على إسرائيل أن تغيّر المعادلة في غزة بعد الانتخابات

حجم الخط

بقلم: يوآف ليمور


كان التقدير (الحذر)، أول من أمس، هو أن الجولة القتالية باتت خلفنا. فقد نقل «الجهاد الإسلامي» لإسرائيل رسائل علنية وسرية بأنه أنهى رده العسكري، وأوضحت إسرائيل منذ البداية أنها متمسكة، الآن، أيضا بسياسة الهدوء يُقابل بالهدوء.
وكان من وقف خلف الجهود لوقف القتال في الجنوب هم بالأساس الوسطاء المصريون ورجال الأمم المتحدة، وكذلك المبعوث القطري إلى القطاع.
«حماس» هي الأخرى أوضحت أنها غير معنية بمواصلة التصعيد، ولكنها في اليومين الأخيرين أدارت سياسة مركبة: من جهة امتنعت عن الانضمام إلى القتال كي لا تفتح جبهة مباشرة مع إسرائيل، ولكنها إلى جانب ذلك امتنعت أيضا عن منع «الجهاد الإسلامي» من العمل.
خلق هذا معضلة في إسرائيل حول ما العمل مع «حماس». لإسرائيل أيضا لم تكن أي مصلحة في إدخال المنظمة الكبيرة والقوية في القطاع إلى دائرة القتال، ولكن امتناعها عن العمل ضدها تجاوز السياسة الثابتة للمس بالجهة الحاكمة في هذه الجبهة كي يفرض إمرته على المنظمات الأصغر ويؤدي إلى الهدوء.
في نهاية المطاف، انتصرت النزعة العملية؛ فكونه ليس لأحد في الطرف الإسرائيلي مصلحة في التصعيد – وبالتأكيد ليس عشية الانتخابات – تقرر تركيز الرد ضد «الجهاد الإسلامي» فقط.
ولكن في عملها ضد هذا التنظيم أيضا، المسؤول مباشرة عن التصعيد، حرصت إسرائيل على العمل بشكل محسوب. فالغارة في دمشق لم تستهدف تصفية نشطاء (بخلاف الغارة السابقة في تشرين الثاني، والتي حاولت فيها إسرائيل وفقا لمنشورات أجنبية تصفية أكرم العجوري، نائب زعيم التنظيم) بل ضد بنى تحتية مادية، وكذا في الغارات الكثيرة التي نفذت في غزة حاولت إسرائيل الامتناع قدر الإمكان عن إيقاع الكثير من الإصابات كي لا توسع دائرة التصعيد.
على أي حال، نفذ «الجهاد» معظم إطلاقات الصواريخ من داخل حفر، بحيث لم يكن ممكنا المس بالنشطاء من خلف النار. ومثلما في جولات قتالية مشابهة في الماضي، نزل كبار المسؤولين تحت الأرض خوفا على حياتهم (وكذا أيضا الكثير من مسؤولي «حماس») حيث إن إسرائيل ركزت غاراتها على مواقع إنتاج الوسائل القتالية وغيرها من منشآت التنظيم.
«الجهاد» هو الآخر حرص على ألا يوسع القتال. فقد ركزت الإطلاقات نحو غلاف غزة والمدن المجاورة، وامتنع التنظيم عن إطلاق صواريخ إلى مدن أبعد – بئر السبع، أسدود وبالتأكيد غوش دان – رغم أن لديه قدرات مثبتة لعمل ذلك. امتناعه عن ذلك أفاد بأن «الجهاد» أيضا سعى لأن يدير الأزمة ويبقيها على نار هادئة، دون المخاطرة بفقدان التحكم وبرد إسرائيلي قاسٍ.
كما هي الحال دوما، في جولة القتال هذه أيضا منحت منظومة الدفاع الجوي حماية قوية لسكان الغلاف. 90 في المئة اعتراض هو معطى أدنى بقليل من ذاك الذي تحقق في حملة «الحزام الأسود» بعد تصفية بهاء أبو العطا في تشرين الثاني (في حينه سجل معدل 94 في المئة اعتراض)، ولا يزال – يعد هذا معطى بالغ الأثر، يعطي إسرائيل طول نفس مهما ويسمح لها بالعمل من الرأس وليس تحت ضغط العديد من المصابين في الغلاف.
كما أسلفنا، فهمت إسرائيل، أول من أمس، أن «الجهاد» يسعى لإنهاء الجولة القتالية الحالية، والتي بدأت كما يذكر بعد تصفية الخلية التي أطلقها التنظيم لزرع عبوة ناسفة على الجدار في جنوب القطاع.
وتطور هذا الحدث إلى صراع عنيف، في ذروته «خطف» الجيش الإسرائيلي جثة أحد «المخربين»، حدث يعد في غزة كإهانة، وأدى إلى الرد.
من المعقول أن يكون ساهم أيضا في رغبة التنظيم في وقف النار القرار الإسرائيلي لإغلاق كل معابر الحدود مع إسرائيل والإغلاق التام لمجال الصيد.
ولكن حتى إذا ما تحقق الهدوء حقا، فمن المتوقع له أن يكون مؤقتا وهشا. ومع أن «حماس» تريد تسوية أوسع، لكن «الجهاد» – الذي يدير سياسة مستقلة، فوضوية، بتشجيع إيراني – سيواصل التخريب على الجهود.
من المشكوك فيه أن تتمكن إسرائيل من مواصلة التجلد على ذلك على مدى الزمن وتسمح للتنظيم بإدارة الحياة في غلاف غزة.
بعد الانتخابات ستكون إسرائيل ملزمة بأن تبلور لنفسها سياسة أوضح. أن توضح لـ»حماس» (ومن خلالها للمنظمات الأخرى في القطاع) أن اللعب انتهى. وأنه إذا لم تتحقق تسوية وتهدئة حقيقيتان، فإنها ستكون مستعدة لأن تسير حتى النهاية كي تحققهما بالقوة.

عن «إسرائيل اليوم»