لم يقف وزير جيش الاحتلال "الإسرائيلي" نفتالي بينت عند قرار ضم مناطق "ج" التي تُشكل 61% من مساحة الضفة الغربية المحتلة والذي صادق عليه في يناير من العام الجاري، بل أتبعه أمس بقرار يمنع البناء الفلسطيني في المناطق المتاخمة أو المطلة على المستوطنات في الضفة والمصنفة "ب" حسب اتفاقية أوسلو؛ بما يؤشر إلى بدء تنفيذ ما تُسمى رؤية "ترمب - نتنياهو" على أرض الواقع.
إعادة احتلال الضفة
مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس، اعتبر القرار إعادة احتلال وسرقة للأراضي الخاصة والحكومية في الضفة الغربية المحتلة.
وحذّر دغلس خلال حديثٍ خاص بوكالة "خبر" من خطورة القرار، مُضيفاً: "الاحتلال بمنعه البناء في مناطق "ب"، قفزَ بغطرسته حتى على ما جاء في ما تُسمى صفقة القرن المرفوضة فلسطينياً، والمجحفة بتخطيها قرارات القانون الدولي".
وأكّد على أنّ الاحتلال قطع الطريق أمام حل الدولتين بالكامل؛ ببنائه أيضًا فوق أراضي مطار قلنديا شمالي القدس، المعد ليكون مطاراً للدولة الفلسطينية المستقبلية.
وذكرت القناة الـ 7 العبرية أنّ بينيت أوعز لـ "المستشار القضائي" لوزارته بإصدار أمر بمنع عمليات البناء الفلسطينية في المناطق القريبة من مستوطنات "شيلو" و"عيلي" جنوب مدينة نابلس والواقعة ضمن مناطق "B" والخاضعة إداريًا ومدنيًا للسلطة الفلسطينية.
وبرر بينت القرار بأنّ البناء الفلسطيني "يُهدد الأمن" في تلك المستوطنات، فيما يأتي القرار استجابةً لمطالب المستوطنين بمنع البناء المطل أو القريب منها على تلال وجبال الضفة الغربية. في حين رحب المستوطنون بالقرار قائلين: "إنّه يعتبر سابقة حيث اقتصر منع البناء سابقًا على المناطق المصنفة C والخاضعة إداريًا وعسكريًا للاحتلال".
وطالب المستوطنون بإلغاء التصنيفات التي نصت عليها اتفاقية أوسلو (A.B.C) ومنع أي بناء فلسطيني قريب من المستوطنات ومصالحها الحيوية كالطرق وغيرها.
نسف للاتفاقيات الموقعة
بدوره، رأى مدير عام العمل الشعبي ودعم الصمود في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، عبد الله أبو رحمة، أنّ قرار منع البناء في مناطق "ب"، بمثابة نسف لجميع الاتفاقيات الموقعة مع الاحتلال لأنّه يُعيد الوضع في الضفة الغربية المحتلة إلى ما كانت عليه قبل توقيع اتفاقية أوسلو عام 1993.
وأضاف أبو رحمة خلال حديثه لـ"خبر": "هكذا كان الوضع قبل توقيع اتفاقية "أوسلو"، بتدخل الاحتلال في جميع مناحي الحياة بالهدم ومنع إعطاء تراخيص البناء".
وبالحديث عن خطوات إفشال قرار الاحتلال، دعا أبو رحمة المواطنين إلى عدم التجاوب مع سياسيات الاحتلال، ومواصلة البناء في الأراضي الفلسطينية دون أخذ تصاريح من الاحتلال.
وتابع: "علينا مواصلة البناء والانتشار في مناطق "ج" أيضًا المهددة بالضم، بالإضافة لإعادة البناء في المنشآت التي هدمها الاحتلال للتصدي لقراراته".
وشدّد أبو رحمة على تكاملية الأدوار في مواجهه قرار الاحتلال سواءً على الصعيد السياسي أو الشعبي فيما يتعلق بممارسة دورنا على الأرض وتفعيل المقاومة الشعبية.
حرمان السكان من التوسع
وفيما يتعلق بتداعيات القرار على السكان في مناطق "ب"، قال الباحث في شؤون الاستيطان خالد منصور: "إنّ تداعياته ستكون خطيرة؛ لأنّ القرار سيحرم سكان القرى من توسيع مخططاتهم الهيكلية للبناء، وذلك لأنّ المناطق "ب" لا تُشكل إلا نسبة بسيطة ومحاطة بمناطق "ج"، وبالتالي مناطق "ب" مفروض عليها الحصار.
كما حذّر منصور من أنّ قرار الاحتلال لن يقف عند منع البناء في مناطق "ب"، وإنما سيتدرج في الأيام المقبلة لمنع المزارعين من الانتفاع بأراضيهم، مُردفًا: "بالتالي القرار سيُلحق الضرر بآلاف الفلسطينيين وسيضيق الخناق عليهم".
وتُقسم الضفة الغربية وبلدات في شرق القدس حسب اتفاق أوسلو المرحلي الموقع بين الاحتلال "الإسرائيلي" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 إلى 3 مناطق.
الأولى "أ" وتخضع لسيطرة فلسطينية كاملة، والثانية "ب" وتخضع لسيطرة أمنية "إسرائيلية" وإدارية فلسطينية، والثالثة "ج" وتخضع لسيطرة أمنية وإدارية "إسرائيلية".
وفيما لا تُقرر "إسرائيل" في سياسة البناء بالمدن والقرى الفلسطينية في مناطق (أ) و(ب)، الخاضعتين للسيطرة المدنية الفلسطينية، فإنّ دولة الاحتلال تعتبر أنّ سياسة البناء هي ضمن صلاحياتها في المنطقة (ج).
كما ترفض سلطات الاحتلال منح تصاريح بناء للفلسطينيين في المنطقة (ج)، لكنّها تنفذ أعمال بناء مكثفة جدًا في المستوطنات، وتمنح تصاريح بناء لمبانِ في المستوطنات تم بناؤها بدون تصاريح.
يُذكر أنّ المجتمع الدولي يعتبر المناطق (ج) جزء من أراضي الضفة الغربية المحتلة، والدولة الفلسطينية المستقبلية.