نتنياهو سيدخل التاريخ كمحطّم لسلطة القانون!

حجم الخط

بقلم: عوزي برعام


في مقال نشره مؤخرا الكاتب المعروف، مئير شليف، كتب أن بنيامين نتنياهو «لن يتم تذكره بأي صورة.. الأشخاص يجب عليهم فعل أمر كبير حقا، سواء أكان جيدا أم سيئا، كي يحصلوا على مكانة في التاريخ».
أشار شليف الى أن نتنياهو لم يحقق حلاً للنزاع مع الفلسطينيين. وساهم في عدم المساواة الاقتصادية والاجتماعية في إسرائيل، ولم يخترع أي شيء.
ولكن التاريخ ليس خطا مستقيما يصل بين الأعمال الخارقة. النظرة التاريخية تفحص ما حدث بين المرحلة التي دخل فيها الزعيم إلى منصبه وبين النقطة التي غادر فيها هذا المنصب.
لقد كان موسوليني وفرانكو ديكتاتوريين بارزين حاربا المعارضين لهما بكل السبل. وكانا من أتباع مدرسة فاشية – شمولية، وحصلا على دعم شعبي كبير.
موسوليني، الذي جلب لنفسه نهايته المريرة، لم يبق حرفا منسيا في تاريخ إيطاليا. وفرانكو، الذي كان طاغية، لكنه عرف كيفية الامتناع عن التورط في الحروب، لم يختف من تاريخ إسبانيا.
وبدون المقارنة، نتنياهو أيضا سيتم تذكره كزعيم وقف سنوات طويلة على رأس الحكومة. الكثيرون سينسبون له إنجازات اقتصادية وأمنية. ولكن هذا ليس ما سيتذكرونه لنتنياهو، بل الجراح التي نثرها على طريق إسرائيل.
نتنياهو جعل النزاع مع الفلسطينيين أعمق، وأوقف الشعبين على شفا كارثة محتملة. بتأييد مجموعة مسيحانية ومؤمنين بالحكم بالقوة، نسير نحو مواجهة لا مناص منها. نتنياهو حول سياسة إسرائيل الى صناعة كذب «مشروعة». هو يكذب، ومساعدون له ووزراؤه يكذبون ايضا. هو يفعل ذلك بصورة جيدة جدا، حيث إن الحقيقة تعتبر كذبا بالنسبة لأجزاء من الجمهور.
نتنياهو حرض بشكل متعمد مجموعات مختلفة من الجمهور الواحدة ضد الاخرى. هكذا كان مثلا في قضية اليئور ازاريا التي اختار فيها احتضان الابن الذي تم تقديمه للمحاكمة، وأدار ظهره لرئيس الأركان الذي يحافظ على القانون.
نجح نتنياهو في أن يخرج من القاموس مصطلحات مثل «احتلال» و»فلسطينيين» و»دولتين». وحول مصطلحات مثل «يساري» و»عربي إسرائيلي» الى شتيمة. هكذا بالضبط تعاملت دول فاشية مع مصطلحات مثل «يهودي» و»شيوعي».
نتنياهو اعطى افضلية للانجازات الفردية على التضامن الاجتماعي، القيمة التي وقفت في اساس الدولة. لقد أورث للإسرائيليين الرؤية الامنية الأميركية للرأسمالية.
نتنياهو أزال الخجل من حياتنا العامة. ذات يوم وعندما كان الخجل سائدا، كان هناك أشخاص عامون فضلوا إنهاء حياتهم عند اتهامهم بمخالفات جنائية. والآن السياسيون الذين تقدم ضدهم لوائح اتهام يحظون بالترقية.
نتنياهو هو رئيس الحكومة الاول الذي تحدى بشكل علني سلطة القانون وجهاز تنفيذ القانون. وقوفه وراء المظاهرات، الاسبوع الماضي، ضد جهاز القضاء والإعلام والطلب من أتباعه المشاركة فيها، كانت أكثر من دعم التصريحات المرفوضة على صيغة «افيحاي مندلبليت وشاي نيتسان هما رأس الافعى». المظاهرة كانت علامة تاريخية في الطريق، بالضبط مثلما لم يتم نسيان المظاهرات ضد التعويضات الألمانية والمظاهرات في ميدان صهيون.
بنيامين نتنياهو سيدخل الى كتب التاريخ، حتى لو بسبب طلبه من مؤيديه تحطيم سلطة القانون، وحتى لو ظهرت الى جانب اسمه نجمة غير محترمة.

عن «هآرتس»