اليمين واليسار يعارضان «صفقة القرن» ..

حجم الخط

بقلم: يوسي بيلين



بشكل عام، عندما تعرب محافل من على جانبي الطيف السياسي معارضتها لخطوة ما يعمد صاحب الخطوة إلى القول: إن هذا دليل على عدالة موقفه. أما في حالة صفقة القرن، التي أطلقها ترامب للشرق الأوسط، فهذا دليل واضح على خطأ الرئيس الأميركي.
تستخدم الخطة اصطلاحات ظهرت في الاقتراحات الإسرائيلية وفي التفاهمات غير الرسمية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في ربع القرن الأخير، في ظل تفريغها من محتواها. فهكذا مثلاً أصبحت «الدولة الفلسطينية» حكماً ذاتياً محدوداً، جملة جيوب يرتبط الواحد بالآخر بروابط المواصلات، ويفترض بالطرفين أن يتبادلا الأراضي. ولكن تلك التي يفترض بإسرائيل أن تنقلها إلى الدولة الفلسطينية من سيادتها أصغر بكثير من تلك التي ستضمها داخل الضفة: يفترض بسجناء فلسطينيين بالفعل أن يتحرروا مع حلول السلام، ولكن لن يكون بينهم من قتل أو من حاول القتل، وحتى الباقون سيتحررون وفقاً للاعتبارات الأمنية لإسرائيل، ويفترض بالعاصمة الفلسطينية أن تكون في القدس الشرقية، وبالفعل يدور الحديث عن أرض ضمتها إسرائيل في العام 1967، وهي جزء من الأرض البلدية للقدس، ولكن منذ بني السور الأمني وهي توجد خلف السور. وأخيراً سيوجد الحل لمشكلة اللاجئين في الدولة الفلسطينية، ولن يستوعب أي منهم في إسرائيل، ولكن حتى في الدولة الفلسطينية ستقرر إسرائيل عددهم.
يجد اليمين صعوبة كبيرة في أن يسلم بحقيقة أن مبادئ معسكر السلام في إسرائيل تبنتها الإدارة الأميركية، التي يعتبرونها متعاطفة للغاية مع إسرائيل، ويرفض معسكر السلام الخطة، لأن كل هذه المبادئ أفرغت من محتواها. ولكن يخيل لي أن القاسم المشترك ينبع أيضاً من التوافق حول بضع نقاط جوهرية حيوية للمصلحة القومية الإسرائيلية.
عندما بادرتُ في العام 2001 لفكرة الاستعانة بمفاوضين سابقين – إسرائيليين وفلسطينيين من تيارات أيديولوجية مختلفة كي نعد مخططاً مفصلاً لاتفاق سلام، توجهت إلى أمنون ليبكين- شاحاك وعرضت عليه الانضمام إلينا. استقبلني في بيته، وقال لي على الفور: إنه سيسره ذلك ولكن ليس من دون شروط. إذا ما أصررنا على إدراج «أرئيل» في الأرض السيادية الإسرائيلية، قال، فلن يكون جزءاً منا. فكرجل عسكري يعتقد أن مثل هذه الخطوة ستكون عديمة المسؤولية، لأن هذه ستكون جيباً في قلب الدولة الفلسطينية وهي بمثابة بالون مع خيط رفيع إلى إسرائيل، لا يوجد سبيل ناجع للدفاع عنه. وقُبل مطلب أمنون بعد جدال في المجموعة الإسرائيلية، فانضم إلينا. أما خطة ترامب فتقترح 16 جيباً كهذا.
الجانب الأمني الآخر هو طول الحدود. صديقاي دان روتم ود. شاؤول أرئيلي حسبا فوجدا أنه بدلاً من حدود 1967، التي طولها 311 كيلومتراً تعرض خطة ترامب حدوداً من نحو 1.400 كيلومتر!. فالصعوبة في الدفاع عن حدود طويلة كهذه جمة، ويحتمل أن الجيش الإسرائيلي، في إطاره الحالي، سيجد صعوبة كبيرة في القيام بهذه المهمة.
وأخيرا – الديموغرافيا: تقترح خطة ترامب أن يتمكن عرب القدس من أن ينالوا المواطنة الإسرائيلية. نظرياً الأمر صحيح اليوم أيضاً، ولكن منذ سنين طويلة وهذا الحق يعطى لهم بتقنين. أما حسب الخطة، فقد يصبح نحو 350 ألف شخص (على الأقل نحو 200 ألف منهم ممن لا يسكنون خلف الجدار الأمني) مواطنين إسرائيليين. وإليهم ينبغي أن يضاف كل السكان الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة ج والتي ستضم إلى إسرائيل وفقاً للخطة، وهكذا تتحول إسرائيل إلى دولة ذات أغلبية عربية، ويتبدد الحلم الصهيوني.
لا... اليمين الصهيوني واليسار الصهيوني لا يعارضان الخطة فقط لأسباب متعارضة. لديهم أسباب مشتركة لمعارضة الخطة التي تعرض كمخطط لإسرائيل، وفي الواقع من شأنها أن تعرض وجودها كدولة يهودية وديمقراطية للخطر.

عن «إسرائيل اليوم»