جرائم الاحتلال ومستعمريه إلى متى؟!

حجم الخط

بقلم: فيصل أبو خضرا

 

عضو المجلس الوطني الفلسطيني

٣٤ شهيدا بينهم ١١ امرأة وطفل وأكثر من مائة جريح ودمار واسع كانت حصيلة العدوان الإسرائيلي الأخير الذي شنه لمدة يومين نتنياهو وحكومته المتطرفة على قطاع غزة. وقد دفنت الصواريخ الإسرائيلية عائلة بكامل افرادها تحت الأنقاض، بينما تتواصل جرائم المستعمرين ضد المدنيين وممتلكاتهم وحقولهم في الضفة الغربية.

ففي كل عام وفي موسم قطاف الزيتون تقوم قطعان المستعمرين بالهجوم على أشجار الزيتون المثمرة وتدميرها بشتى الوسائل الهمجية، رغم أنها شجرة مباركة بالنسبة لنا مسلمين ومسيحيين فهي مذكورة في القران الكريم وفِي الإنجيل.

وهذا العام وكما في الأعوام القليلة الماضية من حكم نتنياهو تم ذلك بحماية جيش الاحتلال، وكأن نتنياهو، المنتهية ولايته، يريد ان يودع كرسي رئاسة الوزارة بهدية مجرمة الى ابناء شعبنا في الضفة والقطاع والشتات، أو كأنه يتشبث بالكرسي من خلال اقناع المزيد من المتطرفين الإسرائيليين بأنه الوحيد القادر على تشكيل حكومة جديدة تبطش بالشعب الفلسطيني.

ان حكومة الاحتلال وبدعم لا محدود من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب وطاقمه الصهيوني، الداعم للاستعمار والمستعمرين، لا تكتفي بسرقة الاراضي وبناء المستعمرات، كما لا تكتفي بالاعتداء على الأماكن الاسلامية والمسيحية المقدسة، ولا بهدم البيوت، بل ان عدوانها المستمر يشمل قتل الأطفال والشباب والشابات و من جميع الاعمار، عدا عن حملات الدهم والاعتقال والعقوبات الجماعية، وهو ما يدعمه ترامب الذي داس على حقوق الإنسان وكل المبادىء والقيم والشعارات التي طالما تفاخرت بها أميركا .

الشعب الفلسطيني يعرف تماما السياسة الامريكية منذ عهد ترومان حتى يومنا هذا، ولكن مع الاسف فإن هذه الدولة العظمى، التي تدعي بانها راعية الديمقراطية في العالم، تدوس على دستورها ومبادئها والقواعد التي تأسست عليها وفي مقدمتها الاستقلال لجميع شعوب العالم والحريّة بدون اي تمييز عنصري وحق تقرير المصير، كما تدوس على القوانين والقرارات الدولية، ومن ثم ياتينا عديم الخبرة والفهم والأخلاق الإنسانية ترامب ليقول بانه يفضل حل الدولتين اذا وافقت عليه اسرائيل، ومن ثم يعين صهره اليهودي الاشكنازي كرئيس طاقم لتصفية القضية الفلسطينية ويعين سفيره لدى اسرائيل، اليهودي الصهيوني ديفيد فريدمان، بدون اي رادع اخلاقي دون ان يقول لإسرائيل كفى عربدة.

منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي الوحيد لشعبنا، تنازلت عن ٧٨ بالمائة من ارض فلسطين التاريخية من أجل تحقيق السلام وقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس وتجنيب المنطقة مزيدا من الحروب وسفك الدماء، وبعد هذا التنازل السخي تقوم امريكا بمحاولة تصفية القضية الفلسطينية ومنح الاحتلال ما لا تملك سواء القدس او الجولان وغيره من المواقف المنحازة بالمطلق للاحتلال.

وهنا نقول مجددا ان شعبنا يتطلع الى سلطته الوطنية لحماية وجوده وأرواح أبنائه ولحماية المزارعين وحقولهم وأشجارهم خاصة في المناطق القريبة من المستعمرات، فلا يجوز قانونيا او اخلاقيا السكوت عن هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال ومستعمروه بحق الانسان الفلسطيني والشجر والحجر بشكل متعمد.

كما تستطيع السلطة الوطنية الذهاب لمجلس الامن والقضاء الدولي لملاحقة هذا الاحتلال ومستعمريه، ولدينا من الوثائق والأشرطة والشهادات ما يكفي لإدانة الاحتلال ومستعمريه امام كل المحافل الدولية.

ويتطلع شعبنا الى الأخ الرئيس ابو مازن والأخ رئيس الوزراء الدكتور محمد اشتية اللذين يتحركان ويعملان ليلا نهاراً لخدمة ابناء شعبنا وقضيتنا الوطنية ليجدا الحلول اللازمة لإيقاف هذه العربدات الاجرامية من قبل المستعمرين ولإيقاف اعتداءات هذا الاحتلال .

وها هي اسرائيل تعلن بوقاحة انتهاج سياسة اغتيال القيادات الفلسطينية سواء في الأراضي الفلسطينية او الخارج، وبدون اي رادع عالمي، ووسط صمت دولي مريب، وبعض البيانات العربية الخجولة التي أدانت الاحتلال، ومع الاسف مازال الانقسام قائما والوحدة بعيدة المنال وإسرائيل تسعى لتعميق الانقسام ودب الفرقة بين القوى الفلسطينية وهو ما يشير اليه ترحيبها بعدم مشاركة حماس في المواجهة الأخيرة وعدم قيام اسرائيل بضرب اي اهداف لحماس. ألا يجب ان يشكل ذلك ناقوس خطر وحافزا لحماس كي تغادر مربع الانقسام وتنضوي تحت لواء الوحدة الوطنية؟

وواضح للسلطة الوطنية الشرعية ولحماس ولكل القوى الفلسطينية ولشعبنا بأسره ان لا وجود لشيء أسمه صفقة القرن، بل ان هناك محاولات اميركية اسرائيلية تستهدف الكل الوطني وتستهدف تصفية قضيتنا العادلة.

ومرة أخرى نقول اننا يجب ان نعتمد على انفسنا اولا فنضالنا وصوتنا الواحد وصمود شعبنا العظيم هي الشروط الأساسية كي يسمعنا هذا العالم وكي نحقق أهدافنا، مع شكرنا لكل من دعمنا ماليا او سياسيا، اما الانتظار بان يأتينا الفرج من الخارج فهو رهان على سراب، كما ان استعادة وحدتنا لا يمكن ان تتم الا عبر قرار ذاتي تتخذه حماس وفتح وكل الفصائل بعيدا عن التدخلات الإقليمية او الخارجية عموما، وعلى قادة كل القوى والفصائل تغليب ما هو لمصلحة شعبنا وقضيته ولا يعقل ان تتواصل جرائم هذا الاحتلال ومستعمريه فيما نواصل مهاترات الانقسام والاتهامات المتبادلة، وعلى الكل الوطني قيادات وكوادر وعناصر ان تجيب على السوأل الذي يطرحه كل فلسطيني: إلى متى ستستمر جرائم هذا الاحتلال ومستعمريه؟ وإلى متى سنبقى في دوامة هذا الانقسام المأساوي الذي يحرفنا عن التحديات الحقيقية الماثلة أمامنا؟ والله المستعان