بقلم وسيم الخالدي

الانفكاك الاقتصادي الفلسطيني الإسرائيلي حوار وجدل

وسيم الخالدي
حجم الخط

غزة - وكالة خبر

تصاعدت الأزمة المالية الخانقة التي تعانق السلطة الوطنية الفلسطينية بعد إقتطاع الإحتلال الإسرائيلي جزء كبير من أموال المقاصة المفروضة بضريبة 3% على البضائع المستوردة من الخارج والتي كانت تشكل 190 مليون دولار شهريا والتي تشكل 67% من إيرادات السلطة الوطنية الفلسطينية السنوية والتي وصلت إلي 3.1 مليار دولار عام 2019 ولا سيما أيضاً من المشاكل التي أعجزت السلطة هو ايقاف الدعم الأمريكي الذي كان متواصل بشكل مستمر في إنشاء مشاريع البنية التحتية وبعض مشاريع البناء والتمويل المباشر للسلطة وللاجئين ولكن بسبب بعض السياسيات الإسرائيلية الفلسطينية وبسبب تجاهل الدور الإسرائيلي في المنطقة الفلسطينية تراجعت الولايات المتحدة الأمريكية عن الدعم المالي، وفي ظل الممارسات الإسرائيلية الممنهجة في خنق السلطة مما ترتب عليها خفض نسبة رواتب موظفين السلطة الفلسطينية بنسبة 46% حيث أشير المركز الإحصائي الفلسطيني إلي تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل إستمرار الأزمة المالية والتي تعود بالسلب على القطاع الحكومي حيث تبين في تقرير الجهاز المركزي الإحصائي الأخير عن تراجع في النمو الاقتصادي الفلسطيني إلى 0.9% بعد أن كان أكثر من 3 % في الأعوام السابقة. وهذا مؤشر خطير جداً .

تم الإتفاق مع دول عربية لسد العجز ومنها دولة السعودية والجزائر ودول غربية مثل اليابان وأستراليا ودول الإتحاد الأوروبي الذي ألزم بتغطية العجز لمعالجة هذه المشاكل، تقدم معالي دولة رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتيه بمذكرة للوصول بحل جذري للانفكاك الاقتصادي الفلسطيني عن إسرائيل وقد أشارت بعض الصحف الإسرائيلية بأن فلسطين ملزمة بالإتفاقيات والمعاهدات التي تم الإتفاق بها ومن ضمنها اتفاقية باريس الاقتصادية المنتهية الصلاحية ولكن لحتي الأن ما زال بعض الفلسطينيون ملتزمون بهذه الإتفاقية التي لا تصب في المصلحة الفلسطينية، شارك الدكتور محمد اشتيه بعد إبرازه للمرسوم الرئاسي ذهب الي وولة بلجيكا للمشاركة في المؤتمرات المنعقدة آنذاك وكان مخرجات هذه المؤتمرات هو الإنفكاك الاقتصادي الفعلي عن إسرائيل الأمر الذي جدد الحديث به الرئيس محمود عباس بتشكيل لجنة الانفكاك الاقتصادي عن الاحتلال في 27/10/2018 السؤال هنا؟ ما هي عواقب هذا القرار وما خطورته ومن هم أعضاء اللجنة المكلفون بها ولكن من وجهة نظري ربما الدكتور محمد اشتيه قد تسرع في اعطاء هذا القرار كان عليه أن يتحدث على الجوانب التي من الممكن الذهاب إلي الانفكاك الاقتصادي ربما قد تكون النظر جيداً إلي بنود اتفاقية باريس الاقتصادية والنظر اليها جيدا لأنها هي الورقة الوحيدة التي من الممكن اللعب فيها ..

تحدثت معاليك عن الانفكاك الاقتصادي ونحن في دولة محتلة ولا يوجد لدينا معابر ولا موانئ ولا علاقات تجارية حرة مع دول الجوار ولكن بإمكانك التدرج في هذا القرار وأقصد به الانفكاك شيئا فشيئا وليس بشكل نهائي لأن التبادل التجاري الفلسطيني الإسرائيلي مهم جداً في المنطقة وأنت تعلم جيدا العلاقات السياسية التي تلعب دوراً مهم ولا سيما وأنت تعلم جيدا بأن دولة فلسطين تعتمد على الإستيراد أكثر من التصدير ولا شك زيارتك وتعاونك مع دولة الأردن المجاور وجمهورية مصر العربية والحديث الذي كان يدور حول توسيع البقعة الاقتصادية ولتعزيز الاقتصاد القومي الفلسطيني وزبادة معدل الاستيراد والتصدير بين الاتجاهين وعلى افتراض أن الانفكاك سيتمثل في استيراد بعض المنتجات اللازمة كالطاقة والبترول قد لا تتوفر قدرة حقيقية لدى السلطة الفلسطينية أن تستورد مشتقات الطاقة من أية دولة لعدة أسباب منها الاحتلال الذي لن يسمح بذلك وكذلك عدم جهوزيتنا للاستيراد مثل هذه المواد لعدم توفر مختصين في تخزين هذه المواد والتعامل معها .وجربنا ذلك عندما ذهب الدكتور محمد اشتيه لزيارة رسمية الي دولة العراق للاتفاق على استيراد البترول ومشتقاته وجاء الرد من الاحتلال بالرفض.

كما قلت سابقا لابد النظر الي بروتوكول باريس الاقتصادي وتشكيل لجنة دولية تكون مطلعة على الورقة التي سنقوم بتعديلها وتكون أول دولة فرنسا بما أنها الأب لهذا الاتفاقية .

ولو فرضنا بأن الاحتلال سمح لنا بإدخال بعض المنتجات اللازمة والضرورية هل سيكون هناك اقبال شديد للفلسطينيين لهذه المنتجات أم سيلجئون للمنتج الاسرائيلي المضمون بأصول الجودة العالمية .

التطورات السياسية والاقتصادية خلال السنة الحالية أظهرت تلك الحقيقة بجلاء أكثر، وخاصة على ضوء الأزمة المتفاقمة للمالية العامة الفلسطينية منذ شهر مارس إثر تطبيق القانون الإسرائيلي باقتطاع جزء من الإيرادات الضريبية التجارية الفلسطينية التي تحول شهرياً (أموال المَقاصة)، وهو الجزء المساوي للمخصصات المالية الفلسطينية لأسر الأسرى التي يكفلها القانون الإنساني الدولي جاء ضعف قرار الانفكاك خلال عدم الوعى الكامل بالمنتج الفلسطيني وعدم اللجوء الي الارتقاء بالتنمية الاقتصادية مثل السياحة الفلسطينية لابد من العمل عليها واستعادتها بالشكل المطلوب وبناء أسس لتنمية هذه السياحة .

إن مقتضيات المرحلة السياسية الجديدة، إذا صدقت القرارات والتصريحات الرسمية الأخيرة، ستتطلب جهوداً غير مسبوقة للانفكاك الملموس عن قبضة الاحتلال الاقتصادي والسياسي التي تحول دون تقدم المشروع التحرري الوطني الفلسطيني. ولكن في سياق تم تنفيذ قرار الانفكاك هل سيستمر دعم الدول العربية ودول الاتحاد الأوروبي للسلطة أم ستنقطع ؟ وهل سيتم بهذه السهولة تعديل بنود اتفاق باريس التي شملت عناصر منها عزل القدس وفضل غزة عن الضفة الغربية والسيطرة على كافة المعابر الخارجية والسيطرة على الموارد الطبيعية .

ومن وجهة نظري هناك بعض الإجراءات التي يمكن الذهاب اليها للتخفيف من الانفكاك الاقتصادي من خلال ... الاستغناء التدريجي عن استعمال العملة الإسرائيلية واللجوء الإستيراد المباشر للبضائع مع الدول المجاورة وفرض حماية على المنتج الفلسطيني وتنشيط الوعي بين التجار والموردين بتعزيزهم للمنتج الفلسطيني ومعاقبة من يخالف ذلك . في نهاية المطاف أتنمى أن يتم الانفكاك بشكل كامل وكل الأماني تتجه إلي هذا القرار ولابد من تعزيز المنتج الفلسطيني في الأسواق .