يشهدُ قطاع غزة أجواءً توتيرية عقب استشهاد القائد في سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي بهاء أبو العطا "أبو سليم"، الذي اغتاله الاحتلال الإسرائيلي بقصف منزله صباح يوم الثلاثاء.
بدوره، قال المحلل السياسي هاني حبيب: إنّه "جملة من العوامل جعلت هذا التصعيد متزامنًا، أهمها يتعلق بالرشقات الأخيرة التي استحوذت على اهتمام الرأي العام الإسرائيلي على ضوء الحملة الانتخابية وتشكيل الحكومة الإسرائيلية ورغبة نتنياهو في استثمار هذا الوضع"، لافتاً إلى أنّ التصعيد يمنح الأخير فرصة لتعقيد الأمر أمام غريمه تكتل "أزرق أبيض" برئاسة غانتس بشأن تشكيل الحكومة.
من جانبه، أوضح المختص في الِشأن الإسرائيلي عليان الهندي، أنّ إسرائيل أرادت إيصال رسالة واضحة بأنّها عادت لسياسة الاغتيالات، حيث إنّ الشكل الذي تمت فيه طريقة الاغتيال تُشير إلى النهج القادم في التعامل مع قطاع غزّة، كون الضربات التي شنها الاحتلال اليوم مركزة، وأنّ قرار الاغتيال اُتخذ قبل نحو عشرة أيام وليس بالأمس.
ورأى حبيب خلال حديثه لوكالة "خبر"، أنّه من خلال التصعيد الراهن يتم ترجمة ما دعا له نتنياهو قبل عدة أيام بتشكيل حكومة طوارئ أمنية من خلال حكومة وطنية بدعوى مواجهة استحقاقات المرحلة القادمة سواء في الشمال أو الجنوب، وبالتالي فإنّ نتنياهو استثمر عملية اغتيال بهاء أبو العطا من أجل استحقاقات العملية المتعلقة بتشكيل الحكومة الإسرائيلية بالدرجة الأولى.
ولفت الهندي إلى أنّ الاستهداف وجهته "إسرائيل" لحركة الجهاد الإسلامي في غزّة وسوريا في ذات التوقيت، وبالتالي فإنّنا أمام حالة ونوع من الفصل ما بين الدولة السورية وحركة الجهاد من ناحية وما بين حركتي حماس والجهاد في قطاع غزّة من ناحية أخرى.
حرب ليست قصيرة
وأوضح حبيب أنّ حسب تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وكوخافي، فإنّنا نتجه نحو حربٍ ليست قصيرة أو واسعة في ذات الوقت، بمعنى أنّ إسرائيل ستُحاول قدر الإمكان توجيه رد موجع، ولكنّ بما لا يسمح بتدحرج الأمور إلى مواجهة شاملة.
أما الهندي فقد بيّن لوكالة "خبر" أنّ إسرائيل اتخذت قرار شنّ حرب على قطاع غزّة وتنتظر التوقيت المناسب للبدء، مُوضحاً أنّ عدة أمور تحول دون بدئها في الوقت الراهن، وأولها التخوف من عدم وجود من يتسلّم السلطة بعد تدميرها، وبالتالي هناك حرص على وجود حماس وسيطرتها على القطاع.
واعتقد حبيب أنّ الثلاثة حروب الأخيرة التي شنتها إسرائيل على غزّة أكّدت جملة من المعطيات، أولها أنّ الحديث عن جاهزية الفلسطينيين للحرب غير دقيق، وذلك على اعتبار أنّ الجاهزية غير مرتبطة بالجانبين الأمني والسياسي فحسب، بل إنّ أهمها وحدة الجبهة الداخلية وتوفير مقومات الصمود للشعب وإيجاد مناخات مناسبة للالتفاف حول المقاومة.
ونوّه الهندي إلى أنّ المانع الثاني لشنّ "إسرائيل" حرب موسعة، هو أنّ الدول المانحة أبلغتها بأنّها لن تُمول عملية إعمار قطاع غزّة في حال شنّت حرب جديدة على القطاع، وبالتالي فإنّها ستحصد المزيد من غضب المجتمع الدولي على الحروب التي تشنها.
الرد على الجرائم
وأكّد حبيب على أنّ عدم الدفع نحو حرب شاملة وموسعة مع الاحتلال الإسرائيلي، لا يعن عدم الرد على الاعتداءات الإسرائيلية، موضحاً في ذات الوقت أنّ الحديث عن إجراء الانتخابات الفلسطينية يُشكل خطراً كبيراً على مصالح الاحتلال، لأنّها تسعى لاستمرار حالة الانقسام الراهنة بين غزّة والضفة بشتى السبل.
أما المانع الثالث من وجهة نظر الهندي، هو أنّ الحرب على غزّة يُكلف "إسرائيل" ثمناً باهظاً، بالإضافة إلى إعادة قطاع غزّة للعب دور أكبر في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وأوضح حبيب لوكالة "خبر،" أنّ تصعيد الحرب وإيجاد فتنة في الوضع الداخلي الفلسطيني من خلال الاستفراد بالجهاد الإسلامي، سؤدي إلى تأخير أو إلغاء إجراء الانتخابات الفلسطينية.
كما اعتقد الهندي أنّ أهم دافع للحرب على قطاع غزّة هو تهديد الحياة اليومية لإسرائيل، وهذا الأمر دفعها للعودة لسياسة الاغتيالات بتصفية الشهيد بهاء أبو العطا.