بقلم: أليكس فيشمان
يتحدث رئيس الأركان، أفيف كوخافي، عن العام 2020 كعام يوجد فيه احتمال عال لحرب مع إيران وفروعها على الحدود الشمالية. كما أن العام 2019 وصف في الجيش كعام يوجد مع احتمال عالٍ للحرب، ولكن في غزة. أما حاليا، فهذا لم يحصل. العكس هو الصحيح. توجد احتمالية عالية بالذات لتهدئة في إطار تسوية، مهما كانت مليئة بالثقوب.
هذا هو دور رئيس الأركان: أن يرى نصف الكأس الفارغة وأن يحدد للجيش أهدافا للجاهزية. فمنذ حرب «يوم الغفران» يتخذ الجيش جانب الحذر في الاعتماد على تحليل نوايا العدو، إذ إن تحليلات من هذا النوع أفشلت إسرائيل، المرة تلو الأخرى. كوخافي، كأسلافه، يؤمن بما تراه العينان الحادتان والأذنان الحساستان للاستخبارات. فإذا كان العدو مثلاً طوّر ونصب أسلحة تعرض للخطر الاستقرار الإقليمي، ينبغي أن تعطى لذلك الأجوبة العسكرية، وتحذير الجمهور من الآثار على الجبهة الداخلية. أي أن المواجهة العسكرية، سواء أكانت جزئية أم كاملة، تحوم فوق رؤوسنا في الأشهر القريبة القادمة. هذا بالضبط ما فعله كوخافي، الأسبوع الماضي، في الخطاب المقلق الذي ألقاه. الأزمة موضع الحديث ترتبط أساسا بأزمة النووي الإيراني وبقدر اقل بسورية نفسها.
غير انه أمام نصف الكأس العسكرية الفارغة، توجد أيضا نصف كأس مليئة تأخذ بالحسبان التغييرات السياسية السريعة الجارية حولنا، والتي يمكنها أن تغير الوضع من الأقصى الى الأقصى، وتلطف حدة البشائر القاسية. العام 2020 سيكون العام الذي يفترض فيه بالنظام السوري أن يقمع بقايا الثورة في شمال الدولة ويعد سورية، كدولة، لعصر إعادة البناء. من المواضيع توجد على جدول الأعمال السوري: تعزيز نظام الأسد تجاه الداخل، وخروج من العزلة الدولية، وأساسا من العزلة الاقتصادية. سورية بحاجة، وفقا لتقديرات الأمم المتحدة، إلى ما لا يقل عن 400 مليار دولار لترميم البنى التحتية. لن تأتي هذه المبالغ المالية من دولة واحدة، بل من تحالف من الدول يمكنها أن تساعد في البناء المادي لسورية. منذ اندلاع الحرب الأهلية في العام 2011 دعمت إيران سورية بمبالغ بنحو 8 مليارات دولار في السنة. اليوم، في عصر العقوبات الاقتصادية، ليس لديها القدرة على المساعدة في مثل هذه المبالغ. الروس أيضا – الجهة المسيطرة في سورية – مقيدون جدا اقتصادياً. النفط السوري في أيدي الأكراد، الأسواق اللبنانية التي استوعبت في حينه بضائع سورية في حالة إفلاس، الحدود المؤدية من سورية الى السوق التركية مغلقة. سورية مخنوقة، وتهديد العقوبات الأميركية على النظام السوري تقف على الأبواب.
لدى السوريين تحدٍ «صغير جدا» آخر: أن ينزلوا إسرائيل عن ظهرهم. طالما يوجد تواجد إيراني على الأرض السورية ثمة احتمال أن تهاجم إسرائيل. الضرر على النظام السوري هائل، إذ انه لن تكون أي دولة مستعدة لأن تستثمر الأموال في دولة يمكن أن تندلع فيها في كل لحظة حرب بين إسرائيل وإيران. من الواضح للأسد وخبرائه انه في كل خطة ترميم حقيقية لسورية ستكون إيران عنصرا معرقلا. لقد حدث تعمق التواجد الإيراني في سورية عندما وقفت إيران في الزمن الصحيح الى جانب الأسد. في تلك الأيام، التي تفكك فيها الجيش السوري، كانت إيران هناك: مع خبراء، السلاح، الميليشيات، وبالطبع مع «حزب الله» الذي ملأ صفوف الجيش السوري المتناقصة.
أنهت إيران، عمليا، دورها في حفظ نظام الأسد. والآن ستقاتل كي تحفظ مكانها داخل سورية. بقدر ما تحاول إيران خوض منافسة عنيفة مع الروس على الهيمنة في سورية، أو تعرقل محاولة النظام السوري كسر العزلة الدولية، هكذا يهبط نفوذها في سورية، وعلى أي حال يهبط أيضا مستوى تهديدها على إسرائيل من الأراضي السورية. حتى لو سقط صاروخ إيراني في تل أبيب في 2020 فستكون هذه عملية «إرهاب» معناها، من ناحية إسرائيل، ضرر معنوي، ولكن لن يكون فيها ما يغير الصورة الاستراتيجية الإقليمية التي تفقد فيها إيران من أهميتها كلاعب مركزي في سورية المرممة.
عن «يديعوت»