا فهم الخاسرون وليس نحن. وهذا الوزير لا يعرف السياسة، لأنه لو كان يعرفها لما تحدث بهذا الشكل".