ثلاثة أشهر، فترة كافية لإعداد جيد لعقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني القادمة، وهي فرصة حقيقية لتقييم كافة زوايا الأوضاع الفلسطينية بهدف استكشاف الأخطاء الأمر الذي لا بد منه لتقويم الوضع الفلسطيني الراهن، ثلاثة أشهر من المفترض أن تستغل استغلالاً حثيثاً في كافة أطر ومؤسسات وفصائل وأحزاب المجتمع الفلسطيني، وهو ما يؤدي في هذه الحال، إلى وضع جدول أعمال متفقٍ عليه لأعمال هذه الدورة.
وكان من الواضح أن أحد الأسباب المباشرة لتأجيل عقد هذه الدورة ثلاثة أشهر، يعود إلى التوصل إلى توافقات فلسطينية حول العديد من المسائل المختلف عليها، ومعظمها يأتي تحت عنوان تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية وإعادة هيكلة مؤسساتها لتضم كافة أطياف المجتمع الفلسطيني، وفي هذا السياق، هناك توافق أولي، بأن دعوة «الإطار القيادي» والذي يضم كافة فصائل العمل الوطني والإسلامي، والذي تأسس في الأصل بهدف تفعيل منظمة التحرير، هذا الإطار من الممكن، لو خلصت النوايا، ان يشكل بحد ذاته اللجنة التحضيرية لأعمال هذه الدورة، وخاصة فيما يتعلق بأجندتها، وإذا كانت هناك حساسية من طرف أو أكثر حول المسمى «الإطار القيادي» فمن الممكن وربما من المفيد أن يتم اختيار اللجنة التحضيرية بتوافق من الإطار القيادي هذا، وهو الأمر المحوري والأولي الذي لا بد منه لإيجاد المناخ المتوافق عليه لعقد دورة المجلس الوطني، كان جدول أعمال أي دورة سابقة، محل خلاف، لكن كان التوافق في نهاية الأمر يحسم هذا الخلاف بتنازلات متبادلة.
وعادة، ما تغلف المسائل والمطالب المتعلقة «بالحصص» في هياكل منظمة التحرير، المجلس الوطني والمجلس المركزي واللجنة التنفيذية، بأبعاد سياسية، لذلك، فإن التوافق على المشروع السياسي وخطة التحرك الوطني على كافة الأصعدة، يعتبر أمراً لا بد منه، ويشكل خطوة أساسية لمثل هذا التوافق، وفي هذا السياق، ومرة أخرى إذا ما خلصت النوايا، فإن أمر التوصل إلى مثل هذا التوافق من المفترض ألا يكون صعباً، إذ إننا لا نبدأ من الصفر، فهناك وثيقة التوافق الوطني ـ وثيقة الأسرى ـ التي توافقت كافة القوى الفلسطينية على مضمونها، وشكلت قاسماً مشتركاً للخطوط العريضة للتوجهات السياسية الفلسطينية، ويمكن اعتماد هذه الوثيقة المتفق عليها، لكي تشكل الإطار السياسي للتحرك الفلسطيني.
وفي هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى أن سبع سنوات تفصلنا عن إعداد الأسرى الفلسطينيين لهذه الوثيقة التاريخية، جرت في أنهارها مياه كثيرة ومتغيرات عديدة يجب أن تؤخذ بالحسبان، وهذا يتطلب توافقات لتعديل أو إضافة بعض البنود التي تجددها بالأخذ بالاعتبار هذه المستجدات والتداعيات التي لا يمكن تجاهلها بالنظر إلى ارتباطها بالأبعاد الإقليمية والدولية، وحتى الفلسطينية الداخلية، وهو أمر سيكون أكثر سهولة، ولو تم التوافق مبدئياً على أن تشكل وثيقة التوافق الوطني أساساً لرسم المشروع السياسي الفلسطيني المقدم إلى المجلس الوطني في دورته القادمة.
ومن المتوقع أن مسألة المحاصصة، ستظل هي المسألة الشائكة الأكثر حساسية، ونعتقد أنه من الصعوبة بمكان التوافق بشأنها، فكل تنظيم له حساباته وأساسيات واعتبارات لفهم حصته، هناك فصائل أكثر تأثيراً، وهناك فصائل لم يعد لها تأثير، وهناك أخرى ما بين الفريقين، البعض يرى أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة، تشير بوضوح إلى حصة كل فصيل في المجتمع الفلسطيني، لكن المجتمع الفلسطيني ليس قطاع غزة والضفة الغربية، خاصة أن منظمة التحرير الفلسطينية هي دولة كل الفلسطينيين أينما كانوا، وهناك من يرى أن الأبعاد التاريخية لفصائل فلسطينية لعبت دوراً مؤثراً في النضال الوطني، يجب أن تؤخذ بالاعتبار لدى الحديث عن حصتها، بتجربتها وتاريخها النضالي.
كما أن مشكلة «حصة المستقلين» ستكون على رأس الحديث عن الحصص، باعتبار أن المستقلين، ليسوا مستقلين تماماً، خاصة عندما تختارهم أو ترشحهم القوى السياسية، وتعبير «المستقلون» في واقع الأمر، عكس في السابق إمكانية زيادة الحصة الفصائلية من خلال الخداع والتمويه، لكن ذلك ليس بمشكلة إذا ما اتفق الجميع على وضع معايير لفهم هذا المصطلح.
في حين ان حصة الاتحادات الشعبية والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، ستبقى مشكلة إضافية إذا عرفنا أن معظم هذه الهيئات، لم تعقد مؤتمراتها منذ سنوات طويلة، الأمر الذي يبقي على قادتها «التاريخيين» هم الأوفر حظاً في البقاء في مراكزهم في المجلس الوطني.
وحل المسائل الخلافية الأخيرة المشار إليها، بإعادة توزيع الحصص على أسس مختلفة عما كان الأمر عليه في السابق!!